القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

ناشط أجنبي زار مخيم شاتيلا: ما رأيته في المخيمات في لبنان هو الأسوأ

ناشط أجنبي زار مخيم شاتيلا: ما رأيته في المخيمات في لبنان هو الأسوأ

الأربعاء 06 نيسان 2011
كتب: د. فرانكلن لامب
ترجمة: زينب عبد الله - مخيّم شاتيلا، بيروت - خاص موقع المنار:

رعى المركز الفلسطيني للعودة وبالمشاركة مع مجلس العلاقات الأوروبية الفلسطينية، رعى منذ عدّة أسابيع زيارة وفد يضم أعضاء برلمانيين من بريطانيا وأوروبا إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وقد صرّح أعضاء الوفد العشرة مؤخّرا بما اكتشفوه خلال زيارتهم. كانت الرحلة سريعة، إذ لم تتجاوز مدّتها ثمان وأربعين ساعة، إلا أنها كانت حافلة بتعليمات متشددة ومقررة مسبقا من قبل السياسيين اللبنانيين، ومنهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي بالإضافة إلى مسؤولين في وكالة الغوث والتشغيل التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) وبعض منظمات المجتمع المدني الفلسطينية. وقد زار الوفد مخيّمات اللاجئين في كلّ من مناطق برج البراجنة ونهر البارد وشاتيلا. أمّا رئيس الوفد، السيد "جيرالد كوفمان"، فقال للصحافة اللبنانية: "عندما ذهبت إلى غزّة في العام 2010 ظننت أنني قد رأيت أسوأ الحالات المعيشية وأكثرها ترويعا، إذ يعيش الفلسطينيون هناك بظروف لا يحتمل أن يطيقها إنسان. إلا أن ما رأيته في المخيمات في لبنان هو أسوأ وأكثر مدعاة لليأس." وكغيرهم من الوفود التي زارت لبنان، سمع هؤلاء الزائرون من السياسيين اللبنانيين عن الدعم الضئيل للحقوق المدنية للفلسطينيين. ولا يزال السياسيون اللبنانيون يتحدّثون عن هذا الدعم منذ عشرين عاما. وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان نموذجيّا في اختيار كلماته، فقد شرح للوفد ما يلي: "إنه ليس لدى لبنان القدرة على استيعاب 400,000 شخص، فنحن ببساطة لا نستطيع أن نؤمّن لهم حياة جيّدة. والحقيقة هي أننا لن نشهد سلاما في الشرق الأوسط ما لم يطبّق حقّ العودة لهؤلاء اللاجئين". ومن المؤكّد أن ما قدّمه الرئيس اللبناني قد حجب الضوء عن القضية المركزية بشكل شبه كلّي. وبالمقابل، فإن تقدير الرئيس للاجئين بأنهم 400,000 لاجئ كان أكثر دقّة مما قدره سياسيون آخرون من الذين يصوّرون الأزمة من زاوية التخويف، فيقولون بأن عدد اللاجئين هو 500,000 لاجئ. أما في الحقيقة، فهناك ما يقارب 250,000 لاجئ فلسطيني لا يزالون في لبنان، وهؤلاء لا يتسعون حيث هم، إلى أن يتم استيعابهم أو أن تقدّم لهم الدولة اللبنانية "حياة جيدة"، على عكس ما يجزم به سليمان وسياسيون آخرون بين كلّ حين وآخر. وكلّ ما يطلبه هؤلاء الزائرون إضافة إلى المجتمع الدولي هو أن يمنح لبنان اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية الأساسية التي يتمتّع بها اللاجئون في كلّ مكان. والحقّان الأكثر إلحاحاً هما الحقّ في العمل والحق في ملكيّة المنزل. وفي ما يخصّ اعتبار ذلك مشكلة دولية، فإن السياسيين اللبنانيين على صواب، إلّا أنه لم يطلب من لبنان أخذ المسألة بأكملها على عاتقه، لكن من الأفضل أن يتولى لبنان المهمة الخاصة به ألا وهي منح الحقوق المدنية الأساسية المقرّرة دوليّا للاجئين الفلسطينيين. وفي الواقع، فإن لبنان يتهرّب من واجباته منذ 63 عاما. لقد تضمّن ملخّص العروض اللبنانية من دون استثناء "تهرّبا من البنود" بما يعفي طائفة أو أخرى من طوائف لبنان الثماني عشرة من مسؤولية شرح السبب الذي جعل الحزب المحدد في الملخّص يتمنّى تخفيف مصطلح "الجحيم الأبدي" الذي يعيشه ما يقارب ربع المليون من اللاجئين الفلسطينيين الذين تكتظ بهم المخيمات الإثنا عشر المرخّص بها، وضعفي ذلك من "التجمّعات" غير الرسمية. ولكن، بحسب ما شرحه المسؤولون اللبنانيون لضيوفهم، فلا تزال هناك قائمة من الأسباب المتناقضة التي تشرح لماذا لا يجب انتظار أي مبادرة حاليا لمنح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الحق الكامل في العمل وفي امتلاك المنزل. ولم يسمع أعضاء الوفد البرلماني شيئا جديدا خلال زيارتهم، إلّا أن أهميّة الزيارة تكمن في أنّهم شاهدوا هذه المأساة الإنسانية عن كثب، وسرعان ما تعرفوا إلى الكثير من التفاصيل الإضافية عنها. وباتوا الآن أوسع معرفة بما يجب فعله، فتعهّدوا بأن يقوموا بخطوات حيال ذلك فور عودتهم إلى بلادهم. وكما يذكّرنا الصحافي والمصوّر "ستيوارت ليتلوود"، فإن تقرير الوفد يلقي الضوء مجدّدا على المعاهدات والاتفاقيات الدولية الملزمة والتي تعترف بحقّ العودة. وتتضمّن هذه المعاهدات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية.إن حق العودة للاجئين الفلسطينيين يكفله قانون الإنسانية وحقوق الإنسان الذي يتضمّن قانون الأعراف، كما يدرج اتفاقية عام 1952 للاجئين والتي يرفض لبنان حتى الآن التوقيع عليها. وينطبق ذلك أيضا على قرارات الأمم المتحدة غير المعدودة بشأن منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية الأساسية.وقد تعهّد أعضاء الوفد بأنهم سيعملون مع حكوماتهم لمساعدة لبنان على منح اللاجئين حقّي العمل وامتلاك المنزل المقرّرَين دوليّا. وتعتبر زيارة البرلمانيين الأوروبيين مختلفة إذ إنها كسرت الجليد الذي تكوّن عقب زيارات متعدّدة لمسؤولين أميركيين وأعضاء من مجلس الشيوخ إلى لبنان من دون زيارة المخيمات الفلسطينية. وكان الغرض الأساسي من تلك الزيارات هو تهديد السياسيين اللبنانيين لإبقائهم على الموقف الأميركي المعارض للمقاومة الوطنية اللبنانية مع أخذ الحذر من إظهار العداء لإسرائيل. وفي هذا الإطار، أوضح الوفد أن إسرائيل هي المتّهم الرئيسي في الأزمة الإنسانية في يومنا هذا، إلّا أنّ الحكومة اللبنانية الجديدة يجب أن تعمل على عدم تأخير منح الحقوق المدنية للاجئيها فور تشكيلها. وقد أدلى الوفد البرلماني بالنتائج التالية بعد تقصي الحقائق المتعلقة بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قائلا إنهم:

- ضحايا وما زالوا محرومين من الدخول إلى وطنهم.

- ضحايا الحروب الأهلية اللبنانية والاجتياحات الإسرائيلية المتعدّدة وضحايا الاحتلال.

- ضحايا غياب إرادة المجتمع الدولي لتأمين العدالة لهم، وضحايا غياب إرادة السلطات اللبنانية لمنحهم حقوقهم الإنسانية الأساسية. ومن بين توصيات الوفد المتعلّقة بلبنان، والتي تشبه النتائج التي صدرت عن أكثر من عشرين ورشة عمل ومؤتمر، وأكثر من ثلاثين دراسة حول القضية نفسها خلال العقدين الماضيين، نذكر:

- المجتمع الدولي، بما فيه إسرائيل، مسؤول عن ضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعن تأمينها لهم إضافة إلى حمايتهم.

- في حين يقدّم لبنان وعدد كبير من الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة الخطابات المناسبة، يجب أن يطبّق ذلك من خلال خطوات فعّالة من أجل تحسين ظروف حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل ملموس، وبذلك وضع حدّ للظروف الكارثيّة التي يعيشونها.

- هناك حاجة لتأمين حلّ مناسب يكفل استعادة حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وحمايتها، بما فيها حقّ العودة إلى الوطن.

- في لبنان، يتدنّى وضع اللاجئين الفلسطينيين عن اعتبارهم في الفئة الثانية في المواطنيّة، ويجب تصحيح ذلك من دون تأخير.

- بما أن إسرائيل لا تبدي ميلا لاحترام حقوق اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي، يتوجّب على المجتمع الدولي فرض قراره بالقوّة.

- يتوجّب على كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما فيهم المملكة المتّحدة أن يضاعفوا تمويل وكالة الغوث والتشغيل التابعة للأمم المتّحدة بشكل ملحوظ وذلك لتمكينها من إتمام مهامها.

- يجب على المفاوضين، والسياسيين، والناشطين أن يؤكّدوا على إبقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين في صلب محادثات السلام كلّها.

- إن موقع لبنان بالنسبة للاجئين هو غير كاف لدرجة يرثى لها. ولذلك يجب تطبيق القانون الصادر بتاريخ 17 آب / أغسطس 2010 فورا، ليكون الخطوة الأولى لتغيير واقع حياة اللاجئين الفلسطينيين من خلال تحسين الحقوق الإنسانية والمدنية وحقوق الملكيّة ورفع حظر ممارسة المهن المتاحة للفلسطينيين.وبالنسبة للسكن، يجب رفع القيود التي تحدّ من إمكانية الفلسطينيين من الحصول على السكن المناسب، بما يتضمّن أي تشريع يشكّل تمييزا ضدّ الفلسطينيين الذين لا ينتمون رسميّا لأي دولة كانت. ويجب ضمان الملكيّة إلى حدّ ما، إضافة إلى رفع القيود عن إدخال موادّ البناء إلى مخيّمات اللاجئين، والتي تتضمّن الغرامات والعقوبات المفروضة على الفلسطينيين الذين يحاولون جعل منازلهم صالحة للسّكن.أمّا بيئياً، فيجب تأمين الحدّ الأدنى من إمدادات الصرف الصحي والحصول على مياه نظيفة للاجئين الفلسطينيين بمجملهم.وبشأن التوظيف، يجب رفع القيود عن ممارسة الفلسطينيين لجميع المهن، كما يجب تسهيل عمليّة حصولهم على رخص العمل. وحول التعليم، يجب على لبنان أن يؤمّن التعليم لجميع الأطفال الموجودين داخل نطاق السلطة بشكل متساو مع التعليم الذي يحصل عليه المواطنون اللبنانيون.وبخصوص اللاجئين الذين لا يملكون بطاقات هويّة، يجب تعديل وضعهم في لبنان ليصبحوا لاجئين يملكون وثائق تعرّف عنهم.مع تشكيل الحكومة الجديدة سيمتلك لبنان كلّ سبب وفرصة وإمكانيّة للقيام بالتزاماته وبالتالي سيكسب احترام جميع الدول والشعوب من أصحاب النوايا الحسنة.وفي وجه النهضة العربية الكبرى التي بدأت في عام 2011، يستطيع لبنان أيضا أن يساعد في دفع ضيوفه غير المرغوب بوجودهم ليتمكّنوا من العودة إلى وطنهم فلسطين.وفي الخلاصة نستطيع القول إن لبنان يحتاج إلى مساعدة من ناشطين في حقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم، بما فيهم المدّونين الذين يكتبون ببلاغة عن القضيّة ذاتها من دون التغيير في حياة هؤلاء اللاجئين الذين هم أكثر من يحتاج للتضامن والدعم. وإذا ما انخرط هؤلاء الناشطون في صلب قضيّة منح الحقوق المدنيّة للفلسطينيين في لبنان وحثّوا حكومات بلادهم على دفع لبنان لتطبيق القوانين الإنسانية الدولية على اللاجئين الفلسطينيين الذين، على ما يبدو، ما زالوا حتّى اليوم يعيشون بؤسا لا نهاية له، حينها فقط ستحلّ هذه المشكلة من دون أيّ تأخير.