مسيرة في شاتيلا في الأزقة ومن على الشرفات
الإثنين 28 آذار 2011
زينة برجاوي - السفير
منذ العام 1948، اقترن اسم فلسطين بالثورة، واقترن وصف الثورة بفلسطين. منذ العام 1948، والشعب الفلسطيني لا يستكين، لا يستسلم ولا يرضى بأقلّ من العودة بديلاً، وسبيله إليها دوماً «ثورة حتى النصر». بحجة فلسطين، والعودة إليها، مارست الأنظمة العربية القمع في حق شعوبها على امتداد قرون، وبحجة فلسطين، صادرت منظمة التحرير والفصائل الأخرى رأي الفلسطينيين في الصواب وفي الخطأ، وكان الغالب مما أدى الى حال الانقسام والتشرذم الحالية التي لم تشهد لها القضية الفلسطينية مثيلاً على امتداد تاريخها، والتي تمثل تهديداً للقضية يفوق تهديد الاحتلال نفسه خطورة.
ولمّا بدأت الشعوب العربية تثور في وجه طغاتها المحليين، وتعود لتطالب بحقوقها، بما فيها الحق في فلسطين، لم يكن من الممكن للفلسطينيين أن يبقوا بمنأى عن رياح التغيير والتحرر التي تلف الكل من حولهم. ولمّا كان الفلسطينيون رواداً في التحرر وفي الثورة، فهم لم يتوهوا عن شعار الحملة التي أطلقوها من لبنان: «الشعب يريد إنهاء الانقسام»، كي يتفرغ لمقاومة الاحتلال.
اعتصام ومسيرتان نظما في بيروت أمس الأول، تمهيداً لسلسلة من التحركات المنوي تنفيذها في لبنان في إطار الحملة الداعية الى الوحدة الفلسطينية، والتي من المفترض أن تبلغ ذروتها بعد غد الأربعاء الذي يصادف «يوم الأرض».
«مع التنوع والاختلاف، ولا للانقسام» ردد أبناء الأرض التي لم يستسلم أبناؤها يوماً.
نجح شعار «الشعب يريد إنهاء الانقسام السياسي»، الذي رفع في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت أمس الأول، في استقطاب عدد كبير من أهالي المخيّم، الذين انضموا إلى المسيرة الأولى لـ«الحملة الشبابية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية» التي وعد القيمون عليها أن تكون باكورة سلسلة من التحركات التي تهدف الى تحقيق الوحدة بين الفلسطينيين خدمة لأهداف المقاومة والتحرير.
وتوافق المشاركون على عدم الهتاف لأي من القيادات الفلسطينية، مثل «فتح» أو «حماس» بل، على العكس، طالبوا، وعلى مسمع ممثلي الطرفين في المخيم من قياديين ومسؤولين، بإنهاء الانقسام الذي يدفعون هم ثمنه كلاجئين، مجردين من حقوقهم المدنية والإنسانية، وطبعاً السياسية.
وتعتبر المسيرة الأولى من نوعها التي تجوب أزقة المخيم مطالبة باستعادة وحدة الشعب الفلسطيني وقد لاقت صدى واسعاً بين مختلف الشرائح العمرية في المخيم، فتنوع المشاركون من الشيوخ إلى الشباب والنساء والأطفال. وهتف الجميع بأعلى أصواتهم معلنين رفضهم استمرار حال الانقسام.
وتقدمت المسيرة مجموعة من الشبان الذين حملوا علماً فلسطينياً كبيراً وحضرت لافتات بعناوين مختلفة منها: «الشعب يريد مجلس وطني منتخب»، و«فرّق تسدّ: أسلوب من أساليب الاستعمار»، و«الشعب يريد العودة إلى فلسطين»، «خلي تسمع كل الناس، وحدتنا هي الأساس... يا فتح ويا حماس وحدتنا هي الأساس.. ويا هنية ويا عباس وحدتنا هي الأساس...».
وبدت المسيرة أشبه باحتفال نجح في توحيد أهالي المخيم، وكان للأطفال نسبة كبيرة من المشاركة مرددين الشعارات عينها التي سمعوها، إلاّ انه كان من الصعب على ابن الثالثة ترداد الجملة كاملة، فانطلق ينادي بأكثر الشعارات ألفة وهو «الشعب يريد إنهاء النظام».
وبما أن أزقة المخيم لا تتسع لأعداد كبيرة من الناس، فقد شارك بعض الأهالي من شرفات المنازل هاتفين بالشعارات المطالبة بإنهاء الانقسام وبالوحدة الفلسطينية. وساهم وضع طرقات المخيم وعوائق مشاريع البنى التحتية في ابتداع هتافات جديدة فوجد من يهتف «وحدتنا هي أساس القضية، انتبهوا منيح الجورة هون قوية».
وبعد ساعة من الزمن، عاد المشاركون إلى نقطة انطلاق المسيرة من «قاعة الشعب» في شاتيلا حيث تلا أحد «شباب الحراك الشبابي الفلسطيني بياناً باسم الحملة، دعا خلاله «جميع المنظمات الشبابية والطلابية ومؤسسات المجتمع المدني والناشطين الشباب للانضمام والانخراط في الحملة، والتفاعل الجدي مع برنامجها، ليعلو صوت الشباب والجماهير وليرفع العلم الفلسطيني خلف مطلب الشعب بضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية». وأكدّ البيان على «حق الشعب الفلسطيني بالعودة الى دياره التي هُجّر منها العام 1948، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس»، مؤكدين أن الانقسام يخدم الاحتلال وممارساته.
والمسيرة هي فاتحة تحركات أطلقتها الحملة، وأهمها الاحتفال الكبير بـ«يوم الأرض الفلسطيني»، الذي يصادف بعد غد الأربعاء، ومن المتوقع أن يتحول إلى مناسبة لتكريس رفع شعار استعادة الوحدة الوطنية عبر تنظيم احتفالات ومسيرات في المخيمات الفلسطينية كافة، بالتزامن مع مسيرات تُقام في الأراضي المتحلة منذ العام 1948. ومن المقرر أن يوقع المشاركون في الاحتفالات والمسيرات والاعتصامات وحواجز المحبة على عريضة تتضمن شعارات الحملة، كما تعرض أفلام وثائقية حول «يوم الأرض».
ولفت أمين سر الحملة يوسف أحمد لـ«السفير» إلى أن نجاح الحملة من خلال الفعاليات الأولى التي أنجزت، «يعطينا كشباب فلسطيني دفعاً وقوة لنستمر في رفع شعار إنهاء الانقسام»، مؤكداً على «الاستمرار بالتحرك حتى تتم الاستجابة لمطلب إنهاء الانقسام».