مشروع لمعالجة المياه المالحة في سبعة مخيمات
جباية أموال وغياب العدالة التوزيع وسوء الإدارة
تؤكد الفشل
السبت، 08 أيلول، 2012
وقّعت منظمة الأونروا مع اللجان الشعبية الفلسطينية
في لبنان مذكرة تفاهم لبناء محطات معالجة للمياه في سبعة مخيمات فلسطينية في لبنان،
بدعم وتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية.
وتعاني معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان من المياه
المالحة، فضلاً عن النقص الكبير في كميات المياه. وتسبب المياه المالحة مشاكل صحية
واجتماعية، ولها أضرار اقتصادية، حيث يُضطر اللاجئون إلى شراء مياه الشرب، بكلفة دولار
واحد يومياً على الأقل، وإلى إصلاح أنابيب المياه والأدوات الصحية بنحو دائم. فالمياه
المالحة تعطل الغسالات وتؤذي الثياب وتسقط الشعر وغير ذلك من الأضرار.
وسبب ذلك أن معظم المخيمات تعتمد في استخدام المياه
على الآبار الجوفية، وهي غير متصلة بشبكة المياه التابعة للحكومة اللبنانية، التي تمنع
إدخال المياه العذبة إلى المخيمات.
كيف بدأت القصة؟!
تشير المعطيات إلى أن وفداً من الأونروا من لبنان
كان يشارك في سويسرا في مؤتمر عن العلاقة بين المياه والبيئة، فقال أحد أعضاء وفد الأونروا
في لبنان في كلمة له: إنكم تناقشون هذا العنوان، بينما هناك مخيمات فلسطينية في لبنان
تقع وسط المدن ولا تحصل على مياه للشرب.
فاستوقف هذا الأمر السويسريين الذين كلفوا وفداً
قام بزيارة المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتوصل إلى إعداد مشروع لإنشاء محطات معالجة
للمياه في سبعة مخيمات، هي: شاتيلا، برج البراجنة، مار الياس، ضبية، البداوي، المية
ومية والجليل.
وتبلغ قيمة المشروع مليونين ومئتين وستين ألف دولار
أميركي، تنفذه الأونروا على مدى سنتين من الزمن.
ويهدف المشروع إلى توفير بيئة صحية للاجئين الفلسطينيين،
والحدّ من الأمراض والوقاية منها، من خلال توفير مياه صالحة للشرب. والأهم من ذلك،
ستمد الوكالة السويسرية الأونروا بثلاثة خبراء فنيين سويسريين للمشروع.
التوقيع
وقعت «الأونروا» واللجان الشعبية في المخيمات الاتفاقية
رسمياً، حيث دخلت حيّز التنفيذ. وانبثق من المشروع لجنة للمياه ضمن مذكرة مشتركة بين
الطرفين، تهدف إلى تطبيق المشروع وتشغيله وصيانته في المخيمات وضمان استمرارية التزويد
بالمياه الصالحة للشرب، بكمية تصل إلى خمسين ليتراً للفرد الواحد يومياً. ذلك مقابل
مساهمة مقبولة من المستفيدين تسمح في تسديد مجمل المصاريف الجارية، والناشئة عن تشغيل
المعدات وصيانتها. ويقوم الطرفان بتحديد ومراجعة المبلغ الشهري كل ستة أشهر، استناداً
إلى كلفة التشغيل للفترة السابقة. وتشير المذكرة إلى أنه إذا «لم يرغب المستفيدون من
المساهمة، فإنه سيصار إلى خفض كمية المياه إلى خمسة أو عشرة ليترات للشخص الواحد يومياً
مجاناً في نقطة التوزيع الأساسية، تلبية للحق الأساسي في الحصول على المياه».
وجاءت المذكرة شرطاً أساسياً لبدء تنفيذ التدابير
البناءة الواردة في المشروع، التي تندرج في مرحلتين. يجري في الأولى الإعداد والتخطيط
للتنفيذ، وتركيب محطات تكرير المياه وتصليح المعدات الموجودة والبدء بتشغيل شبكة التزويد
بالمياه كاملة من الآبار إلى المساكن. وفي المرحلة الثانية يُدرَّب أعضاء لجنة المياه
على تشغيل محطات تكرير المياه وصيانتها، وإدارة شبكات التزويد بالمياه بأكملها لمدة
سنتين.
ملاحظات على المشروع
نسجل على مشروع إنشاء محطات معالجة للمياه الملاحظات
الجوهرية الآتية:
1- ستزود الأونروا
الفرد يومياً بمعدل 50 ليتراً من مياه الشرب والاستخدام، وهي كمية قليلة جداً، لا تتناسب
مع الأوضاع في المخيمات، والحياة العادية والتقاليد الاجتماعية، والأوضاع البيئية،
حيث تساهم الحياة التي يعيشها اللاجئون في صرف كميات كبيرة من المياه.
2- إن الأونروا ستموّل
عملية استمرار محطات الضخ من جيوب اللاجئين، حيث إن الوكالة السويسرية للتنمية ستدفع
كلفة إنشاء المحطات. أما تسييرها فسيكون من خلال جباية الرسوم المقدّرة شهرياً بنحو15
دولاراً شهرياً لكل عائلة، وهذا يعني أن الأونروا ستحصل على جباية من اللاجئين لقاء
الخدمات التي تقدمها لهم، وهي قاعدة مرفوضة.
3- من خلال هذا المشروع،
ستضع الأونروا يدها على آبار المياه الموجودة داخل المخيمات وستحولها لمصلحة مشروع
المعالجة الجديد، وهي آبار تعود ملكيتها للقوى الفلسطينية التي حفرتها مثل حماس وفتح،
وللجمعيات الخيرية، أي باختصار، ملكية الآبار للأهالي واللاجئين.
4- معيار العدالة
في توزيع المياه غير متوافر مطلقاً في مشروع التعاون هذا. فنظام التوزيع لا يشمل وجود
عدادات للمياه، تضمن وصول المياه إلى المنازل بالكميات التي تحتاجها، وهذا يعني أن
عائلة مؤلفة من ثلاثة أفراد ستصلها كمية مياه موازية لعائلة مكونة من عشرة. وما يزيد
الأمر سوءاً، أن العائلة المكونة من ثلاثة أفراد ستدفع رسوماً مساوية للعائلة المكونة
من عشرة.
5- الأسوأ من ذلك
أن استمرار ضخ المياه من المحطات التي أنشأتها الأونروا مع الوكالة السويسرية للتنمية،
يعتمد على الجبايات التي ستحصل عليها لجنة المياه المشتركة من الأهالي، وهذا يعني أن
استمرار المشروع يتوقف على الجباية، وجباية الأموال في المخيمات الفلسطينية مسألة معروفة؛
إذ ليس لأحد القدرة على الجباية ولا ثقة بمعظم الجباة بسبب فسادهم، والمدعومون سياسياً
وعسكرياً وأمنياً لا يدفعون أموالاً، ويحصلون على الكهرباء والمياه مجاناً.
هذا الكلام يعني أن الضعفاء والفقراء سيدفعون، والمتنفذون
لا، وهذا الأمر يهدد بقاء المشروع واستمراره؛ لأنه كلما نقصت الأموال، قلّت قدرة المحطة
على ضخ المياه؛ إذ لا قدرة للأونروا على منع تزويد الناس بالمياه، ولا قدرة على جباية
الأموال بالإكراه، ولا قدرة على وقف المياه عمّن لا يدفع. وهذا الأمر سيؤدي حتماً إلى
توقف المشروع، وهو ما احتاط له المنفذون الذين نصوا في مذكرة التفاهم على أنه في حالة
نقص الأموال سيكون الضخ بمعدل 5 إلى 10 ليترات من محطات الضخ الرئيسية أي عند مركز
المعالجة.
خاتمة
مرة جديدة تكون الأونروا قد أكدت أنها منظمة ضعيفة
وفاسدة ومتورطة في صفقات مالية بين المسؤولين عنها والمنظمات المانحة. فمشروع الضخ
هذا سبقه مشروع للبنية التحتية في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا بقيمة ستة ملايين دولار
تقريباً، ودفنت هذه المبالغ في الرمال، حيث إنه إلى اليوم لم يُشغَّل هذان المشروعان
اللذان انتهيا في شاتيلا قبل سنتين وفي البرج قبل سنة، بسبب سوء الإنشاء والتجهيز.
وترفض اللجان الشعبية في المخيمات تسلّم هذين المشروعين.
مشروع المياه في سبعة مخيمات سيكون شكلياً وعبارة
عن صورة أو هيكل عظمي لا غير.
المصدر: رأفت مرة، مجلة العودة، العدد الـ60