القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

من "بقعة الزيت" إلى "حجارة السجيل" رسالة.. القـادم أعظم

من "بقعة الزيت" إلى "حجارة السجيل" رسالة.. القـادم أعظم
 

الجمعة، 23 تشرين الثاني، 2012

فجّرت صواريخ المقاومة الفلسطينية صدمة كامنة في المجتمع الصهيوني بدأت تتفاعل في العلن، في الوقت الذي أخفقت فيه الحكومة الصهيونية في تبرير "اضطرارها" للتوقيع على تهدئة مع فصائل المقاومة الفلسطينية من أجل وقف ضربات فلسطينية موجعة وغير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، طالت أهدافًا في القدس وتل أبيب وما بعد "تل أبيب" (هرتسيليا).

فإعلان رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو ووزير حربه إيهود بارك بأن "العملية حققت أهدافها كاملة" لم يكن مقنعًا للمجتمع الصهيوني، لا سيما وأنه شعر ولمس واقعًا جديدا بأنه مُهدّد حتى في أكثر المناطق الآمنة في القدس و"تل أبيب"، بفعل صواريخ المقاومة التي واصلت السقوط حتى الدقيقة الأخيرة من موعد بدء تنفيذ التهدئة. وما زاد الطين بلة لدى الصهاينة تناقض خطاب نتنياهو، فبعد أن أعلن نجاحه في تحقيق الأهداف استدرك في الخطاب ذاته وأعلن بشكل مبطن عن فشله، عندما قال "إننا نحتاج إلى عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة"، ولكن أتبع بأن هذه العملية "لن تكون الآن".

"بقعة الزيت" و"حجارة السجيل"

يبدو أنّ "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" حينما أعلنت عن اسم عمليتها في نهاية عام 2008 "بقعة الزيت"؛ كانت تدرك هذا السيناريو بتوسيع هذه البقعة شيئاً فشيئاً، لتصبح صواريخها تصل إلى أكثر من ثمانين كيلومترًا في العمق الصهيوني ضمن عملية "حجارة السجيل" التي خاضتها ضد عدوان الرابع عشر من تشرين ثاني (نوفمبر) 2012.

فبالرغم من "الحرب الجوية" التي خاضها الاحتلال ضد قطاع غزة على مدى ثمانية أيام، نفّذ فيها أكثر من ألف وستمائة غارة؛ استمرت صواريخ المقاومة بالسقوط على المدن والبلدات الصهيونية، واتسع مدى هذه الصواريخ ليطال مدناً إستراتيجية، بل قلب الدولة العبرية إضافة إلى قصف أهداف في مدينة القدس المحتلة. وبرغم الدمار الهائل وسقوط 161 شهيدًا ومئات الجرحى في غزة؛ واصلت المقاومة إدارة معركة الصواريخ وكأنّ شيئاً لم يكن.

وما يفاقم الموقف بالنسبة للصهاينة، التوسع في إدخال سلاح "فجر 5" و"أم 75" طويل المدى (محلي الصنع)، والذي يحدِّد الهدف بدقة. ويعني ذلك بحسابات الميدان، أنّ خمسة ملايين صهيوني أصبحوا في مرمى نيران هذه الصواريخ، أما باقي التجمعات الصهيونية التي لم تصلها الصواريخ فإنها غارقة في الذعر والهلع، حسب التقارير العبرية.

تقنية القصف

تواصل قصف الصواريخ الفلسطينية، التي زادت عن 2300 صاروخ خلال ثمانية أيام فقط، على الرغم من أنّ طائرات الاستطلاع الصهيونية المتطوِّرة كانت تقوم بعملية مسح تصويري على مدار الساعة لكل مسطحات قطاع غزة، بينما تواصل الطائرات الحربية طلعاتها، محولة قطاع غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة بقوة النار.

بدا للصهاينة عدم جدوى أنظمة الإنذار المبكر وصفارات التحذير وإجراءات تحصين ما يُعرف باسم "غلاف غزة"، فالصواريخ تبلغ أهدافها بدرجة تتصاعد في دقتها، موقعة إصابات وقتلى بمؤشرات متزايدة، علاوة على أنها تفرض حالة من الهلع العام وشلّ حياة خمسة ملايين صهيوني يندفعون على مدار الساعة إلى الملاجئ.

ولا تُقاس قدرة الصواريخ الفلسطينية بمجرد الحصيلة المألوفة لما تلحقه من إصابات أو أضرار، على الرغم من أنها أوقعت قتلى وعشرات الجرحى ودمارًا غير مسبوق؛ فالأثر يتجاوز ذلك إلى الجانب المعنوي في الأساس، فأهداف الحرب الصهيونية يتضح بالنسبة للجمهور الصهيوني أنها لم تتحقق طالما تواصل "قصف القسام".

أبعد من ذلك فإنّ تأثير القصف الفلسطيني يشمل حالة الذعر التي تلحق بقاطني "بقعة الزيت المتمددة"، أي مدى صواريخ المقاومة. فكل صهيوني في النطاق الواسع المستهدف، بات معنياً بالنظر إلى أعلى بين لحظة وأخرى، أو تحسّس الموقف المريب على الدوام؛ خشية ذلك الصاروخ المنفجر الذي قد يخترق السقف فجأة، أو يصيب السيارة بلا استئذان، أو يهشم النافذة ويطيح بالجدار. هي بإيجاز معادلة رعب وقوة فرضتها المقاومة الفلسطينية على أرضها للمرة الأولى في الصراع.

ومن الواضح أنّ المقاومة في القطاع قد استعدّت ليوم حاسم كهذا، كما أنّ التقديرات الصهيونية المسبقة لم تستبعد ما يجري من قصف فلسطيني حالياً، بل إنها أخذت تضارب على مزيد من التوغل في الأعماق، كأن يبلغ القصف "تل أبيب" ذاتها في العاجل أو الآجل، أي أنها مسألة وقت بالنسبة لقدرات القصف التي تحوزها المقاومة، التي كانت تحلم قبل عقد من الزمن بقذيفة هاون متواضعة.

ولأنّ العنوان الصهيوني للحرب الجارية هو "ضرب البنية التحتية لصواريخ المقاومة"؛ فإنّ المؤكد الوحيد بالنسبة للصهاينة أنه بالإمكان تغيير شكل المدن والمخيمات في القطاع بعد أن يستنفذ العدوان أغراضه، لكنّ انطلاق صاروخ واحد من بعد ذلك سيعني إخفاقاً مريراً، سيتوجب على القادة الصهاينة أن يتجرّعوا مرارته. عندها سيتضح أنّ "قواعد اللعبة" تغيّرت حقاً، لكن نحو مزيد من التعقيد، فرسالة "كتائب القسام" التي وجهتها للجيش الصهيوني عبر شاشات التلفزة خُتمت بأن "القادم أعظم".

المركز الفلسطيني للإعلام - قدس برس