مساعدات
«الأونروا» واليرموك... الكارثة أقرب من أي يوم مضى
السبت، 01 تموز، 2015
تزداد
الأوضاع في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، تدهوراً مع قرار وكالة
"الأونروا" التابعة للأمم المتحدة برفع المخيم عن قائمة المناطق المستحقة
للمساعدة واعتباره منطقة غير محاصرة. في حين تسربت معلومات عن مفاوضات بين النظام السوري
وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تقضي بخروج الأخير من المنطقة الجنوبية
باتجاه درعا.
وزادت
الهدنة التي وقّعها "مجلس شورى" بلدات يلدا، ببيلا، بيت سحم، المجاورة للمخيم
مع النظام السوري، الأوضاع سوءاً في البلدات. وقضت الهدنة بإغلاق جميع الطرق بين هذه
البلدات من جهة ومخيم اليرموك والحجر الأسود من جهة أخرى، ما أدى إلى تدهور الوضع أكثر
في هاتين المنطقتين، باعتبار أن تلك البلدات هي المصدر الوحيد الذي يزوّد سكان المخيم
والحجر الأسود ببعض الأطعمة على الرغم من ارتفاع أسعارها.
وقال
بيان لمجلس شورى تلك البلدات، يوم الأربعاء، إنّه سيتم الإبقاء على طريق واحد، بهدف
إنساني فقط. وأشار البيان إلى أنّ "الطريق سيخضع إلى تدقيق أمني كبير وتفتيش للرجال
والنساء، ويمنع دخول عناصر الفصائل العسكرية مهما كان انتماؤها، إلّا بعد الخضوع للتفتيش"،
موضحاً أنّ هذه الإجراءات جاءت نتيجة ما تعرّض له أهل البلدات الثلاث، في الآونة الأخيرة،
من عمليات اغتيال واستهداف بالمتفجرات والألغام، من قبل المتشددين، وكان آخرها اغتيال
الأئمة في يلدا. كما شدد البيان على أنّه في حال تمّ إلقاء القبض على أي عنصر تابع
لـ"داعش" أو "جبهة النصرة" في تلك البلدات، سيقتل فوراً.
وفي هذا
السياق، قام وفد من وجهاء مخيم اليرموك ورئيس المجلس المدني، فوزي حميد، بزيارة إلى
منطقة يلدا، يوم الخميس، لحل إشكالية إغلاق الطريق. وتعتبر منطقة يلدا المنفذ الوحيد
لدخول المواد والمساعدات الغذائية إلى أبناء المخيم المحاصرين. وتتهم مجموعات المعارضة
المسلحة تنظيمي "داعش" و"النصرة" في مخيم اليرموك والحجر الأسود
باغتيال عدد كبير من عناصرها ومن الناشطين في يلدا.
وكانت
منظمة "الأونروا" التي تُعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، قد أعلنت أنّها
لم تعد تعتبر مخيم اليرموك منطقة محاصرة، وبالتالي أوقفت المساعدات القليلة التي كانت
تقدمها للمدنيين الذين لا يزالون هناك، ويقدّر عددهم حالياً بسبعة آلاف شخص، بعدما
نزح قسم منهم إلى مناطق يلدا وببيلا وبيت سحم، إثر دخول "داعش" إلى المخيم
قبل أشهر عدة.
ويقول
الناشط والإعلامي رامي السيد، المقيم في المخيم، لـ"العربي الجديد"، إنّ
"الأونروا لم تقدم شيئاً للمخيم المحاصر منذ أكثر من 700 يوم، ولم تفتح ممراً
إنسانياً واحداً. واقتصر عملها على توزيع بعض السلل الغذائية عن طريق مناطق مجاورة
للمخيم دخلت في هدن مع النظام السوري. ويضيف السيد أنّ هذه الهدن لا تعني انتهاء الحصار،
الذي لا يشمل الغذاء فقط، وإنّما أيضاً المياه والدواء والخدمات الأساسية من كهرباء
ونظافة وصحة.
ويؤكد
السيد أنّ كل مناحي الحياة متوقفة في اليرموك، ويحتاج المخيم إلى وقفة حقيقية لإنهاء
معاناة سكانه، معتبراً أن الأمم المتحدة فشلت فشلاً ذريعاً على صعيد القيام بواجباتها
الإنسانية والمهنية في المخيم.
وحول
تفشي بعض الأمراض الموسمية في جنوب دمشق، كالحمى على مختلف أنواعها، يشير السيد إلى
أنّ أهم أسباب انتشار الحمى هو عدم توفر مياه صالحة للشرب، إذ قطع النظام السوري المياه
منذ أكثر من 300 يوم عن المخيم. ويعتمد الأهالي على مياه الآبار الشحيحة، وهي في معظمها
ملوّثة وغير صالحة للشرب. ويضيف السيد أنّ الأمور ازدادت سوءاً بعد مغادرة معظم الأطباء
جراء الاشتباكات التي حصلت بين "داعش" و"أكناف بيت المقدس"، وعدم
قدرة من تبقى، وهما طبيبان وبعض المسعفين، على احتواء الوباء.
وأفادت
معلومات صحافية سابقاً، عن وقوع مئات الإصابات بمرض التيفوئيد خلال الشهر الماضي. في
حين أصدرت "الهيئة الطبية العامة في جنوب دمشق" بيان استغاثة، قبل نحو أسبوع،
حذّرت من خلاله من ازدياد وانتشار هذه الأمراض بشكل كارثي.
وكان
مركز "الزيتونة للدراسات والاستشارات"، مقرّه بيروت، قد نشر تقريراً في
4 يوليو/ تموز الماضي، قال فيه إنّ نحو 270 ألفاً من الفلسطينيين في سورية غادروا مناطقهم
باتجاه مناطق أكثر أماناً داخل سورية، بينما غادر مائة ألف خارج سورية. وأشار التقرير
إلى وفاة نحو 2900 فلسطيني في سورية منذ بداية الحرب، حتى أواخر شهر يونيو/ حزيران
الماضي.
وفي ما
يخصّ المفاوضات بين النظام السوري و"داعش"، كشف أمين سر "تحالف الفصائل
الفلسطينية"، خالد عبد المجيد (الموجود في دمشق والمقرّب من النظام السوري)، عن
هذه المفاوضات، مشيراً في تصريحات صحافية في 4 يوليو، إلى أن "اتصالات غير مباشرة
جرت بين داعش وجبهة النصرة وجهات مسؤولة في الحكومة السورية، تهدف إلى انسحاب المجموعات
المسلحة من مخيم اليرموك والمنطقة الجنوبية، إلّا أنّ الاتصالات لم تسفر عنها أية نتائج
حتى الآن".
وأوضح
عبد المجيد أنّ "منظمة التحرير دخلت على خط الوساطة بين الطرفين، لكن داعش والنصرة
طلبا انسحاب 1100 عنصر مع أسلحتهم من المنطقة الجنوبية، التي تضم اليرموك والحجر الأسود
والتضامن، مع تسوية أوضاع أعداد أخرى منهم سيبقون بناءً على إتمام مصالحة ما".
وأضاف أن "النظام السوري وافق على انسحاب المجموعات المسلحة لكن من دون سلاح"،
مشيراً إلى أنهم سيتوجهون إلى محافظة درعا للالتحاق بعناصرهم المقاتلة هناك".
وقال عبد المجيد إنّ "منظمة التحرير أرسلت، مع بداية شهر يوليو، مندوبين عنها
للتفاوض مع داعش، إلّا أنها لم تحقق أي نتيجة، إذ استمر التنظيم في شن الهجوم على المخيم".
غير أن
ناشطين في مخيم اليرموك والمنطقة الجنوبية، استغربوا تصريحات عبد المجيد عن هجمات قام
بها "داعش" ضد قوات النظام على أطراف المخيم، مشيرين إلى أن "داعش"
انسحب من المخيم قبل شهر رمضان الماضي، ولم يبق له أي أثر هناك. ويوضح الناشطون لـ"العربي
الجديد"، أن من يسيطر على المخيم اليوم، هي "جبهة النصرة" بنسبة 90
في المائة مع حركة "أحرار الشام"، إضافة الى بعض الفصائل الفلسطينية، مثل
"أكناف بيت المقدس". في حين تنتشر الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام السوري
على أطراف المخيم، وتوغلت في بعض الأماكن خلال هجوم "داعش" على المخيم، لكن
"جبهة النصرة" و"أحرار الشام" عادا وأبعداها قليلاً، خصوصاً في
شارع فلسطين، بحسب الناشطين.
المصدر:
العربي الجديد