معبر رفح.. فرحة العودة إلى السجن
الأربعاء، 27
أيار، 2015
لم يتمالك المسن سليمان عصفور (80 عامًا) نفسه
وأجهش بالبكاء فور دخوله قطاع غزة عبر معبر رفح البري مع مصر بعد فتحه اليوم الثلاثاء
للسفر في اتجاه واحد لعودة العالقين فقط (من مصر لغزة) لأول مرة منذ إغلاقه في 11 مارس
الماضي.
وأخذ المسن عصفور يسير بخطوات ضعيفة وهو يتكئ
بإحدى يديه على عكازه فيما يُسانده رجل أمن من اليد الأخرى حتى وصل إلى غرفة الجوازات
في المعبر.
وقال لوكالة "صفا" إنه ظل عالقا منذ
أشهر في المملكة العربية السعودية ونحو 26 يوما في مدينة العريش المصري بانتظار فتح
معبر رفح ليتمكن من العودة إلى منزله الأمر الذي تحقق أخيرا اليوم.
وأظهر المسن عصفور قدرا هائلا من الإرهاق والمشقة
التي عانها في رحلة عودته "فالأوضاع صعبة للغاية ولو تأخرت أكثر في العودة لساءت
صحتي أكثر خاصة في ظل صعوبة الطريق بسبب الوضع الأمني في سيناء".
وفتحت السلطات المصرية قبل ظهر اليوم معبر رفح
أمام عودة العالقين فقط إلى قطاع غزة على أن يستمر فتحه يوم غد وذلك بعد مناشدات من
ألاف العالقين في مصر ودول أخرى تقطعت بهم السبل دون العودة للقطاع.
عودة للحياة
ورغم علامات الإرهاق ومشقة السفر التي غلبت وجه
الشاب سليمان أبو عمرة (27 عاما) الذي عبر غزة للتو عائدا من هولندا بعد رحلة سفر مريرة
بحثًا عن فرصة هجرة فإن السعادة بدت أكثر من علامات ذاك الإرهاق.
وكأن فرحة العودة سالمًا للوطن أضحت كما
"أن تعود للحياة، بعد أن التقطت أنفاسك" وأكثر من فرحة السفر بسهولة لتحقيق
عبر معبر أو مطار أمن نحو الحُلم الذي تريده سواء "لإكمال المسيرة الدراسية، العلاج،
الإقامة الدائمة، العمل".
فأينما وقع نظرك في صالة القادمين من المعبر،
تجد من يبكي فرحًا، ومن يسجد، ومن يعانق ذويه وأقربائه، وكأنه كان مفقودًا، ومن استقبلته
عائلته بموكب سيارات لاستقباله، وأخرين زينوا سيارتهم فرحا وبهجة بالعودة.
طرق خطرة وشاقة
ويقول الشاب أبو عمرة إنه غادر إلى هولندا بغرض
الهجرة قبل نحو ثلاثة أشهر ولم يعجبه الحال هناك فقرر العودة لكنه اضطر للانتظار أكثر
من شهرين فتح المعبر من اجل العودة أخيرا.
واشتكى أبو عمرة من تعقيدات واجهتهم في طريق عودتهم
خصوصا في منطقة بئر العبد وسط سيناء حتى معبر رفح "حيث كنا نسمع خلالها صوت إطلاق
نار، لا نعلم من أين وعلى من وشاهدتنا كثافة الحواجز الأمنية".
ووصف هذا الشاب تكدس مئات العالقين الراغبين بالعودة
إلى غزة على الجانب المصري من المعبر بالمشهد الإنساني "الصعب والمأسوي بما يعكس
التأثير الكبير لإغلاق للمعبر ومدى الحاجة الماسة له من قبل سكان القطاع".
نفاد الأموال
أما أيمن حماد (45 عاما) فلا يختلف حاله كثيرًا،
والسعادة تغمره بينما يحمل على ظهره عددًا من الحقائب ينزلها من الحافلة إلى عربة صغيرة
بعد أن تخلص أخيرا من واقع النزوح بانتظار فتح معبر رفح من أجل العودة.
ويبين حماد أنه غادر قبل ثلاثة أشهر إلى الإمارات
العربية بغرض تجديد الإقامة هناك والعودة بعد أيام لكن انقطعت به السُبل بعد إغلاق
المعبر لمدةٍ طويلة وبقائه عالقًا في الخارج لحين أخذ تأشيرة دخول لمصر فور فتح المعبر.
وكابد هذا الشاب طوال فترة إغلاق المعبر أزمة
مالية كون تكاليف الإقامة في الإمارات مرتفعة ليس بمقدوره توفيرها.
ويلفت إلى أن المعاناة لم تقتصر عليه فحسب، بل
قابل الكثير من القادمين من مختلف الدول العربية والأجنبية عالقين مثله، ومروا في ضوائق
مالية، بعد أن نفدت الأموال بحوزتهم وأنهكتهم الحياة بالإيجار والبُعد عن الأهل.
حركة ضعيفة
ورغم اقتصار فتح معبر رفح على السفر في اتجاه
واحد فإنه لم يشهد حركة مشجعة لتوافد العالقين.
وأفاد رئيس الهيئة العامة للمعابر والحدود في
غزة ماهر أبو صبحة بأن 171 شخصا فقط دخلوا إلى القطاع عبر المعبر والسبب أن شبكة الحاسوب
في الجانب المصري لا تعمل.
وذكر أبو صبحة أنه من المتوقع نوم المئات من المسافرين
في الصالة المصرية من العبر بانتظار عمله يوم غد، منبها إلى أن "كارثة" كانت
ستلحق بالمسافرين بسبب تعطل شبكة الحواسيب حال كان تم فتحه في كلا الاتجاهين.
وجاء فتح المعبر للسفر في اتجاه واحد وسط تكرار
المطالبات بفتح المعبر في كلا الاتجاهين لعودة العالقين وسفر من هم بحاجة ماسة من المرضى
والطلاب والإقامات والزوجات العالقات.
وحسب هيئة الحدود والمعابر فإن أكثر من 15 ألف
سجلوا للسفر من الحالات الإنسانية منهم ثلاثة ألاف مريض نصفهم مرضى سرطان يصارعون الموت،
وأكثر من 2500 طالب سيفقدون مستقبلهم التعليمي.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مشدد يحوله
إلى ما يشبه السجن لمليوني فلسطيني يعيشون فيه.
المصدر: وكالة صفا