القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

مخيم "نهر البارد".. مساكن "هشة" وعجلة بناء "بطيئة"

مخيم "نهر البارد".. مساكن "هشة" وعجلة بناء "بطيئة"

الجمعة، 07 تشرين الأول، 2011

ينظر اللاجئون الفلسطينيون في مخيم نهر البارد في لبنان، إلى جهود وكالة الغوث الدولية "الأونروا" حيال إعادة إعمار مخيمهم المدمر، على أنها لا ترتقي للمستوى المطلوب، لعدم توفر أدنى متطلبات الحياة فيها، وافتقارها لنظام صرف صحي صالح مع قدوم فصل الشتاء، إضافة إلى تقيدهم بقوانين حكومية تكبح حرياتهم الإنسانية.

ودارت مواجهات في المخيم الذي يقطنه نحو 38000 لاجئ فلسطيني في مايو 2007، بين الجيش اللبناني وجماعة "فتح الإسلام" ما أدى إلى نزوح سكانه وتدميره بالكامل ومقتل عدد كبير من الطرفين.

وقبل عدة أيام عاد أكثر من 1700 لاجئ فلسطيني إلى مخيم نهر البارد بعد إنجاز المرحلة الأولى من عملية إعادة إعماره، من قبل "الأونروا" وبدعم أجنبي.

وشملت إعادة الإعمار تسليم 370 وحدة سكنية، و56 مؤسسة تجارية وثلاث مدارس من أصل ستة سيجري تسليمهم مستقبلًا. وتتكون عملية إعمار مخيم نهر البارد من ثماني مراحل، وقد بدأ العمل بالمرحلة الثانية، على أن تسلم المنازل في شهرِ فبراير/ شباط 2012.

وتنتظر المراحل التالية تأمين التمويل تمهيدًا لاستكمالها علمًا بأن مؤسسات عربية ودولية ساهمت في تمويل المرحلة الأولى.

صرف صحي رديء

ويؤكد محسن أمين، أحد سكان مخيم نهر البارد، أنه وعلى الرغم من إعادة بناء مساكن في المخيم، إلا أنه يفتقر أشد الافتقار للخدمات الصحية وخاصة الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار.

وقال: "في ساعات متأخرة من ليل السبت الماضي، اجتاحت الأمطار الغزيرة منطقة شمال لبنان وكان لنا نصيب منها في مخيمي نهر البارد والبداوي، ولكن تفاجأت بدخول المياه إلى الطابق الأرضي في منزلي، كما اجتاحت المياه مدرسة طوباس ومستودعا للمواد الغذائية".

وبيّن أمين الذي يعمل مساعد مهندس، أن الأمطار كبدت اللاجئين خسائر كبيرة، وذلك بسبب عدم وجود نظام صرف صحي وتصريف لمياه الأمطار منظم وسليم، وهذا شكل آخر من أشكال تقصير المنظمة الدولية في خدماتها تجاه اللاجئين في المخيمات اللبنانية.

وأضاف: "التقصير واضح من كافة المستويات، فعلى صعيد الأونروا نراها تضخ أموالًا طائلة في مسارات لا تخدمنا بأولوية، في حين لا نجد هذا الدعم بالشكل المطلوب فيما يخص أهم الخدمات التي يجب أن تتوفر لنا". وتابع: "لقد أنفقت الأونروا 120 ألف دولار لإنجاز حفل إنجاز الرزمة الأولى في المخيم، وهذا مبلغ كبير جدًا يصرف على حفل، وكان من الأولى والأفضل أن يتم صرفه في استكمال بناء المخيم".

عجلة بطيئة

من ناحيته، يجد اللاجئ نسيم عواد من المخيم، أن عجلة البناء في المخيم "بطيئة جدًا"، لا تتناسب مع مدى حاجة اللاجئين للعودة إلى مساكنهم في المخيم باعتبارهم لاجئين من دولة أخرى.

وقال: "بالنسبة لإعادة إعمار المخيم، فإن الوضع يزداد سوءًا، والحالة السكنية غير صالحة، ولكن السكان مضطرون للسكن بسبب التهجير الذي يعانون ويلاته، وما يحصل هو أن مدة البناء الذي يحتاج إلى شهر واحد لأن يكتمل إنشاءه، يستمر العمل فيه أكثر من 5 أشهر".

كما بيّن أن هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن الأموال المانحة التي تأتي باسم سكان نهر البارد، "تسرق" من قبل الوكالة الدولية، منتقدًا دور اللجان الفلسطينية وحكومتي غزة والضفة في متابعة أعمال "الأونروا" في المخيم، حيث اتهمهم بالتقصير.

وتابع متسائلاً: "أين ملايين الدولارات التي تحدثوا عنها بأنها ستنفقها بعد معارك نهر البارد؟، نحن لم نحصل على شيء".

وقال: "لقد شعرنا بحالة من عدم الرضا من هذا الأمر، خاصة في حفل الأونروا لإنجاز الرزمة الأولى، فلم يحضر سفراء الدول المانحة إلا قلة قليلة، كما أن أكثر من نصف المقاعد كانت فارغة، بعد أن وجهت الوكالة الدولية نحو 4 آلاف دعوة للحضور".

"غير كافية"

من جانبه، أكد المدير التنفيذي للجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد)، محمد طارقجي، أن عودة هذا الكم من اللاجئين إلى أماكن سكنهم في المخيم "غير كافية"، مشددًا على ضرورة عودة جميع اللاجئين إلى مخيمهم "لأنه رمز للعودة ورمز للصمود الفلسطيني في الشتات".

وبيّن أن الوحدات السكنية أعادت الأونروا بناءها غير صالحه للعيش فيها، لافتقارها لأدنى معايير الإنسانية، مشيرًا إلى أن حجم هذه المساكن صغيرة مقارنة بعدد ساكنيها، كما أنها تفتقر لخدمات الصرف الصحي المناسبة، وتزداد فيها نسبة الإصابة بالأمراض بسبب تلاصقها ببعضها بعضًا.

وحمّل طارقجي "الأونروا" المسئولية الأولى عن حياة اللاجئين، بصفتها هيئة دولية انبثت من الأمم المتحدة التي أنتجت هجرة الفلسطينيين عام 1948، كما قال: "لطالما بقي المخيم مدمرًا فإن هذه مسئولية الأونروا بشكل أساسي".

واتهم الوكالة الدولية باستمرارها في محاولات "التملص والتهرب" من مسؤولياتها بذريعة نقص التمويل، مشيرًا إلى أنها ما كانت لتعمل على توفير الخدمات للاجئين لولا الضغط الشعبي المفروض عليها.

ورغم ذلك إلا أن طارقجي عاد ليؤكد أن هذه الخدمات لا ترتقي للمستوى المطلوب، ولا توفر أدنى شروط الحياة الإنسانية.

وأضاف: "إن الأونروا تعمل وفق سياسة وأجندة محددة، أي مهما دخلت عليها الأموال فلا زيادة في العمل بل في تراجع مستمر، وأغلبية الإنفاق لديها يذهب إلى الحفلات الخاصة والعامة التي يقيمها المدير العام لمباردو وفريقه".

وأكمل: "لقد اثبت السيد لمباردو مدير عام الأونروا في لبنان فشله الذريع ولم يستجب لمطالب الشعب من أجل الرحيل لكنه في نهاية المطاف سيرحل".

أزمات صحية

وفي ذات السياق، قال مدير منظمة "ثابت" لحق العودة في لبنان علي هويدي: "إن الوضع لم يعد يطاق، لقد بتنا نعاني من أوضاع صحية مزمنة مع عدم قدرتنا على تأمين العلاج اللازم لأطفالنا وأهلنا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة".

كما طالب بتحقيق العدل الوظيفي للاجئ الفلسطيني بالسماح له بالعمل كطبيب أو مهندس، وليس كمساعد لهما فقط، مشيرًا إلى أن أبرز ما يضيق على أبناء نهر البارد بشكل مستمر هو انتشار الحواجز الأمنية على مداخل المخيم.

وأضاف: "إن إعادة إعمار مخيم نهر البارد مسؤولية دولية، ولبنان ليس قادرًا وحده على معالجتها، ولكن توفير بقية الأموال اللازمة لاستكمال الخطوات القادمة أمر يحتاج إلى جهد من الحكومة اللبنانية.

وتابع: "هناك العديد من الأمور مطلوبة من الحكومة اللبنانية منها إلغاء التصاريح، وتوفير بيئة آمنة لا أمنية، فضلًا عن المطلب الأول والأبرز وهو العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها عام 1948".

وبيّن هويدي أن الحكومة اللبنانية اتخذت مجموعة من القرارات التي تنتقص من حقوق اللاجئين، لتصبح سارية قوانين: منع التملك، والحرمان من الإرث، وحرمان الفلسطيني من العمل في أكثر من 70 مهنة، ومن حقوقه المدنية، مثل الانتساب إلى نقابات أو جمعيات، ما فاقم معاناتهم وزاد مشاكلهم.

وأكمل: "إن حالتنا نحن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فريدة من نوعها تختلف عن باقي أماكن وجود اللاجئين في الأقطار الخمسة التي تشرف عليها الأونروا، فنحن محرومون من الحقوق المدنية والاجتماعية، كما أن هناك مشكلة حقيقية في التوزيع الجغرافي للاجئين في هذه المخيمات".

وقدم الاتحاد الأوروبي مؤخراً للوكالة الدولية 12 مليون دولار لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما أعلنت السعودية عن تقديم منحة مالية بقيمة 10 ملايين دولار "للأونروا" أواخر أيلول الماضي.

ويقع المخيم في محافظة لبنان الشمالي إلى الشمال عن مدينة طرابلس عند مصب نهر البارد في البحر المتوسط, ويعود تاريخ إنشائه إلى أواخر كانون الأول عام 1949م, وتقدر مساحته وقت إنشائه بنحو 1 كلم2 أما اليوم فتبلغ مساحته حوالي 2 كلم2.

المصدر: عبد الله التركماني - فلسطين أون لاين