مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.. اللاجئون الفلسطينيون في الأردن يستقبلون شهر رمضان وسط صيفٍ ساخن
الثلاثاء، 07 آب، 2012
تعيش المخيمات الفلسطينية في الأردن شهر رمضان المبارك وسط حالة اقتصادية توصف بـ"الصعبة"، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وما يقابله من ضيق ذات اليد في توفير الاحتياجات الأساسية من الأغذية. ينطلق خالد عبد اللطيف كل صباح إلى عمله في مهنة "القصارة والبناء"، وهو ربّ أسرة تتكون من 5 أبناء، ويعمل طوال النهار، فيواجه حرّ الصيف لتوفير حاجات أسرته من الغذاء.
ينطلق خالد عبد اللطيف كل صباح إلى عمله في مهنة "القصارة والبناء"، وهو ربّ أسرة تتكون من 5 أبناء، ويعمل طوال النهار، فيواجه حرّ الصيف لتوفير حاجات أسرته من الغذاء.
يقول خالد إن العمل في شهر رمضان صعب للغاية مع ارتفاع درجات الحرارة، ولكنه يصرّ على الاستمرار في العمل والخروج مبكراً من مكان سكنه في مخيم البقعة، أكبر مخيمات اللاجئين، ليس في الأردن فقط، بل في العالم أجمع.
وما إن ينتهي خالد من عمله، حتى يباشر في توفير بعض السلع استعداداً لساعات الإفطار.
وكما هي حال خالد، تتشابه أحوال سكان المخيمات في الأردن بحالات الفقر والبيوت التي لا تزال جدرانها تتلون بشكل يدل على قِدم تلك الأبنية وصعوبة المعيشة فيها.
تتوافر في شهر رمضان حملات توزيع الطرود الغذائية وملابس العيد التي تتبناها الجمعيات الخيرية العاملة في المخيمات، وتبدأ بتوزيع الأغذية على الفقراء والمحتاجين في المخيمات، وتنشط أيضاً حملات الإفطار وتوزيع الوجبات ساعة الإفطار.
كذلك يواصل سكان المخيم طلبهم بالحصول على الأغذية الخجولة التي تقدمها وكالة الغوث صباح كل يوم، والتي تُعَدّ خجولة ولا توفر حتى وجبة غذائية جيدة للأسرة.
أجواء شهر رمضان تختلف في المخيمات الفلسطينية عن غيرها من الأماكن؛ لأنها - كما تقول الطالبة رهف البالغة من العمر 16 عاماً - تأتي من مرارة الأيام، ومن الفقر الذي يعيشه سكان المخيم، ومن الجدران التي تكاد تتهاوى على رؤوس سكانها، ولا تكاد تحميهم من برد الشتاء وحر الصيف.
في الطرف الآخر من المعادلة، تبدو صورة التكافل الاجتماعي حاضرة في سكان المخيمات، حيث تحافظ الأسر على الألفة من خلال تبادل طبقات الإفطار بين البيوت، كما تفعل ربة البيت ليلى أنور التي تسكن مخيم جبل الحسين وتعمل على صنع وجبة الإفطار وإيصال ما تصنعه إلى جيرانها الذين تسكن معهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
تصف ليلى التكافل الاجتماعي الحاصل في المخيمات بأنه دليل على وحدة حقيقية وتماسك الجيران فيما بينهم. تقول إنه لا فرق في المخيم بين أصحاب الدخل الجيد والآخرين الذين تكون أوضاعهم المعيشية صعبة. هناك تكافل حقيقي؛ فشهر رمضان شهر فضيل، ويعلم فيه الناس قيمة الأجر والثواب.
وتتحدث ليلى عن تزيين شوارع المخيمات في شهر رمضان، ترحيباً بحلول الشهر الفضيل، بهدف رسم البسمة على وجوه الأطفال؛ فهم ـــــ كما تقول ـــــ ليس ذنبهم، ومن حقهم أن يفرحوا بشهر رمضان وبالعيد.
ومن مشاهد حضور شهر رمضان في المخيمات الفلسطينية، وضع الأسر فانوس رمضان والأهلّة على أبواب المنازل، لصنع سكان المخيم بهجة ترحيباً بالشهر الفضيل.
ويستذكر الحاج خليل الشافعي قدوم شهر رمضان في فلسطين وكيفية الأجواء التي عاشها في أيام طفولته في مدينة اللد التي هُجِّر منها في عام 1944، ويصف الأجواء الرمضانية بأنها كانت مختلفة عمّا هي عليه خارج فلسطين؛ فالإنسان خارج وطنه بلا حياة، كما يقول الحاج خليل.
ولا ينسى أطفال المخيم العودة إلى فلسطين؛ فيكتبون على جدران البيوت عبارات الترحيب بشهر رمضان، حيث يكتب الأطفال بكل الخطوط: "كل عام وفلسطين بخير"، و"كل عام وأنتم بخير يا أهل الضفة الغربية".
وفي كل عام يأمل سكان المخيمات أن يأتي شهر رمضان مختلفاً عمّا اعتادوه، وأن يصلّوا في المسجد الأقصى وقد تحررت فلسطين من الاحتلال وعاد أهلها إلى سكنهم بصحبة جيرانهم وأقاربهم.
المصدر: مجلة العودة العدد التاسع والخمسون