القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

هل تتحوّل احتجاجات المخيمات في لبنان إلى انتفاضة؟

هل تتحوّل احتجاجات المخيمات في لبنان إلى انتفاضة؟
 

الأربعاء، 11 تموز، 2012

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري حذّر خلال جلسة الحوار اللبناني في 25 حزيران/يونيو الماضي، من أن الربيع العربي قد يكون وصل إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان، أما رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري فأعرب عن خشيته، خلال جلسة مناقشة قوانين العمل الخاصة بالفلسطينيين العام الماضي، من أن يصل لبنان إلى وقت تأتي القوافل العالمية متضامنة مع المخيمات الفلسطينية.

إشارتان صريحتان من أن الوضع الاجتماعي والإنساني للفلسطينيين يمكن أن يقود إلى احتجاجات واسعة لا يمكن التكهن بنتائجها. ورغم التهدئة النسبية في المخيمات الفلسطينية نتيجة الوعود، التي لا تصل إلى حل نهائي للأزمة الإنسانية للفلسطينيين، إلاّ أن بعض المراقبين ما زال يحذر من انتفاضة فلسطينية شاملة في مخيمات لبنان، فيما يرى آخرون أن الظروف الموضوعية لحدوث انتفاضة لم تكتمل بعد.

يشير أنصار إمكانية انطلاق انتفاضة فلسطينية شاملة في المخيمات إلى أن الوضع الفلسطيني في لبنان شبيه بالوضع الذي فجر الفلسطينيون فيه انتفاضتهم عام 1969. ففي ذلك العام كانت الأجهزة الأمنية اللبنانية مطمئنة إلى قبضتها الأمنية، والسيطرة الكاملة لأجهزتها على المخيمات، وأن اختراقاتها تسمح لها بإجهاض أي تحرّك في مهده. وحجم الاعتقالات قد كبح جماح الأهالي، وجعلهم يحجمون عن المطالبـة بحقوقهم، خاصة أن بعـض الناشطين غادروا لبنان هربـاً من الملاحقات الأمنية.

ووصلت ثقة الأجهزة الأمنية بتدابيرها أن عينت على كل مخيم ضابط برتبة منخفضة (على سبيل المثال الرقيبان عزام وبهجت في مخيمي نهر البارد وبرج البراجنة). لكن عندما اشتعلت الانتفاضة اشتعلت مرة واحدة، دون أن تستطيع السلطات اللبنانية تدارك التداعيات، واستباق النتائج التي قادت إلى زوال سلطة الأجهزة الأمنية اللبنانية عن المخيمات الفلسطينية.

ويلفت أنصار هذا الرأي إلى أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الوسط الفلسطيني عام 1969 لم يكن على درجة من سوء الوضع الحالي، فيومها لم يكن الفلسطيني محرومًا من العمل، باستثناء بعض المهن. ولم يكن قانون منع التملك قائمًا (صدر عام 2001). فحجم القهر والفقر تضاعف مرات عديدة، خصوصًا في العقد الأخير (66.4% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فقراء مقابل 35% في أوساط اللبنانيين، و 56% من الفلسطينيين عاطلون من العمل). لذا فإن عوامل بروز انتفاضة فلسطينية، بحسب هؤلاء، متوافرة أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا أن التضامن الفلسطيني في لبنان أثبت خلال احتجاجات نهر البارد أنه لم يغب بغياب المصالحة الفلسطينية.

أما أنصار عدم إمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية في لبنان فيقولون إن الوضع الفلسطيني مختلف اليوم عما كان عليه عام 1969. ففي ذلك التاريخ كان هناك قيادة فلسطينية في لبنان موحّدة حول الأهداف السياسية والاجتماعية، أما اليوم فإن القيادة منقسمة سياسيًا، بحيث يصعب جمعها حول أهداف اجتماعية وسياسية، وما فشل تشكيل المرجعية الفلسطينية إلاّ دليل على تشرذم القيادة الفلسطينية.

كما أن هذه القيادة، حسب أنصار هذا الرأي، تفتقد النخب المحرّكة والتي يمكن أن تصوغ مشروعًا فلسطينيًا. ويضيف هؤلاء أن وجود أزمة اجتماعية ليس كافيًا لإطلاق انتفاضة، بل إن الأهم الوعي بطريقة مواجهة هذه الأزمة، والاتفاق والإصرار على سُبل مواجهتها هو الذي يمكن أن يقود لانتفاضة، وهذا ليس متوافرًا حتى الآن. ويشدّد هؤلاء على أن الكثير من الفصائل يخشى أن تكون المخيمات الفلسطينية بؤرة تنفيس الاحتقان في لبنان، أو الحلقة الأضعف لتفجير الوضع الأمني فيه، فلذلك فإن هذه الفصائل ستعمل على كبح أي انتفاضة في هذه الفترة، مع محاولة تحقيق بعض المطالب للفلسطينيين في لبنان.

بين الرأي القائل بإمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية في لبنان، والرأي القائل بانعدام إمكانية ذلك، يبقى الواقع شاهدًا على أن اندلاع الانتفاضة لا يخضع لقوانين ثابتة، بل يأتي اندلاعها متفلتًا من التوقعات، وهذا سرّ من أسرار انتصارها.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام