وفود آسيوية وأوروبية وثلاثة حاخامات يهود شاركوا "يوم الأرض" في قلعة الشقيف.. بعيداً من الحدود
السبت، 31 آذار، 2012
دبيب العائدين إلى قلعة الشقيف في احتفالية "يوم الأرض"، أعاد إليها ذكرى احتضانها للثورة الفلسطينية قبل الإحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982. القلعة التي ظلت طوال عقود وعهود موقعا ومنطلقا لعمليات المقاومة الفلسطينية في لبنان ضد العدو، وتحولت إلى رمز لتلاحم الشعبين الفلسطيني واللبناني على طريق الثورة وتحرير الأرض.
أكثر من ألفي شخص، بين لاجئ فلسطيني من مخيمات لبنان ومتضامن مع القضية الفلسطينية، وصلوا إلى قلعة الشقيف منذ الصباح، للمشاركة في إحياء يوم الأرض، الذي انطلقت فعالياته هذا العام، في نحو 60 دولة عربية وعالمية تحت شعار "المسيرة العالمية إلى القدس". وقد وقع الإختيار على قلعة الشقيف التي تبعد عن الحدود مع فلسطين نحو سبعة كلم لإحياء المناسبة، والتي كان من المفترض أن تكون على مقربة من الأسلاك الشائكة، بعد صدور قرار أمني بعدم وصول أي فلسطيني إلى مناطق عمل "اليونيفيل" جنوب نهر الليطاني الخاضعة للقرار 1701، تخوفا من تكرار ما حدث في بلدة مارون الراس في ذكرى يوم النكبة في أيار الماضي، حين سقط قتلى وجرحى برصاص جنود الإحتلال الإسرائيلي.
ورغم ما تحمله قلعة الشقيف ويوم الأرض كذلك، من رمزية خاصة، إلا أن ذلك لم يسهم في استقطاب العدد الكبير من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين آثرت غالبيتهم عدم المشاركة، خاصة فلسطينيي مخيمات الشمال. ولم تلق الإعلانات الداعية للمشاركة قبل يوم الإحتفال، الحماسة ذاتها التي لاقتها المسيرة التي أقيمت العام الماضي في مارون الراس على مقربة من الأراضي المحتلة. كما أن الفصائل الفلسطينية لم تسيّر حافلات لنقل الراغبين في المشاركة. واقتصر الحضور على المنتمين إليها.
وفيما برر القيّمون على الإحتفال قلة عدد المشاركين بعدم توافر المبالغ الكافية لتأمين النقل وضيق المكان المستضيف، اعتبر كثيرون أن السبب في ذلك بُعد المكان عن الحدود. وأبدى بعض المشاركين تخوفهم من أن إحياء المناسبات الفلسطينية الوطنية سوف يعود تدريجيا إلى داخل المخيمات، إذا بقي على هذه الوتيرة من التراجع، ولن يحظى فلسطينيو المخيمات اللبنانية بفرصة رؤية أرضهم مجددا. "فالعام الماضي كنا في مارون الراس. هذا العام في قلعة الشقيف. العام القادم سوف يحشروننا في المخيمات". هكذا قالت السيدة الفلسطينية التي كانت تلوّح بعلم بلادها في باحة قلعة الشقيف.
الاحتفال
في الباحة الجانبية لقلعة الشقيف المطلة على الأراضي المحتلة، أقيمت منصة الإحتفال الرسمي. وارتفعت الأعلام الفلسطينية واللبنانية وأعلام حزب الله، ولافتة كبيرة كتب عليها "شعوب العالم تريد تحرير القدس". وأحيطت أطرافها بالأسلاك الشائكة حفاظا على سلامة المشاركين. فالقلعة وباحاتها تنتصب على شاهق صخري فوق مجرى نهر الليطاني. وقد شهدت قبل بداية الإحتفال تسلل عدد من الشبان الفلسطينيين نحو منطقة الخردلي، تمكن عناصر من الجيش اللبناني من إعادتهم إلى مكان الإحتفال بعد توقيفهم مدة ربع ساعة.
وعلى وقع الأناشيد الوطنية الفلسطينية والزغاريد وهتافات العودة، رقص المشاركون وغنّوا وهتفوا للأرض "بتتكلم عربي" رافضين التوطين والتهويد ومنطق التسويف، مطالبين الحكام العرب بفتح الحدود أمامهم ليزحفوا إلى بلادهم ويحرروها من رجس الإحتلال، قبل أن تبدأ فعاليات المناسبة، بتأدية صلاة الجمعة بإمامة الشيخ محمد موعد. بعدها تعاقب على الكلام سبعة خطباء، إضافة إلى فقرات فنية وطنية وتراثية.
الحضور ضم إلى جانب ممثلين عن الفصائل الفلسطينية في لبنان، ممثلين عن الأحزاب الدينية والقوى الوطنية اللبنانية ووفودا آسيوية وأوروبية ومشاركة ثلاثة حاخامات يهود من حركة "ناتوري كارتا" المعارضة للصهيونية.
وشددت الكلمات بمجملها على حق العودة ، وتحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، وتوحيد الذات الفلسطينية لمواجهة العدو، والعمل على جعل القضية الفلسطينية قضية إنسانية عالمية.
بدأ الإحتفال بالنشيدين الوطني اللبناني والفلسطيني، ثم كانت وقفة مع الفنان الفلسطيني عبد عصفور. بعدها ألقى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق كلمة أكد فيها أن المعادلات تغيرت. ففي العام 1982 وقف هنا مناحيم بيغين وشارون معلنين هذه القلعة عنواناً لهزيمة لبنان. لكننا اليوم نقف هنا أمام القلعة الشاهدة على دحر الإحتلال عام 2000 (...) فبين أعوام 1976 و 2012 اختلفت المعادلة. فصواريخ المقاومة الفلسطينية باتت ترعب الكيان الغاصب". وشدد على ان "ربيع الأمة لا يكتمل طالما أن ربيع فلسطين لم يزهر مع العلم أن الشعب الفلسطيني لا يعوّل على القمم العربية بل على سواعد المجاهدين في غزة ورام الله ومارون الراس وبنت جبيل".
واستذكر أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات تاريخ المقاومة الفلسطيني - اللبناني المشترك في قلعة الشقيف مؤكداً ان" المقاومة في الداخل الفلسطيني سوف تتصاعد بالتزامن مع الحراك الدولي لإقرار حقوقنا كشعب فلسطيني رغم أنف العدو". وشدد على ان "القدس ستبقى عاصمة الدولة الفلسطينية. فهي عاصمتنا الأبدية والعاصمة الروحية للمسلمين والمسيحيين وعليها رايحين شهداء بالملايين، كما قال الشهيد عرفات".
ثم تحدث علي بركة باسم حركة حماس، مؤكداً ان "الشعب الفلسطيني لم يعدّ وحيداً لأن قضيته باتت عالمية. لهذا أحذر الصهاينة من تهويد القدس لأن ذلك سيطلق ثورات مسلحة لن تنتهي ولن تتوقف عند أي حدود". ودعا الى الإسراع في إنهاء حالة الإنقسام داخلياً وإعادة بناء هياكل منظمة التحرير كي نحدد إستراتيجية فلسطينية موحدة تحقق العودة لكل أبناء شعبنا"، مؤكداً "التمسك بخيار المقاومة المسلحة سبيلاً لتحرير فلسطين كل فلسطين".
واعتبر مسؤول العلاقات السياسية في حركة "الجهاد الإسلامي" شكيب العينا في كلمته أن "القضية الفلسطينية المنسية من جدول أعمال القمة العربية في بغداد لم تعدّ تريد من العرب أنصاف حلول". وأكد أن "رسائل التهديد الصهيونية ليست سبب ابتعادنا عن الحدود مع فلسطين، بل أردنا الذكرى هنا كي نذكره بما جرى معه في العام 2000 في لبنان (...). فالمقاومة كما إنتصرت في الحرب الأخيرة في غزة وفرضت شروطها، فنحن نستعد لليوم الكبير مع أحرار العالم كي ندخل الى المسجد الأقصى ونزيل كيانكم الغاصب". وعن حركة أمل شدد عضو المجلس السياسي بسام كوجك على ان "الحركة ماضية على درب الإمام الصدر الوفي للقضية الفلسطينية لو تخاذل المتخاذلون"، معتبراً أن "طريق فلسطين لا تمر باتجاه العواصم العربية بل عبر القدس". ودعا "الشعب الفلسطيني الى الوحدة لأنها الطريق الأسلم لمواجهة العدوانية الصهيونية".
وتحدث الشيخ عبد الحكيم عطوي، باسم الجماعة الإسلامية، مؤكداً ان "ما سلبه العدو بالقوة لن يسترد بغيرها" لافتاً الى أنهم قبل الربيع العربي" ظنوا أن الأمل إنقطع لكننا اليوم في زمن انتصار الشعوب لحريتها نرى يوم تحرير القدس بات قريبا قريبا". كما ألقيت كلمة باسم المتضامنين الأجانب باللغة الإنكليزية في ختام الإحتفال.
المصدر: المستقبل