القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

نقص الأدوية بغزة.. تعددت الأسباب والمريض الضحية

نقص الأدوية بغزة.. تعددت الأسباب والمريض الضحية


الجمعة، 05 حزيران، 2015

ثلاث اعوام قضاها الاربعيني أبو سمير هاشم في صراع مع مرض الكبد الوبائي إلى أن وافته المنية نهاية العام الماضي. طيلة فترة مرضه كان يحصل على علاجه من وزارة الصحة كبقية المرضى، لكن في الآونة الاخيرة من حياته لم يعد يتسلم علاجه كاملا، فما كان يحصل عليه بالكاد يعينه للبقاء على قيد الحياة.

هذا الواقع الناجم عن تقليص الادوية بوزارة الصحة انهك العشرات من المرضى، لكن الامر عائد للسياسة التي تتبعتها حكومة الوفاق الوطني فيما يتعلق بتقليص حصة غزة من الدواء.

مجرد أن انتهى العام انضم أبو سمير لقائمة الوفيات بسبب مرض الكبد الوبائي، وقد تراجع عددهم من (72 مريضا) إلى (42 مريضا) بفعل وفاة ثلاثين حالة خلال أقل من عام.

ليس وحدهم مرضى الكبد الوبائي من يعاني نقص الادوية في قطاع غزة، فهناك الالاف لم يتمكنوا من الحصول على علاجهم، فمن حين لآخر تعلن وزارة الصحة بغزة عن وجود نقص بالأدوية الحكومية، فما يصلها من رام الله قليل لا يكفي حاجة القطاع خاصة وأن حجم واردات الأدوية تقلصت بعد حكومة الوفاق الوطني والحكومة السابقة، فمنذ نشأة السلطة الفلسطينية حصة قطاع غزة من الادوية ثابتة وهي40% والباقي للضفة المحتلة.

وفي ظل معاناة المرضى مع نقص ادويتهم وعدم توفرها لدى وزارة الصحة، اثرت "الرسالة" البحث عن أسباب ذلك لاسيما في ظل حديث البعض عن وجود فوضى في توزيع الادوية سواء الحكومية أو التي جاءت كمساعدات.

ميزانية الدواء مرهقة

بعد شكوى الكثير من المرضى لعدم حصولهم على العلاج في حال تأخرهم عن موعد الاستلام، أو عدم وفرته في وزارة الصحة لاسيما مرضى الكلى والامراض المزمنة، طرقت "الرسالة" باب مكتب منير البرش مدير عام الصيدلة للحديث عن اسباب عدم وفرة العلاج باستمرار.

بداية الحديث أكد البرش على وجود مشكلة كبيرة في توفر الدواء تواجه النظام الصحي كونه يمثل 40% من موارد الوزارة، مشيرا إلى أن ميزانية الدواء ترهق النظام الصحي لاسيما وأن مصاريف العلاج في زيادة طردية كل عام لذلك يكون العجز الحاصل نتيجة السياسات المتعمدة من سلطة رام الله.

وذكر أن حكومة التوافق تتعمد تقليص الدواء على غزة بحجج كثيرة منها عدم وجود ميزانيات.

وبين البرش أن توفير الدواء يقع على عاتق الحكومة في رام الله لان المانحين يخصصون الاموال اللازمة عن طريق الحكومة المركزية ويرفضون تبني ملف الادوية بشكل منفصل لكن الذي يحصل أن الحكومة تقلص نسبة غزة وتأخذ هذه الاموال المخصصة في مشاريع اخرى وكله على عاتق ابناء مرضى القطاع.

ولفت مدير عام الصيدلة إلى أن القائمة الاساسية للدواء 460 صنفا من الادوية الاساسية، منها 137 صنفا غير متوفرة، وكذلك المستلزمات الطبية وعددها 950 فيها نقص حوالي 331 صنف وذلك حتى كتابة التحقيق، مبينا أن الأصناف التي فيها مشاكل مباشرة ولا تتوفر دوما وهي الأدوية التخصصية مثل أمراض السرطان، والهيموفيليا والثلاسيميا، والصحة النفسية وامراض في اقسام الجراحة والعناية الفائقة.

ووفق مخطط كان بين يديه يوضح العجز في المستلزمات الطبية، ذكر أن هناك عجز في المستلزمات الطبية في حضانة الاطفال والغسيل الكلوي ومستلزمات القسطرة والقلب المفتوح، مبينا أن جميع العجوزات السابقة تسبب النقص الكبير في الوزارة وتدهور الحالة الصحية للمريض مثل امراض الكبد الوبائي مما يتسبب في وفاة العديد منهم.

وعن اهدار الدواء وانعكاساته تحدث البرش أن هناك ادوية خاصة من القائمة الاساسية للدواء في فلسطين تختص بالرعاية الأولية والمستشفيات والمناعة والأوبئة وفيها عجز كبير بسبب عدم توريدها من المصدر الاساسي وهي حكومة التوافق ولذلك نجد العجز يؤثر على كبار السن من مرضى الضغط والسكري.

ووفق قول مدير عام الصيدلة البرش فإن هناك سوء استخدام من بعض المرضى عند حيازتهم أدوية تخصصية للأمراض المزمنة سواء من الحكومة أو الوكالة، مبينا أن تلك الادوية التي يظفر بها بعض المرضى دون حاجتهم اليها يمكنها مساعدة الاخرين بدلا من بيعها أو تخزينها دون فائدة.

يشار إلى أن موازنة الادوية في قطاع الصحة سنويا 35 مليون دولار، وللأدوية التخصصية النصيب الاكبر منها كونها غالية الثمن فمريض السرطان الواحد قد تصل جرعاته إلى 30 ألف دولار.

وحول موضوع قوافل المساعدات الطبية، يوضح البرش أنه في البداية كانت التبرعات هبات جماعية دون تنسيق في جلب الادوية والاحتياجات الطبية، ثم عكفت وزارة الصحة على التنسيق قبل وصولها للقطاع، لافتا إلى انه حاليا لم يعد يسمح لها بدخول القطاع مجددا بقرار مصري، وكذلك منع الأطباء من الدخول والمشاركة في عمليات نوعية كان لهم الدور الابرز في نجاحها سابقا.

تسريب الأدوية

ورغم تلويح وزارة الصحة في غزة بوجود نقص في الأدوية إلا انها من حين لآخر تقوم بإتلاف عدد لا بأس به من الادوية التي يحتاجها مرضى القطاع المحاصر، بالإضافة إلى أن البعض يزعم وجود سرقات من مخازن الادوية يقوم بها العمال لبيعها وذلك قبل فرز الادوية وتصنيفها على حواسيب وزارة الصحة.

"الرسالة" تجولت في مخازن الادوية حيث كاميرات المراقبة المزروعة في كل مكان والادوية مكدسة فوق بعضها نظرا لضيق المستودع المركزي المكون من ثلاث اقسام الاول لحفظ الادوية كالأقراص والحقن والثاني المتنوعات وأدوية تحتاج للتبريد وثالث للمحاليل والسوائل.

بعد الانتهاء من الجولة برفقة زكري أبو قمر مدير مستودعات الادوية في وزارة الصحة، أوضح أن حجم المستودعات منذ نشأتها سنة 1996 لم يزد أو يحدث فيها تطوير، رغم وجود مشروع لتطويرها لكنه توقف بفعل الحصار، مشيرا إلى أن مستودعات الضفة المحتلة أصبحت على احدث طراز.

وذكر أن المستودعات في قطاع غزة ليست مصممة حسب مشروع التخزين الجيد، لكن يوجد فيها الحد الأدنى من المواصفات، ورغم ذلك حجم الأدوية التالفة بالنسبة لسوء التخزين لا يذكر.

وبحسب أبو قمر فإن كل قسم في المستودعات يحتوي على 50 صنفا من الأدوية ويفترض أن تكون درجة الحرارة تكون من 2 إلى 8 درجة مئوية، بالإضافة إلى ضرورة وجود ستارة في الثلاجات الحافظة للأدوية لتمنع خروج البرد، ومع ذلك يمكن الاحتفاظ بالأدوية دون ان تتلف.

وعن أسباب اتلاف الادوية أرجع ابو قمر الامر إلى أن غالبيتها تبرعات ومنتهية الصلاحية تأتي دون تنسيق وبعضها يكون زائدا عن حاجة الوزارة فتنتهي صلاحيتها ويتم اتلافها، أو تلك التي ترسب في فحص الجودة.

يشار إلى أن المدة الزمنية المسموح بها لتخزين الدواء يجب الا تزيد عن شهرين، ومن المفترض ان يكون هناك 30% مساحة فارغة لحركة العاملين والرافعة اليدوية والشوكية لكن الامر غير متوفر كما لاحظت "الرسالة" خلال جولتها.

ولعلك عزيز القارئ تجد أن قلة الامكانيات لدى وزارة الصحة لتوفير مستودعات مناسبة للأدوية وكذلك عدم التنسيق مع الجهات المتبرعة احد الاسباب الهامة في تسريب الادوية عند اتلافها، لذا لابد من الوقوف على هذه الاشكالية والاسراع في حلها كي لا تتفاقم الامور لاسيما أننا اصبحنا مقبلين على فصل الصيف الامر الذي يسبب في اتلاف عدد أكبر من الادوية.

مدير المستودعات الطبية ابو قمر يوضح أن نسبة الادوية التي تتلف نتيجة سوء التخزين نسبتها 0.5% لكن قد تكون مشكلة في التصنيع والمادة الفعالة اقل من المطلوب، مبينا أن أي صنف فيه حساسية للتخزين يتم التعامل معه مباشرة.

وعن تسريب الادوية وبيعها في الصيدليات الخارجية، أكد أن المستودعات المركزية فيها برامج محوسبة منذ سنة ونصف، وكذلك هناك جرد شهري لكل قسم، بالإضافة إلى نظام الكاميرات التي يتم الرجوع إليها في حال وجد نقص معين بالأدوية، لافتا إلى أن حجم التسريبات الحالية تكاد لا تذكر مقارنة بالسابق، وما ينقص من ادوية لا يكون بالمستودعات الطبية بل في العيادات.

إغلاق صيدليتين

وخلال جولة على الصيدليات بمدينة غزة، راقبت موقفا غريبا، فبخطوات ثقيلة دخل رجل ستيني احدى صيدليات وسط القطاع ليعرض على صاحبها بصوت مرتجف علاج ابنته المصابة بشلل رباعي مقابل مائة شيكل ليكمل تسديد ايجار بيته، بداية الامر رفض الصيدلي ذلك لكن بعد الحاح وافق كونه سيشتري الدواء بنصف ثمنه الحقيقي رغم وجود ختم وزارة الصحة عليه.

الصيدلي يعقب على ما حصل أنه غالبا ما يطرق المرضى بابه لبيع علاجهم الذي حصلوا عليه سواء من المراكز الصحية التابعة للحكومة أو الاونروا وذلك مقابل مبلغ بسيط أو بنصف ثمنه، أو يستبدلونه بشيء هم بحاجته أكثر كالحليب أو البامبرز، رغم أن ذلك مخالف للقوانين إلا أن الحاجة قد تدفع الصيدلي لذلك من باب مساعدة المريض أو الحصول على دواء عليه اقبال أكثر ولا يتوفر بالصيدليات وثمنه غالي.

يقول بعدما اطمئن لعدم ذكر اسمه: "أخفي ما اشتريه من المرضى بمكان سري(..) لست وحدي من يفعل ذلك فغالبية الصيادلة يفعلون ذلك لمساعدة المريض مقابل مبلغ بسيط".

ولوضع النقاط على الحروف تبين خلال الجولة التي اجرتها "الرسالة" بيع المواطنين لأدويتهم الخاصة للصيدليات، ويقوم الصيادلة بشرائها رغم وجود ختم وزارة الصحة، فغالبيتهم لا يجدون في ذلك حرجا كونهم يجنون أرباحا ويخفون الادوية الحكومية أو الخاصة بوكالة الغوث في أماكن خاصة، لدرجة أن احدهم اشار بأنه يخفي الادوية في سيارته الخاصة المصفوفة تحت اشعة الشمس الحارقة فحينما يأتيه زبون يجلب له طلبه من صندوق السيارة.

وأكد اخر أن غالبية الصيادلة يعتمدون على الادوية الحكومية، نظرا لما يعانيه القطاع من حصار الامر الذي يؤثر عليهم ويدفعهم لشراء العلاج من المرضى بسعر قليل وبيعه بضعف ثمنه.

ويشير الصيادلة إلى انه خلال الحرب الاخيرة وبعدها كان العديد من الاهالي يحضرون الحليب والبامبرز الذي يحصلون عليه من المساعدات مقابل مبلغ بسيط أو تبديله بدواء آخر.

ولتفسير تلك الحالات، توجهت الرسالة لمقابلة رأفت رضوان مدير التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة، الذي أكد أن الأدوية التي فيها نقص غالبا لا تتواجد في الصيدليات الخاصة، لاسيما وأنها تتعلق بأمراض الكبد الوبائي والسرطان لذا تصرفها وزارة الصحة مباشرة للمريض.

وعن الجوالات التفتيشية التي يستهين بها غالبية الصيادلة يقول: "بعض الاحيان نجد ادوية وزارة الصحة، أو خاصة بالوكالة أو التبرعات لكن لا يمكن اعتبار ذلك ظاهرة"، مبينا أن فريق التفتيش مكون من أربع صيادلة يعملون بشكل دوري.

ورغم تأكيد رضوان على تفتيشهم الدوري إلا أن عددا كبيرا من الصيادلة الذين التقتهم "الرسالة" أكدوا أن الوزارة لا تأتي الا كل ست شهور وأحيانا أكثر، الامر الذي يدفعهم لمواصلة بيع بعض الادوية من تحت الطاولة، لذا لابد من تكثيف دور وزارة الصحة في المراقبة على الصيدليات لاسيما القريبة من المراكز الصحية.

ويعود رضوان ليؤكد أن هناك بعض الشكاوى كانت تصل من مكتب الوزير أو جهات مختصة تفيد بوجود ادوية حكومية، الامر الذي يستدعيهم لمراقبة الصيدلية ومحاسبتها.

وبحسب قوله فإن الصيدليات المحيطة بالقطاع الصحي الحكومي يتم متابعتها دوما بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومن خلال تحرياتهم عن مصدر الادوية الحكومية الموجودة داخل الصيدليات يقول رضوان: "غالبية الصيادلة يؤكدون أن المريض بعد صرف دوائه يأتي للصيدلية ويبدله، الامر الذي يجعلنا نحاسب الصيدلي ونقوم بتحذيره بعدم تكرار ذلك".

ووفقا لقوله فإنه في حال ثبت على احد الصيادلة التعامل بأدوية وزارة الصحة او الوكالة يتم احالته للوزير، فخلال العامين السابقين تم اغلاق صيدليتين في غزة كانتا تتعاملان بأدوية الحكومة، مبينا أن مدة اغلاق الصيدلية تكون غالبا من اسبوعين إلى شهرين.

لم يقتصر بيع أدوية وزارة الصحة داخل الصيدليات بل تبين لنا أن الامر وصل إلى بيعها في العيادات الخاصة لبعض الاطباء، لكنها بقيت حالات معدودة وليست ظاهرة عامة.

وهنا يشير رضوان إلى ما حدث داخل احدى العيادات حينما وجدوا بعض ادوية الصحة تباع للمرضى بسعر مضاعف، أدى بهم إلى مصادرة الادوية وتحذير الطبيب ومراقبته من حين لآخر.

نظام الجرعة

وفي مشهد اخر التقطته "الرسالة" اعتاد عليه المارون أمام المراكز الصحية الحكومية أو التابعة للأونروا خروج عدد من المرضى بداية الشهر تقريبا بكيس مملوء بالأدوية، ويطلب من الطبيب أن يصرفها له رغم أنه ليس بحاجة بعضها.

ويروي أحد العاملين في وزارة الصحة أنه قبل عام جاء أحد ذوي مريض وافته المنية حاملا صندوقا من الدواء إلى وزارة الصحة بداخله ادوية مختومة من وزارة الصحة واخرى من الوكالة، موضحا أن مريضهم كان يحصل على دواء السكري والضغط رغم اكتفائه خشية انقطاعه نتيجة الحصار.

وهناك الكثيرون من المترددين على العيادات العامة يطمعون في الدواء رغم عدم حاجتهم اليه، فتجد المرضى يهرعون إلى المراكز الصحية - وعددها 54 على مستوى القطاع مجرد وصول الدواء الحكومي بداية كل شهر ليبدأ مسلسل إلحاح المرضى على الطبيب لكتابة ادوية لا يحتاجون إليها، مما يضطر الطبيب للاستجابة لهم لتقليل الضغط عليه والتفرغ لمعالجة المرضى.

وعن الرقابة الداخلية للأدوية الحكومية داخل مراكز الصحة التقت "الرسالة" وكيل الوزارة مدحت حيسن حيث ذكر أنه يتم صرف الادوية لكل مركز صحي حسب الاحتياجات المرسلة من الرعاية الأولية للإدارة العامة للصيدلة، مبينا انه لا يتم صرف جميع الاحتياجات بسبب نقص الادوية في مستودعات وزارة الصحة.

وعن مراقبة المراكز الصحية الحكومية لاسيما الصيدليات أكد أن لديهم خطة سنوية لمتابعة العمل فيها، فالصيدليات التابعة للمستشفيات تعتمد على نظام الجرعة الواحدة الأمر الذي يضبط عملية صرف الأدوية كونه يصرف للمريض حسب تشخيصات الطبيب.

وشدد محيسن على أن المراكز الصحية هي التي تواجه الاشكالية الاكبر بتوفير الأدوية الاولية كون المانح لا يعطيها الأولوية، لافتا إلى أنهم دوما يراقبون ما يتم صرفه من الادوية مقارنة بـ"الروشتات" الخارجية من المركز الصحي، لكن في بعض الأحيان لا يوحد تطابق كأن يأخذ احد العاملين دواء دون تسجيله، وهذا قليلا ما يحدث، حسب محيسن.

وعن الضغط الذي يعانيه الاطباء داخل المراكز الصحية يقول:" كثير من الاحيان لا يأخذ المريض حقه في التشخيص لوجود اقبال شديد على المراكز في فترة زمنية تبدا من الساعة التاسعة وحتى الثانية عشر ظهرا (..) حاولنا تغيير ثقافة المجتمع واعطاء مواعيد لكننا لم نفلح في ذلك".

وتابع: "يقبل على المراكز الصحية لتلقي العلاج ما بين 2 - 2.5 مليون"، مفسرا ذلك أن من يحمل كرت "التموين" يحق له الحصول على العلاج من الحكومة لذلك يلجأ بعض المرضى لاستغلال الامر وصرف العلاج من الطرفين".

وأشار محيسن إلى أن الضغط الذي يقع على الطبيب يدفعه للتجاوب مع المرضى ويصرف ما يحتاجونه من أدوية قد تكون زائدة عن حاجتهم، موضحا أن الضبط في عيادة الرمال أكثر، بالإضافة إلى أنهم حاولوا تطبيق نظام الحوسبة على المراكز الصحية لكن الوضع الاقتصادي في القطاع الصحي يعيق توفير الموظفين المبرمجين.

وتعقيبا على ما يقال عن بيع أدوية عيادات المراكز الصحية أكد على أنها محدودة واسعارها قليلة، لافتا إلى أنهم وجدوا حالات قليلة من العاملين يستغلون مكانتهم في تلك المراكز ويصرفون أكثر من اللازم للاستخدام البيتي أو لمساعدة من يلجأ إليهم من معارفهم وتم تشكيل لجان تحقيق وحصلوا على العقاب المناسب.

يشار إلى أن وزارة الصحة حاولت ايجاد نظام موحد مع المراكز الصحية العشرين التابعة للوكالة، وذلك لمنع ازدواجية الحصول على الدواء من الطرفين.

ازدواجية الدواء

ووفق ما يردده البعض بأن عيادات وكالة الغوث تمنح مرضاها كميات كبيرة من الادوية، تحدثنا إلى عيسى صالح مسئول الطب الوقائي والامراض المزمنة والمعدية في وكالة الغوث الدولية، بداية الحديث نفى ما يردده المرضى فهم يمنحون لهم ما يحتاجونه من علاج يكفيهم مدة اربعين تقريبا، موضحا أنه في حال عاد المريض قبل ذلك الموعد لا يصرف له الدواء.

وأكد صالح أن وكالة الغوث بدأت بالتنسيق مع وزارة الصحة منعا لازدواجية الدواء التي يحصل عليه المريض من الطرفين، موضحا أن الامر سيكون من خلال استحداث كتيب الامراض المزمنة بالشراكة مع وزارة الصحة.

وبين أن الالية التي ستتبعها الوكالة مع وزارة الصحة من خلال كتيب الامراض ستجعل عيادات الصحة تدرك إن تم صرف دواء من الوكالة أم لا، لافتا إلى أنه داخل عيادات الأونروا تم تطبيق برنامج الكتروني لمنع صرف الدواء للمريض من أكثر من عيادة.

وعن الاجراءات التي يقومون بها لمنع تسريب الادوية من الوكالة لبيعها في الصيدليات، يقول صالح: "لا يوجد لدينا رقابة على الصيدليات كون الأمر يتبع وزارة الصحة وفق القانون، فرغم أن ادويتنا مختومة بـ"ليست للبيع" لكن بعض المرضى يتصرفون بها".

وتابع: "نقوم بعمل اجراءات كثيرة لمنع سوء استخدام الادوية، حيث نطلب من مرضى السكري ارجاع العينات الفارغة للأنسولين حتى يمنع سوء استخدامها أو بيعها في الصيدليات".

بند التبرعات

ووفق مصادر مطلعة يأتي لوزارة الصحة بعض الادوية عن احدى الجمعيات الطبية المعروفة -الرسالة تتحفظ على ذكر اسمها- لاسيما وقت الحروب ليصل الى مستشفى الشفاء، لكن كان يتم بيع العديد منها للمراكز الصحية دون وصولها للصحة.

ووصل الحد خلال الحرب الاخيرة أن مخازن تلك المؤسسة -حاولت الرسالة التواصل مع مديرهم لكنه لم يجب- امتلأت بالأدوية التي فاقت ما هو موجود في مستودعات وزارة الصحة.

وفي السابق كان المتعارف عليه أن تأخذ المؤسسات غير الحكومية مستلزماتها من الصحة كشريك في الخدمة ومساعدة وزارة الصحة في معالجة المرضى وذلك تحت بند التبرعات، لكن خلال فترة الحكومة الـ12 تم الحد منها وتقنينها بشروط محددة، لكن الوزير مفيد المخللاتي منعها في ظل قلة الادوية في وزارة الصحة كون تلك المؤسسات كانت تأخذها وتبيعها للمرضى.

ورغم رفض وزارة الصحة مصطلح "فوضى الادوية" إلا ان الواقع يثبت ذلك، فرغم تقصير حكومة الوفاق في دعم قطاع الصحة بغزة للأدوية اللازمة وفق اجندات سياسية قد تودي بحياة المرضى في غزة، الا أن فوضى الادوية يلعب دورا اخر في حصول عجز لاسيما في الادوية المتعلقة بالرعاية الاولية.

المصدر: الرسالة نت