هجرة 1948..
شرارة التوهج في قسارية الذهب
الإثنين، 10 آب، 2015
الهجرة الفلسطينية عام
1948م عملت على ازدهار تجارة الذهب في قطاع غزة، وإشراك المسلمين في تجارته، عوضًا
عن احتكار اليهود والمسيحيين في ذاك الوقت للتعامل فيه مع أقلية بسيطة مسلمة.
ويشار إلى أن سوق الذهب
(القسارية) – وفق مركز المعلومات الفلسطيني التابع لوكالة الأنباء الفلسطينية – وفا
- يقع في مدينة غزة بمحاذاة الجهة الجنوبية للمسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة وهو
سوق تاريخي قديم عبارة عن مجموعة من المحلات الصغيرة المتلاصقة على امتداد سور المسجد
الجنوبي والمبنية على الطراز الإسلامي على شكل أقواس.
ويختص هذا السوق ببيع الذهب
والفضة فقط، حيث يرتاده معظم سكان قطاع غزة لشراء ما يحتاجونه من ذهب وفضة وتنشط الحركة
في هذا السوق في فصل الصيف، حيث تكثر حفلات الزفاف وبالتالي تجهيز العروس بالحلي وفق
العادات والتقاليد المتبعة.
اسطبل خيول
"فلسطين" عرفت
بعض الحقائق عن نشأة السوق من خلال محاورة تاجر الذهب عادل طبازة (55 عامًا) والذي
يعمل في مهنته منذ عام 1976، وقد ورثها عن والده، والتفاصيل في السياق التالي.
وقال طبازة: "عرف اليهود
والمسيحيون منذ العصور القديمة أهمية الذهب كمعدن نفيس وعملة لا تتأثر بالتغييرات السياسية
أو الجغرافية أو اندثار الحضارات، ولأن لديهم رأس مال كبير استطاعوا أن يكونوا أصحاب
هذه التجارة"، مشيرًا إلى أن حارة اليهود القديمة بالقرب من كنيسة دار اللاتين
كان أغلب سكانها من تجار الذهب، قبل أن يتركوا الحارة أثناء احتلال (إسرائيل) في عام
1967م.
ونوه إلى أن اللاجئين الفلسطينيين
عقب تعرضهم للتهجير من قراهم في عام 1948 ولجوئهم إلى قطاع غزة، فإن منهم ذا رأس مال
ولديه بعض الذهب أخذ يتاجر به على أبواب المسجد العمري في خمسينيات القرن العشرين.
ونبه طبازة إلى أن القسارية
الحالية التي يوجد فيها محلات الذهب الآن، موجودة منذ وجود السكان الأوائل لقطاع غزة،
ومبنية على الطريقة الشمسية لمعرفة الأوقات من خلال نوافذها، ومع مرور الحقب والحضارات
عليها، آلت للقياصرة، وفي فترة من الوقت كانت عبارة عن اسطبلات للخيول، إلى أن أصبحت
محلات "اسكافي" لتصليح الأحذية، انتهاءً بأن أصبحت كلها محلات لبيع الذهب.
الذهب ملاذ آمن
وأضاف: "بعض محلات
الاسكافي ترك وسط البلد وانتقل إلى الأماكن الجديدة ليكون بالقرب من مصدر رزق جديد،
فمنهم من باع محله لمن كان تاجر ذهب أمام أبواب المسجد العمري، ومنهم من ترك مهنة
"الاسكافة" وتاجر هو بالذهب"، منوهًا إلى أن آخر محل لم يكن يبيع الذهب
انضم لتجارة الذهب في عام 1987 قبيل انتفاضة الحجارة الأولى.
وأكمل طبازة: "كانت
الاسطبلات ترتفع ستة أمتار عن الأرض لكن مع الوقت أصبح جزء كبير منها في باطن الأرض،
ليصبح علو القسارية الآن فقط ثلاثة أمتار، وكل المحل اسطبلا لخيل من الخيول في زمن
الملكة هيلانة".
ولفت النظر إلى أن حركة
الحج والعمرة بين فلسطين والسعودية ذات أثر كبير في تزويد سوق الذهب الفلسطيني بالذهب
السعودي، إضافة لتنقل الفلسطينيين في البلاد المحيطة والإتيان بالذهب للمتاجرة به.
وشدد على أن الذهب من أفضل
أنواع التجارة التي يمكن أن يعمل بها شخص دون أن تسبب له الكساد، بخلاف الملابس أو
السلع الأخيرة التي ترتفع وتنخفض التعاملات فيها ولا يكون التخزين والاحتفاظ بها حلاً
مربحًا، بينما الذهب الملاذ الآمن كما وصفه.
أخيرًا، أوصى طبازة كل من
يريد شراء أو بيع ذهب ألا يتعامل مع تاجر واحد فقط، بل أن يأخذ "لفة" في
السوق و"يتنور" بالأسعار وبعدها يقرر إما أن يشتري أو يبيع ويكون قد أخذ
الصافي دون أن يكذب عليه تاجر أو يستغله".
المصدر: فلسطين أون لاين