مذكرات
لاجئ
الخميس، 14 حزيران، 2012
لقد جعلتني الرياح الجافة
و الساخنة التي هبت في الأيام السابقة أدرك بأن الصيف هذا العام سيأتي باكراً، و بدأت
أفكر في أشياء مثل ملابس صيفية لأطفالي، و متعة الوقوف تحت حمام من الماء البارد، و
الجلوس و اللعب برمال الشاطئ الناعمة مع أطفالي ( حتى و إن لم نستطع السباحة نظرا لتلوث
مياه البحر جراء المياه العادمة). إلا أن هذه المشاهد لا تنقل الصورة كاملة عما يحدث
في غزة منذ أن أغلقت حدودها؛ فقد احتمل سكان غزة العديد من الإجتياحات الأسرائلية العسكرية
و الضربات الجوية كما عانوا من نقص في المواد الأساسية مثل أوراق الكتب، والأدوية و
تطعيم للأطفال.
في طريقي إلي العمل اليوم،
شاهدت طوابير من السيارات تقف أمام محطات البترول، حيث كان العديد من أولئك الناس-
سائقي سيارات ينتظرونً منذ ساعات الصباح الباكر- شاعرين بالسخط الشديد لعدم قدرتهم
علي العمل منذ أسابيع نتيجة لنقص الوقود... كما أن لديهم أسر يعيلونها. يقال بأن الوقود
متوافر إلا أنه علي ما يبدو قرر أصحاب المحطات بيعه في السوق السوداء بأسعار أعلي،
كم أشعر بأني محظوظة لأنني لا أركب السيارة في طريقي إلي العمل. كم تبدو صور طلاب الجامعات
و المرضي وكبار السن و هم ينتظرون في الشارع لساعات طويلة ركوب سيارة مثيرة للشفقة
و محطمة للقلوب.
لقد تغيرت الأوضاع بشكل درامي
منذ أن فرض الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة في يونيو 2007 ، حيث ارتفعت نسبة البطالة
و اعتمد الغالبية من سكان القطاع علي المؤسسات الإنسانية و التعاونية في الحصول علي
معونات غذائية. و إذا ما تعرضت أي من تلك المؤسسات إلي أزمة مالية مفاجئة ستجد العديد
من الأسر الفلسطينية نفسها تتسول في الشوارع.
أما الأسعار فقد تضاعفت في
أسواق غزة إن لم يكن ثلاثة أضعاف،و في الحقيقة تبدو تلك الأسواق شبه خاوية نتيجة للإغلاق-
فنادراً ما تستطيع إيجاد ملابس أو طعام أو علاج بجودة جيدة حيث استغرق مني إيجاد ملابس
صيفية لأطفالي عدة أيام- ليس لأنني شخص صعب إرضاءه بل لأنه لم يعد هناك شيء لشرائه،
أما شراء أحذية فهو قضية أخري لعدم وجود و لو مصنع واحد ينتج أحذية في غزة جراء نقص
المواد الخام.
لقد عانينا من نقص المياه
الصالحة للشرب حتى قبل فرض الحصار على غزة إلا أن الوضع بعد الحصار أصبح أسوأ، فالقضية
الآن ليست مجرد نقص في المياه النظيفة إنما أيضاً قضية المواد الكيميائية- مستهزئا-
التي تضاف إلى المياه لمعالجتها لتصبح صالحة للشرب. لقد سمعت الكثير من التنبيهات بوجوب
غلي المياه قبل استعمالها، ولاحظت منذ ذلك الحين وجود رائحة للمياه التي نستعملها في
الغسل، والطبخ، والاستحمام، ولكنني مضطرةً لاستعمالها لعدم وجود بديل.
المصدر: نجوى الشيخ أحمد
– الأونروا