القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

منظمة ثابت... خمس سنوات من العطاء في قضية اللاجئين

منظمة ثابت... خمس سنوات من العطاء في قضية اللاجئين
 

الثلاثاء، 10 نيسان، 2012

ينشط في لبنان العديد من المؤسسات والمنظمات غير الحكومية التي تحمل أهداف التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وترفض كافة أشكال التوطين والتهجير، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة للضغط على الحكومة اللبنانية المضيفة لتوفير الحقوق المدنية والاجتماعية والعيش بكرامة إلى أن تتحقق العودة، مستخدمة بذلك وسائل وآليات مختلفة. وهذه المؤسسات التي يصعب حصرها ليست منتشرة فقط في المخيمات والتجمعات، بل أيضاً في المدن اللبنانية ومناطق أخرى. ولم تكن هذه الجمعيات والمؤسسات لتنشط وتتوالد إلا نتيجة إدراك اللاجئين أهمية القضية الفلسطينية عموماً وقضية اللاجئين وحقهم في العودة على وجه الخصوص، وفهمهم لما يدور بالسر والعلن من مخططات لا تستهدف فقط شطب قضية اللاجئين وحقهم في العودة، بل شطب جميع مكونات القضية الفلسطينية خدمةً للمشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة.

دوافع انتشار مؤسسات العودة

هذا وقد توسعت تلك الجمعيات وازدادت انتشاراً مع بروز أكثر من استحقاق استراتيجي بدأ مع مرحلة التراجع عن المطالبة بتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، وتحديداً مع برنامج النقاط العشر في عام 1974، وبعد ذلك مع مؤتمر مدريد في عام 1991 الذي كرَّس مبدأ الأرض مقابل السلام، وبعد ذلك جاء مؤتمرأاوسلو في عام 1993 ليمثّل ضربة قاصمة لقضية اللاجئين وحقهم في العودة من خلال تأجيل البحث في قضية اللاجئين إلى المرحلة النهائية من المفاوضات، بالإضافة إلى ما تواجهه قضية اللاجئين من محاولات تصفية يشارك فيها الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية، وللأسف، حتى البعض من أوساطنا الفلسطينية.

في ظل هذا الحراك، برزت الحركة الشعبية للدفاع عن حق العودة بشكل عمل مؤسسي غير حكومي ليس فقط في مخيمات وتجمعات الشتات، بل كذلك على مستوى الانتشارالفلسطيني في مختلف دول العالم. والوجود الفلسطيني في لبنان كان له دوره في هذا المجال الذي تحرك بشكل ناشط لمواجهة هذا التصعيد الممنهج الذي يتطلب المزيد من الخطط والبرامج والأنشطة الإبداعية الخارجة عن السياق التقليدي، على اعتبار أن العمل في لبنان يأخذ بعدين: الأول إبقاء شعلة التمسك بحق العودة ورفض التوطين متوهجة لدى اللاجئين. والثاني المحاولة الدائمة لإقناع مجموعة مهمة من السياسيين اللبنانيين بأن توفير حقوقنا المدنية والاجتماعية المحرومين إياها لعقود من الزمن كلاجئين، لن يثنينا عن التمسك بحقنا بالعودة ورفضنا للتوطين والتهجير، وبأن البوصلة بالنسبة إلينا لم تنحرف بإجماع جميع الطيف الفلسطيني في لبنان من فصائل وقوى فلسطينية ولجان شعبية وأهلية ومؤسسات مجتمع مدني بأننا كلاجئين ليس لنا إلا فلسطين سبيلاً. لكن إلى أن يتحقق هذا، لا بد من توفير مستلزمات التمسك بحق العودة ورفض التوطين والقضاء على كل مسببات أشكال ومظاهر التوترات الأمنية والاجتماعية في المخيمات، وهذا لن يتحقق إلا إذا مارس اللاجئ الفلسطيني في لبنان حياته الطبيعية بأن ينال حقه في العمل والتملك وحرية التنقل.

انطلاق ثابت

في ظل ما تقدم، تأسست منظمة «ثابت» لحق العودة في بيروت في الثاني والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر 2006 برعاية كريمة من دولة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الدكتور سليم الحص، كمنظمة غير حكومية مهمتها الرئيسية التمسك بحق العودة ومحاربة كافة أشكال التوطين والتهجير للاجئين والتمسك بالهوية الفلسطينية، ورفع مستوى الوعي تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إن على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي والتمسك بالأونروا كمؤسسة دولية شاهدة على جريمة نكبة فلسطين، على أن تقبل «ثابت» التبرعات المالية والعينية غير المشروطة. وكمؤسسة تشكل عنصر تكامل مع بقية المؤسسات الرديفة على قاعدة المنافسة الشريفة واحترام الخصوصية، حددت «ثابت» رسالتها انطلاقاً من قناعاتها العميقة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها إبان النكبة في العام 1948 إذ تعمل «ثابت» بهيئتها التأسيسية ومتطوعيها وبالتنسيق مع المؤسسات الأهلية المحلية والدولية واللجان الشعبية واللجان الأهلية وجمعيات قرى فلسطين والفصائل الفلسطينية والهيئات والجمعيات والمرجعيات الدينية واللجان الشعبية والمجتمع المحلي، لرفع مستوى الوعي لدى النخب والجماهير، بغض النظر عن اللون أو الجنس أو المعتقد أو العمر، من خلال برامجها وأنشطتها المتكاملة.

ولتحقيق هذه الرؤى والقناعات تتنوع الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها «ثابت» من تنظيم المؤتمرات والندوات والمحاضرات والمعارض والدورات التدريبية والحملات الإعلامية وإعداد الأبحاث والدراسات والتقارير والمقالات والمواقف، وتفعيل العلاقات العامة، ولا سيما مع مؤسسة رئاسة الجمهورية اللبنانية، بالإضافة إلى عقد الندوات الشعرية واستقبال الباحثين والوفود العربية والأجنبية، ولعل أبرزها استقبال وفد برلماني بريطاني وأوروبي من خلال مركز العودة الفلسطيني في لندن ومجلس العلاقات الفلسطينية والأوروبية من بروكسل بالتعاون مع «ثابت» في السابع والثامن من شهر شباط من عام 2011؛ إذ هدفت الزيارة إلى التعرف إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومعاناتهم الإنسانية والمساهمة في عملية الضغط على صانع القرار في لبنان وخارج لبنان للحصول على حقوقنا المدنية والاجتماعية ،حيث زار الوفد رئيس الجمهورية والرئيسين نجيب ميقاتي وسعد الحريري وعقد لقاءً في مجلس النواب اللبناني مع عدد من النواب برئاسة مسؤول العلاقات الخارجية في مجلس النواب الدكتور عبد اللطيف الزين، حيث كان الرئيس نبيه بري خارج لبنان، وزيارة وزير الخارجية والمغترين السابق يحيى الشامي. وأيضاً كان للوفد زيارة لمقبرة صبرا وشاتيلا وإحدى العائلات اللاجئة في مخيم شاتيلا وزيارة مخيم نهر البارد ومركز المرأة الفلسطينية للتطريز والأشغال اليدوية التابع لمنظمة «ثابت»، ومخيم برج البراجنة وزيارة سفيرة بريطانيا ولقاء مع سفيرة الاتحاد الأوروبي ولقاء مع تحالف القوى الفلسطينية والسفير الفلسطيني السابق عبد الله عبد الله ومسؤول العلاقات الخارجية في حركة حماس أسامة حمدان والمدير العام للأونروا سلفاتوري لمباردو. وقد طورت «ثابت» مشروع يحافظ على التاريخ الشفوي الفلسطيني من خلال مشروع «حكواتي الوطن والعودة» الذي تم تطويره إلى «حكاية قرية من فلسطين» والذي تناول إحياء قرية كويكات في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين وإحياء ذكرى 36 قرية هي قرى سهل الحولة للاجئين الفلسطينيين، بمشاركة الفنان الفلسطيني أبو عرب، وكذلك إحياء ذكرى قرية صفورية في مركز معروف سعد الثقافي في مدينة صيدا. وقد نظمت «ثابت» رحلة لكبار السن إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، فضلاً عن تنظيم نصف ماراثون العودة الذي استهدف مختلف الفئات العمرية والذي انطلق من منطقة صور في جنوب لبنان، وتحديداً من أمام مخيم البص للاجئين الفلسطينيين إلى أقرب نقطة فاصلة مع الحدود مع فلسطين المحتلة. ولعمل «ثابت» مساحة مهمة لإحياء المناسبات كذكرى النكبة ويوم الأرض وتاسيس الأونروا ومجزرة صبرا وشاتيلا ووعد بلفور ويوم اللاجئ العالمي ويوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وغيرها من المناسبات. وربما كان الأهم المشاركة في الإعداد لمسيرة العودة إلى منطقة مارون الراس مع الحدود مع فلسطين المحتلة العام الماضي 2011. ويُعَدّ وجود الموقع الإلكتروني للمؤسسة نافذة مطلة على أوضاع اللاجئين وتحديثها يومياً. وبرزت أهمية التواصل مع العالم الخارجي للتعريف بقضية اللاجئين في لبنان من خلال المشاركة والتنسيق في المؤتمرات والمعارض الإقليمية والدولية واكتساب عضوية اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي، فضلاً عن اللقاءات الإعلامية الإذاعية والتلفزيونية.

وقد صدرت لثابت مجموعة من الأبحاث والدراسات، أبرزها توثيق المخيم الفلسطيني الذي صدرت منه ثلاثة كتب، هي «مخيمات برج البراجنة وشاتيلا والبرج الشمالي»، وكتاب «مخيم البداوي» الذي أصبح جاهزاً للطباعة، فضلاً عن توثيق القرية الفلسطينية الذي صدر منه كتاب «قرية شعب». وأطلقت «ثابت» بالتنسيق مع الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين سبعة أبحاث متخصصة من خلال مسابقة لأفضل بحث عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في عام 2007، بالإضافة إلى إجراء استطلاع للرأي أجري في عام 2009 عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وإجراء استطلاع آخر في الذكرى الستين لتاسيس الأونروا بالشراكة مع مركز العودة الفلسطيني في لندن وتجمع العودة الفلسطيني «واجب» في دمشق. وكان لثابت إصدار كتاب مشترك مع تجمع «واجب» بعنوان «الموقف الإسرائيلي من قضية اللاجئين»، بالإضافة إلى كتيّب توثيقي عن قرية صفورية، وتوزيع أكثر من عشرة آلاف خريطة فلسطينية في لبنان، وإصدار قرص أناشيد مشترك للفنان عبد الفتاح عوينات بعنوان «حن الوطن»، فضلاً عن إصدار «ثابت» لقرص أناشيد آخر للفنان الفلسطيني أبو عرب بعنوان «فلسطين تعود». وبعد تدمير مخيم نهر البارد في عام 2007، افتتحت «ثابت» مركز المرأة الفلسطينية للتطريز في مخيم نهر البارد في عام 2008، وأُطلقت خمسة تقارير دورية عن «ما لا يعرفه الكثيرون عن مخيم نهر البارد» وأُقيمت مسابقة أفضل رسوم للطلاب بالتنسيق مع وكالة الأونروا في مناسبة يوم الأرض في عام 2008. وقد أسهمت «ثابت» في حل مشكلة «قصر الموت» في مخيم المية ومية بالتنسيق مع الأونروا في عام 2011، حيث منعت حدوث كارثة إنسانية. وقد انفردت «ثابت» ببعض المبادرات التي نعتقد أنها أسهمت في إضافة المزيد من المعلومات عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حين جرى تعميم معلومات عن عدد تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويصل عددها إلى 58 بالاسم ومكان المنطقة. هذا وقد بادرت «ثابت» بعد الشهور الأولى لتأسيسها بتثبيت لوحات على مداخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تشير إلى اسم المخيم وسنة التاسيس والمسافة التي تبعد المخيم عن الحدود مع فلسطين المحتلة. ومؤسسة «ثابت» هي جزء من 12 مؤسسة أهلية محلية ودولية تمثّل تجمّعاً خاصاً للمطالبة بحق التملك للسنوات الثلاث القادمة من عام 2011 وحتى عام 2013 بعد أن نشط التجمع للمطالبة بحق العمل خلال سنة 2010. ومنذ انتقالها إلى مدينة صيدا في مطلع شهر شباط من عام 2012، نشطت «ثابت» لتنسج بداية مروحة من العلاقات العامة في المدينة وضواحيها، فقامت بزيارة سماحة مفتي صيدا والجنوب سليم سوسان وسعادة محافظ لبنان الجنوبي الأستاذ نقولا أبو ضاهر ورئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي ورئيس بلدية صيدا الأسبق الدكتور عبد الرحمن البزري ورئيس التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد. هذا وقد تناولت «ثابت» قضية عائلة اللاجئ علي بورشلي في مدينة صيدا التي تعيش وضعاً إنسانياً صعباً، الأمر الذي أوجد حالة من الحراك المؤسسي على مستوى خدمات العمل الإغاثي أو على المستوى الإعلامي. هذا وقد ساهمت «ثابت»، بالتنسيق مع أكاديمية دراسات اللاجئين، في توفير منح لمجموعة من الطلاب اللاجئين في لبنان والطامحين إلى نيل دبلوم في دراسات اللاجئين، فضلاً عن إعطاء محاضرات في الأكاديمية حول «مدخل إلى قضية اللاجئين» و»اللاجئون الفلسطينيون في لبنان».

وقد حظيت ثابت بفرصة لقاء فخامة رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود في 14/5/2007 والحالي العماد ميشال سليمان بتاريخ 25/6/2008، وذلك لبحث موضوع حقوق اللاجئين الفلسطينيين المدنية والاجتماعية على قاعدة رفض التوطين والتمسك بحق العودة تماشياً مع مقدمة الدستور اللبناني ورغبة اللاجئين الفلسطينيين على حد سواء.

وعلى قاعدة أننا كلاجئين وحدة واحدة لا تتجزأ في أماكن اللجوء والشتات والمنافي، أصدرت «ثابت» العديد من المقالات والبيانات والمواقف التضامنية، سواء مع إخواننا اللاجئين من فلسطينيي العراق، فاستنكرت الحملة المنظمة التي تستهدف تهجيرهم من العراق أو أعمال القتل التي يتعرضون لها في دول الهجرة واللجوء، أو المواقف التضامنية مع أهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل، ولا سيما استنكار مشروع بريفر الذي يستهدف الفلسطينيين في منطقة النقب وتهجيرهم إلى أماكن أخرى، فضلاً عن المواقف التضامنية مع اللاجئين في الدول الأخرى.

ولإيصال رسالة اللاجئين الفلسطينيين إلى مختلف دول العالم، شاركت «ثابت» في العديد من المؤتمرات والندوات على مستوى محلي وإقليمي ودولي في سوريا والسودان وتركيا والسعودية والنمسا وبريطانيا وهولندا وإندونيسيا والدنمارك والسويد وغيرها. وطبيعة المشاركات تختلف من تقديم أوراق عمل خاصة أو المشاركة في المعارض أو الحضور مع توزيع إصدارات المنظمة على المشاركين.

ونعتقد أن وجود «ثابت»، ومعها مؤسسات أخرى، قد أسهم في إضافة نوعية للمزيد من الحراك والتأثير على صانع القرار حول قضية اللاجئين وحق العودة في لبنان، ولا سيما صانع القرار الفلسطيني. ويبقى الوضع الاستثنائي للاجئين في لبنان الذي يخضع للتجاذبات السياسية الداخلية، حيث التحدي الأكبر لنا ولغيرنا من المؤسسات للضغط على الدولة المضيفة لتوفير حقوقنا المدنية والاجتماعية على قاعدة رفضنا للتوطين والتمسك بحق العودة، الأمر الذي يدفعنا إلى المزيد من المثابرة والاستمرار بعملنا، مع ضرورة التفكير مع شركائنا بآليات جديدة من شأنها أن يكون لها المزيد من التأثير لتحقيق مطالبنا المشروعة في المستقبل.

المصدر: مجلة العودة العدد الـ55