مريم فتح الله ما زالت تحلم
بالعودة
الجمعة، 19 كانون الأول، 2014
لا تنسى مريم فتح الله عبد الحليم
السعدي قريتها الفلسطينية. فهي محفورة في ذاكرتها منذ هجّرت منها قبل 64 عاماً إلى
لبنان.
مريم من قرية الزيب، قضاء عكا.
والقرية محاذية للحدود اللبنانية. كانت في السابعة عشرة من عمرها، تعمل معلمة للغة
العربية في قريتها. وكان حظها كبيراً في ذلك، بفضل مختار القرية الذي أصرّ على
تعليم الفتيات، أسوة بالبنين.
في القرية تزوجت مريم، لكنّ عصابات
الاحتلال سرعان ما وصلت إلى الناحية، وهجّرت الشعب الفلسطيني منها. تقول إنّ
العصابات الصهيونية دخلت من ناحية نهاريا. فنهب أفرادها البيوت وقتلوا السكان.
واشتبك معهم شباب القرية ووقع الكثير من الشهداء. لكنّ الأهالي لم يجدوا من مهرب
سوى الفرار إلى المناطق القريبة، وهي في لبنان. ليهربوا بعدها باتجاه البحر،
وينتقلوا في المراكب الصغيرة إلى مدينة صور الجنوبية.
تركوا كل ما يملكونه في فلسطين، ولم
يتمكنوا من حمل شيء معهم بسبب الخوف. وفي فلسطين، كان زوجها يعمل فلاحاً في أرضه.
لكنّه في لبنان بات أجيراً.
من صور انتقلت مع زوجها إلى مخيم عين
الحلوة في صيدا. ومن بعدها انتقلا إلى بيروت. وفيها عمل زوجها كأجير في رعاية
حديقة أحد القصور.
أمضى الزوجان ثلاثة وعشرين عاماً من
الزواج، قبل أن ترزق بطفل. ولد ابنها الكبير أكرم معوّقاً. أما ابنتها فلم تعش
أكثر من 8 أشهر، وذلك بسبب تعرضها لوعكة صحية أفقدتها الحياة. كانت قد أطلقت عليها
اسم ليلى، تيمناً بالمناضلة الفلسطينية ليلى خالد التي خطفت طائرة إسرائيلية،
بالتزامن مع ولادة ابنتها. فقد جاء إليها الجيران في منزلها، وطلبوا منها ذلك.
رُزقت بعدها بابنها الأصغر محمود. ليعود محمود نفسه ويسمي ليلى بعد زواجه.
لكنّ مريم لم تنس تراث بلدها، فظلت
تعمل فيه وتعلمه للفتيات الفلسطينيات. تجمعهن في بيتها بمخيم عين الحلوة بعد
انتقالها إليه مجدداً خلال الحرب اللبنانية. علمتهن الحياكة اليدوية، التي تعلمتها
من والدتها، ومن نساء القرية.
نقلت إلى الفتيات طرق حياكة وتطريز
مناديل الرأس. فهي ترى أنّ ذلك يمنع هذا التراث من الاندثار. كما يتيح للفتيات
فرصة الحصول على مهارة يكسبن بها عيشهن إذا اضطرهن الأمر لذلك.
وهو ما حصل معها بالذات بعد وفاة
زوجها. فاصطرت لترك تعليم الفتيات، والعمل في التطريز.
واليوم تعمل مريم من المنزل، وتتابع
رعاية ابنها المعوق. وتبقى فلسطين الحلم الذي لا ينتهي بالنسبة إليها.
المصدر: العربي الجديد