نقلة
مشبوهة في تحريض الإعلام اللبناني ضد الفلسطينين خلال عام 2013
عبد
الرحمن عبد الحليم
خاص «لاجىء نت»
لا يكاد
يمر حدث أمني في لبنان من دون إلصاق التهمة باللاجئين الفلسطينيين، حيث إن معظم وسائل
الإعلام اللبنانية تسعى إلى زجّ الوجود الفلسطيني في الصراعات السياسية والأمنية التي
تشهدها البلاد، وكل ما تعرفه تلك الوسائل عن المخيمات لا يتعلق سوى السلاح الذي تحمله
بعض عناصر الفصائل واللجان الأمنية من أجل ضبط الأمن الداخلي لا أكثر. غير أن تلك الوسائل
استغلّت الأمر لتصوير المخيمات على أنها بُؤَرٌ أمنية أمام الرأي العام والجمهور اللبناني،
وما يثير السؤال هنا إن كانت السلطة الرابعة تنظر إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التي
يعيشها اللاجئون داخل مخيمات القهر والبؤس أم لا؟!
شهد
العام 2013، سياسة تحريض غير مسبوقة على اللاجئين الفلسطينين المقيمين داخل اثني عشر
مخيماً موزعين على الأراضي اللبنانية، إذ إن بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة،
كانت سباقة في التحليل والتحقيق لتوجيه أصابع الاتهام إلى المخيمات الفلسطينية، غير
أن التحقيقات الأمنية كانت تثبت عكس وذلك وتبرئ الفلسطينيين من التورّط في الأحداث
الأمنية الناتجة عن التجاذبات السياسية اللبنانية.
ففي
9/1/2013، نشرت جريدة «السفير» مقالاً للصحفي عمر إبراهيم بعنوان «مخيم البداوي ليس
بخير»، قال فيه ابراهيم «إن مخيم البداوي ليس بخير، المطلوب تحصينه تفادياً لانتقال
عدوى مخيم اليرموك إلى مخيم البداوي، ناسباً القول لمصدر أمني».
وحاول
إبراهيم في مقاله تسليط الضوء على مواقع القيادة العامة داخل المخيم، مشيراً إلى أن
المخيم بات في دائرة الاستهداف الأمني، من مجموعات معينة، بذريعة العلاقة الوثيقة بين
القيادة العامة والنظام السوري، مضيفاً أن هناك معلومات تتحدث عن وجود أنفاق بين المخيم
وجبل محسن لتزويد المقاتلين في الحزب العربي الديموقراطي بالمعونات أثناء الاشتباكات
المسلحة بينهم وبين مقاتلي منطقة باب التبانة.. الأمر الذي نفته جميع الفصائل والأحزاب
الفلسطينية في المخيم، مؤكدة أن المقال من شأنه إثارة الفتنة وتوجيه الانظار إلى المخيم
لزجّ اللاجئين في أتون الصراع السياسي والأمني القائم.
ولم
يكتفِ إبراهيم بهذا القول فقط بل زاد الطين بلّة، بأن هناك مجموعة مجهولة في المخيم
قامت بكتابة عبارات على بعض الجدران مفادها بأن تنظيم «فتح الإسلام» عائد، في إشارة
منه إلى أن المخيم بؤرة أمنية ويحتضن مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة.
أما
جريدة «الأخبار»، فقد ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 5/10/2013، أن المدعو عامر أريش
أحد قادة المجموعات المسلحة في طرابلس، قد وسّع من نشاطه إلى داخل مخيّم البداوي للاجئين
الفلسطينيين، مشيرة في خبرها إلى أن المصادر الأمنية أكدت لها أن أريش يتولّى مهمة
تسليح بعض العناصر في المخيم، والتحريض على فصائل التحالف الفلسطيني بهدف خلق نقاط
اشتباك في حال اندلاع معارك مستقبلية بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة.
من الشمال
إلى الجنوب، وتحديداً مخيم عين الحلوة عاصمة الشتات الفلسطيني، نال هذا المخيم نصيبه
الأوفى في التحريض الإعلامي عليه وعلى سكانه. فقد قالت جريدة السفير في عددها الصادر
بتاريخ 22/6/2013 أن مصدراً عسكرياً نفى وجود أي إجراءات أمنية مشددة للجيش في محيط
المخيم، وأضافت عنه أيضاً قوله بأن تشديد الإجراءات تكون فقط عند الضرورة القصوى، وفي
حالات استثنائية ولفترة محدودة. موضحاً أن الإجراءات هي غالباً «ما تكون مرتبطة بعمل
أمني أو بحادث أمني أو بتهريب سلاح أو بملاحقة مطلوبين».
الإعلام
المرئي
أما القنوات التلفزيونية اللبنانية؛ وخصوصاً قناة الجديد، التي تصر على إصدار الاتهامات الباطلة ضد اللاجئين الفلسطينين في لبنان، فقد كان لها إسهام كبير في التحريض على المخيمات وأهلها، فمراسلة القناة نوال بري اتهمت في إحدى المرات المخيمات الفلسطينية في بيروت بإطلاق الصواريخ على الضاحية، الأمر الذي نفته قيادة الجيش، ولا ندري حتى الآن من أين حصلت برّي على تلك المعلومات الخاطئة! ولا ندري إلا ان لهذه المعلومات أهدافاص مشبوهة ضد المخيمات!
كما ذكرت قناة الجديد في أخبارها الموزّعة وتغطيتها المباشرة يوم السبت الواقع في 4 كانون الثاني (يناير) خلال نشرة أخبار الظهيرة، |
|
|
أن ماجد الماجد قبل وفاته أجاب مخابرات الجيش على سؤال واحد فقط، وهو أن السيارة التي انفجرت أمام السفارة الإيرانية خرجت من مخيم عين الحلوة..
إن ما
ذكرته قناة الجديد حينها، عبّر عن انحدار المستوى الأخلاقي والمهني في تعاملها مع اللاجئين،
إذ يبيّن اتهام مخيم بكامله دون دليل واضح ومهني أن القناة تعتمد في سياساتها التحريض
على العنصر الفلسطيني لصالح بعض الجهات السياسية والحزبية.
أمام
واقع التحريض الإعلامي اللبناني الموجّه صوب اللاجئين الفلسطينيين، لم تقم أي من وسائل
الإعلام الفلسطينية في لبنان وخارجها بالدور اللازم والوافي في صد الهجمات التحريضية
أو حتى توضيح صورة المخيمات أمام الرأي العام، لكن ثمة مجموعة من الإعلاميين والناشطين
بادروا إلى تأسيس حملة سمّوها «لا للتحريض»، عملت على رفض الأخبار الكاذبة وإثبات عدم
صحتها من أجل تحصين المخيمات، وحمايتها من نيران الفتنة التي لم يشهد لها مثيل من قبل.
وكانت
الحملة قد استنكرت مؤخراً زجّ بعض وسائل الاعلام اسم مخيم عين الحلوة في التفجير الذي
استهدف الوزير السابق محمد شطح، ورفضت اتهام مخيم عين الحلوة بهذه الجريمة المدانة.
مع العلم أن الأجهزة الأمنية لم تصرح بذلك، ولكن الافتراء على المخيمات يأتي من باب
الكذب لإحداث فوضى ضد الفلسطينيين وإعادة توجيه الذهن الجماعي والتعمية أحياناً عن
مرتكبي الجريمة.
إذن،
في ظلّ التحريض الإعلامي على المخيمات الفلسطينية خلال العام المنصرم، لا بدّ للمرجعيات
الفلسطينية من تشكيل لجنة إعلامية تضم صحفيين وسياسيين وناشطين من أبناء اللاجئين،
من أجل مواجهة كل الأخبار والإتهامات الكاذبة التي تعمل على زجّ العنصر الفلسطيني في
معمعة سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
المطلوب
أيضاً من كل وسائل الإعلام الفلسطينية تخصيص مساحة واسعة للدفاع عن الفلسطينيين وإظهار
الجانب الإنساني والأوضاع المأساوية التي يعيشونها في لبنان على مدار 65 عاماً، نتيجة
حرمانهم من أبسط الحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية.