متابعة – لاجئ
نت|| الإثنين، 12 آب، 2024
في 12 آب 1976،
سقط مخيم تل الزعتر بعد صمود بطولي دام 54 يوماً من الحصار المطبق.
يقدر عدد
شهداء المخيم بحوالي 3000 غالبيتهم من المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن من
أبناء اللاجئين، عدا عن عدد كبير من المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن.
48 سنة مرت على اغتيال المخيم، لتنضم مجزرة تل
الزعتر لبقية المجازر التي ارتكبت بحق مخيمات لبنان، والسمة المشتركة بينها
"الإفلات من العقاب"، ويعتبرها
الفلسطينيون بان مرتكب المجزرة خادماً صغيراً للمشروع الصهيوني.
ومن سينسى
القصص المرعبة لاحداث المجزرة خاصة قصة قناص بئر الماء حيث جُعل من «الحنفية»
مصيدة لقتل العشرات، وجرح المئات من أبناء المخيم، ومدرسة الدكوانة، وقتل نحو 500
شخص اختناقاً في ملجأ المخيم خمسين منهم من عائلة واحدة عائلة حمزة.
تأسيس المخيم
تأسس المخيم
عام 1949 بعد مرور عام على نكبة فلسطين ويقع في شرق مدينة بيروت بالقرب من حرش
ثابت ومساحته 56646 متر مربع.
تميز المخيم
في ذلك الوقت بالنشاط الزراعي الذي ازدهر نسبيًا في تلك المنطقة التي اشتهرت بشكل
خاص ببساتين الحمضيات والخضروات.
اشتغل قسم
كبير من سكان المخيم، في الزراعة، وبحلول عام 1968 تقلص النشاط الزراعي، وصارت
المنطقة الشرقية الشمالية من بيروت أهم مناطق لبنان الصناعية على الإطلاق.
كان طبيعيًا
أن يقترن بالتطور الكبير للمنطقة المحيطة بالمخيم، تطور ديمغرافي هام داخل المخيم
ذاته، حيث راح عدد السكان يرتفع من 400 نسمة في عام 1950 إلى أن وصل قُبيل مهاجمته
عام 1976 إلى حوالي 20 ألف فلسطيني و10 آلاف لبناني.
حصار وإبادة
في يناير من
عام 1976، وإبان الحرب الأهلية اللبنانية بدأ الحصار الفعلي لمخيم تل الزعتر
للاجئين الفلسطينيين من قبل الميليشيات اليمينية اللبنانية، إلى أن بدأ هجوم واسع
لميلشيا "النمور" التابعة لكميل شمعون، في 20 حزيران (يونيو) على المخيم
وعلى التجمعين المجاورين له، جسر الباشا والنبعة.
وانضم
للمهاجمين أيضا في تلك المجزرة بجانب "نمور الأحرار وزعيمها كميل شمعون، كل
من "الكتائب اللبنانية بزعامة بيار الجميل، وحراس الأرز وزعيمها اتيان صقر
أبو ارز والشبيبة اللبنانية، حيث بدأت القذائف والصواريخ تمطر على المخيم بلا
انقطاع من الفجر إلى المغيب وعلى مدى 52 يوماً متتالية، حيث يُقدر عدد القذائف
التي سقطت على تل الزعتر بحوالي 55000 قذيفة.
في اليوم
الأول سقطت حوالي 5000 قذيفة على المخيم، فدمرت ما يقرب من 70 بالمائة من بيوته.
في 1 تموز
(يوليو) حاولت الفصائل الفلسطينية فك الحصار عن تل الزعتر، لكن دخول قوى إقليمية
على خط المعركة أفشل الهجوم، الذي تكرر في 4 تموز (يوليو)، لكنه لم يُكتب له
النجاح للأسباب نفسها.
وفي منتصف
تموز (يوليو) استطاع 75 متطوعاً فدائياً الوصول إلى المخيم، وإدخال نحو 100 قذيفة
صاروخية مضادة للدبابات من طراز "أر بي جي"، لكن بدأ محيط الدفاع عن
المخيم يتقلص بالتدريج، نتيجة الدعم الذي تلقته مجموعات الميليشيات المهاجمة.
لم يكن لدى
المخيم كله، في نهاية حزيران (يونيو)، سوى ثلاثة مصادر للمياه، تقلصت إلى أنبوب
مياه صالح واحد، ابتداء من 14 تموز (يوليو)، وكان هذا الأنبوب يقع عند الخط
الأمامي، الأمر الذي عرّض ما يقرب من 25 لاجئاً للقتل بنيران القناصة.
انتشرت حالات
سوء التغذية والجفاف بين الأطفال، بينما قضت "الغرغرينا والكزاز
والنزيف" على عدد متزايد من الضحايا بعد نفاد المضادات الحيوية والأمصال،
الأمر الذي أجبر الأطباء على اللجوء بصورة متزايدة إلى عمليات بتر الأطراف
المصابة.
بسبب المجاعة
التي جرت على أهالي المخيم بسبب الحصار الذي استمر عدة أشهر؛ طلب الفلسطينيون في
تل الزعتر من علماء المسلمين فتوى تبيحُ أكلَ جثثِ الشهداء كي لا يموتوا جوعاً.
في 12
تموز(يوليو) قامت الميلشيات المهاجمة بقتل 90 مدنياً بعد استيلائها على عدة مبان.
وفي 21
تموز(يوليو) منعت ميلشيا كميل شمعون تنفيذ خطة إجلاء 100 جريح من تل الزعتر.
وفي 24 تموز
(يوليو) قصفت الميليشيات مخيم تل الزعتر بقذائف دبابات "سوبر شيرمان"
التي سلمتها "إسرائيل" حديثاً لتلك الميلشيات، فاستشهد 250 مدنياً
فلسطينياً كانوا متحصنين في أحد المباني.
بعد مفاوضات،
وتدخلات دولية، سُمح في 3 آب (أغسطس)، بإخلاء 334 جريحاً إلى بيروت الغربية، تبعهم
500 طفل في اليوم التالي.
في العاشر من
آب (أغسطس) فقد المخيم أنبوب المياه الحيوي الأخير، وفي ذلك اليوم خرج 3000 مدني
من المخيم، وتبعهم بعد يومين بقية السكان الذين يتراوح عددهم بين 9000 و12000.
أمرت قيادة
الدفاع عن المخيم من تبقى من المقاتلين بأن ينتقوا طريقهم عبر وادي نهر بيروت، تحت
غطاء مدفعي، وتمكن 3000 رجل وامرأة من الوصول إلى مدينة عالية سالمين، بعد أن
فقدوا الكثيرين أثناء الطريق.
في صبيحة 12
آب (أغسطس) أذاعت مكبرات تابعة لحزب الكتائب بنود الاتفاق الذي يمنع التعرض
للمدنيين أثناء الخروج، لكن ما بين 1000 و2000 مدني قتلوا رمياً بالرصاص أو
قُطّعوا إرباً.
ووصلت
الجرافات وأزالت المخيم، وبلغ عدد الشهداء أثناء الحصار 4280 شهيداً غالبيتهم من
المدنيين والنساء والأطفال وكبار السن، بينما سقطت على المخيم حوالي 55000 قذيفة.
سوت الجرافات
المخيم؛ لكنها لن تهيل التراب على مأساة تأبى النسيان وتروى قصص سوداء عن مجزرة
إبادة جماعية ستظل عالقة في الذاكرة ضمن صفحات كتاب المجازر التي تعرض لها
اللاجئون الفلسطينيون.
سيبقى هذا
المخيم الصغير علامة بارزة في حياة اللاجئين ليتحول الى رمز ونموذج مصغر لفلسطين
وتشتت العائلات في مخيمات وتجمعات لبنان وخارجه.
سُوِّي المخيم
بالأرض، ليس فقط بسبب 55 ألف قذيفة استهدفت المخيم لا بل أكملت المهمة جرافات خاصة
استُحضرت للغاية، ولم توافق الدولة اللبنانية على إعادة إعمار المخيم، والغريب بأن
لا موقف تم رصده من قبل وكالة الاونروا تجاه ما جرى للمخيم ولاجئيه.
على الرغم من
مرور 48 سنة، مخيم تل الزعتر، لا يزال موجوداً بركامه وذكرياته الأليمة، ولاجئين
لن يسامحوا أو ينسوا من قتل ذويهم وذاكرتهم، حتى لو لم يعودوا موجودين في المخيم.