القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

نمر عويص جسّد فلسطين في رسوماته وكتاباته

نمر عويص جسّد فلسطين في رسوماته وكتاباته
 

الجمعة، 07 تشرين الأول، 2011

بريشة فنان وقلم إبداع، يرسم المعلم الفلسطيني والرسام نمر عويص (61 عاماً) خارطة طريق فلسطين، ويلوّنها على أمل العودة إليها، بعد أن مزج بين رسالتي التعليم والفن الملتزم، ليحث الأجيال الناشئة على التمسك بفلسطين الأرض والانتماء والهوية وصولاً الى العودة..

وعويص، الذي أمضى أكثر من نصف عمره بين الرسالتين، تقاعد من مهنة التعليم، ولكنه لم يتقاعد من حبه الى فلسطين، بل على العكس، فرغ كل وقته وطاقته وابداعه ليعطيها أكثر، ويعيد تنشئة الأجيال على حبها، ويغرس فيهم الانتماء للأرض، مثل شجرة زيتون عشقها ولوّن جذوعها وجذورها بأشكال مختلفة، وبألوان العلم الفلسطيني، قناعة منه أن شجرة الزيتون تعيش طويلاً، وجبارة ومقاومة، ونحن مثلها نموت واقفين ولا نركع، وخصوصاً أن شجرة الزيتون زرعها أهلنا في أرضنا فلسطين بدمهم وعرقهم، وتغذت منذ زمن الأجداد.. وهو بذلك يكمّل ما فعله في مدارس "الأونروا" أستاذاً ومديراً لفترة طويلة من الزمن، حيث طوّر هواية الرسم، الى قضية نضال في أواخر الثمانينيات، عندما لم يعد يستطيع المرء التعبير عن رأيه وموقفه إلا بالرسم أو الكلمة.. لـواء صيدا والجنوب" حط رحاله في منزل عويص في وادي الزينة، والذي حوّله الى محترف صغير لرسوماته وابداعاته، ليطلع منه على رسالته التعليمية والفنية النضالية..

التعليم والرسم ويقول نمر عويص: أنا من المنشية ? عكا، ولدت في صيدا في العام 1951 - أي بعد النكبة بثلاث سنوات، أنهيت "دار المعلمين"، وبدأت التدريس منذ العام 1970، حيث درّست في "مدرسة الشجرة" في مخيم البص - صور حتى العام 1982، حيث اعتقلت فيها من قبل الاحتلال الإسرائيلي وسجنت في ذات المدرسة في غرفة الرياضة تحديداً، ولكنها دمرت، ثم درّست في "مدرسة نميرين" حتى نقلت الى "مدرسة بيت جالا" في سبلين وبقيت فيها حتى التقاعد.

ويمازج عويص بين التعليم والرسم ليصل الى هدفه هو "على الأجيال المقبلة أن تُحافظ على فلسطين لأنها أمانة، فالقضية الفلسطينية أمانة، ويجب عدم التنازل أو التخلي عنها، ورغم التشرذم والتشتت والضياع العربي، فالأمل بالعودة ما زال وسيبقى قائماً".

وتابع: لقد حاولت مساعدة الطلاب في تنمية هواية الرسم، فلم تكن توجد رسومات، والتف حولي الطلاب وساعدوني على ذلك، وقد كتبت أسماء الطلاب الذين شاركوا، وخصوصاً أولئك الذين لديهم حس فني، ويلونون مثلي بالقش والعيدان والاسفنج، بأشياء بسيطة مثل: الكرتون، وأرسم حالياً في مدرسة على الجدران، وألوّن بهذه الأشياء وبمعاونة عدد من المعلمات".

وقال: لقد اخترت الرسم على خشب الزيتون نظراً لرمزيته الفلسطينية، أبحث عنه وأحمل جذع الشجرة وأقطعها في المنشرة، وقد أكثرت من القيود والجنازير على الرسوم، كتعبير عن أسرها واحتلالها، وسيبقى الأمر كذلك، حتى تزول القيود وتتحرر الأرض من دنس الاحتلال الإسرائيلي.

مثال التعبير واتخذ عويص بعض المفكرين والكتّاب والرسامين والمناضلين مثالاً له في الحياة، فقال: "إن الفنان ناجي العلي هو مثلي، فهو رمز للتعبير عن الموقف الحر، أحببت وأعدت رسوماته أكثر من مرة على القماش، ورسمت أكبر لوحه تصل الى 36 متراً وعليها 28 لوحة من رسوماته، وفي ذكرى النكبة منذ عامين، شجعت الطلاب على المشاركة في الرسم، كل طالب يكتب معلومة عن بلدته أو قريته في فلسطين، أو يحضر شيئاً من تراثها ويوقّع على اللوحة التي رفعتها في المدرسة بطول 17 متراً وعرض مترين ونصف المتر، فقام 200 طالب بالكتابة واحضار التراث، ووقّعوا عليها باسم البلد مع شعارات مثلاً "قسماً سنعود"، فأوجدنا لدى الأهل حالة من التفاعل مع القضية وعدم نسيانها، فالهدف من كل ذلك استمرار الذاكرة الفلسطينية، ونقل ما عرفته من والدي الى أولادي وأحفادي - أي من جيل الى آخر، وقلت مراراً هم راهنوا على موت الجيل الذي نزح عن فلسطين حياً في العام 1948، ولكن كلما ناضلنا من أجلها أحببناها أكثر، لأن كل جيل يأتي يتمسك بها أكثر".

وأضاف: شعوري مرهف تجاه الرسم، وخصوصاً أنه يتجاوز حدود الفن ورسم الطبيعة الى الفن الملتزم والنضال الوطني، وشعوري كبير عندما أجسّد فلسطين وأعبّر عن القضية، فن الطبيعة جميل، ولكن الأجمل منه التعبير عن الإلتزام بالقضية، والتعبير عن شيء بذاتي، وأنقله الى طلابي، حتى أولادي وأحفادي، فحفيدتي سارة (عمرها 6 سنوات) تعيش معي، وهي ترسم مثلي، وكأنها باتت تعشق فلسطين منذ الآن، علماً بأن الرسومات ليست للبيع، لأن كل لوحة هي جزء مني أقدّمها هدايا من أجل الحفاظ على تراث فلسطين، وكي تبقى حية في الذاكرة، بعيداً عن مشاكل الدنيا وهمومها وشجونها.

ولقاء والى جانب الشوق الى فلسطين، يحلم عويص بالعودة الى بلدته وهو حقق أولى الخطوات، فيقول عن ذلك: "حلم حياتي هو العودة، وأن أصل الى الحدود الفلسطينية، وبالفعل لقد وصلت 6 مرات منذ تحرير الجنوب الى اليوم، وكان حلمي أن أرى تراب فلسطين، وتحقق ذلك في العام 2000، حيث شاهدت شقيقتي التي غادرت لبنان الى فلسطين في العام 1983 عروساً، بات لديها 4 أولاد ولم أراها منذ ذلك الحين، وكان لقاء عند الشريط الشائك بين لبنان وفلسطين المحتلة، حقيقة أنه مشهد مؤثر جداً مع آلاف الناس الذين احتشدوا على طرفي الحدود، لا يُمكن أن ينسى المرء هذا المشهد أبداً، وكلما وصلت الى الحدود أشعر "بغصة" وأعيشها الآن".

وخاتمة ويصل عويص الى رسالته، فيؤكد "يجب أن لا ننسى الأرض والوطن والقضية، رغم كل ما يحدث في العالم، فأملنا بالعودة كبير، ويجب أن يبقى هذا الأمل قائماً وأن نعمل من أجله، وأن نناضل بأي شكل من الأشكال".

وتابع: لقد شاركت في معرض أقيم في وزارة السياحة تحت عنوان: "الفن في عيون أطفال فلسطين"، شاركت فيه كل مدارس "الأونروا"، وكنت مسؤولاً عن تنسيق الرسومات، وشاركت في معارض أقيمت في مخيم عين الحلوة، وأرسم ديكورات المعارض.

وختم عويص: "ليس لديّ مشروع خاص بالرسم، ولكن أتمنى أن يكون لديّ معرض أو محترف دائم، وما زال الأمر باكراً، فهدفي الآن ابقاء جذور القضية حية في نفوس كل الأجيال الموجودة والناشئة، علماً انني قمت بإعداد دراسة عن بلدتي المنشية، حيث استعنت بوالدي وبكبار السن الذي أسهبوا بالحديث عن القضية الفلسطينية، وقد قدّمت الدراسة الى إحدى الجامعات الأميركية".

المصدر: ثريا حسن زعيتر - اللواء