القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

65 عاما على تقسيم فلسطين

65 عاما على تقسيم فلسطين

يصادف اليوم الخميس التاسع والعشرون من شهر تشرين الثاني ذكرى مرور خمسة وستين عاماً على صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين ومنح 55 في المئة من مساحتها إلى غزاة صهاينة يقيمون كياناً مزعوماً بعد العمل على طرد شعبها الفلسطيني خارج فلسطين. إنّ هذا القرار الذي اكتسب صفة الدولية هو جريمة اقترفها المجتمع الدولي تنفيذاً لوعد بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917 بإقامة دولة لليهود، وهكذا فإننا نجد أنّ هذه هي المرة الأولى التي تعمل فيها القوى الاستعمارية بقيادة بريطانيا وفرنسا على قيادة قرار دولي مخالف بل ومعارض لميثاق الأمم المتحدة، ويتمثّل الانتهاك في: - إنّ القرار يدعو لطرد سكان بل شعب من وطنه ليتم إحلال أقوام من بقاع العالم غرباء عن الوطن المستهدف العدوان عليه ألا وهو فلسطين، وهذا يناقض فلسفة الأمم المتحدة العمل على إفشاء السلام بين شعوب العالم ودولة. - كما أنّ هذا القرار ناقض، أيضاً الفلسفة السياسية التي قامت عليها الأمم المتحدة، وهي الإنسانية الشمولية والتعايش بين مختلف الثقافات والديانات، فعملت بدلاً من ذلك على إقرار إقامة دولة على أساس ديني فقط، وبذلك أسست لتأجيج صراع ديني وفقاً لنص القرار 181. ولم تكتف قائدة الاستعمار بريطانيا بذلك، بل عملت على تمكين العصابات الصهيونية من احتلال أراضي فلسطين بعد أن عملت لسنوات طويلة على قمع الشعب الفلسطيني والتنكيل به تمهيداً لتنفيذ مؤامرتها التي انتهت بطرد الشعب الفلسطيني ليعيش حياة اللجوء والمنافي، والإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. ومنذ ذلك والشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي وطليعة الأمة الإسلامية والصديقة، وهو يكافح من أجل تحرير وطنه المغتصب منذ عام 1948، والذي استكمل احتلال باقي فلسطين إثر عدوان حزيران 1967، بعد هزيمة الأنظمة الرسمية، وقد تعرّضت الثورة الفلسطينية إلى العديد من المؤامرات الإقليمية والدولية بهدف إجهاض ثورته ودفعه إلى الخنوع والاستسلام والقبول بالأمر الواقع، تلك السياسات والمؤامرات التي عملت أيضاً على تعزيز قوة العدو الصهيوني المدعوم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً من أمريكا وأوروبا. وهكذا فإننا نؤكّد في هذه المناسبة المشؤومة على عدد من الثوابت: أولاً: إنّ الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع مستمر إلى أن يتم تحرير كامل التراب الفلسطيني وعودة الشعب الفلسطيني إلى وطنه التاريخي. ثانياً: إنّ الكيان الصهيوني لا يفهم إلاّ لغة القوة، وقد أثبتت الوقائع منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 وما أعقبه من عقدين من المفاوضات، أننا نواجه عدواً لا يسعى إلى السلام والتعايش بل لا زال يهدف إلى استمرار احتلاله لكل فلسطين دون أن يدفع ثمن ذلك أيضاً. ثالثاً: الإيمان بأنّ التوصل إلى برنامج فلسطيني متوافق عليه بين كافة القوى المكونة للثورة الفلسطينية المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وخارجها يجمع بين المقاومة بأشكالها والمفاوضات المدعومة بالقوة. رابعاً: العمل على تشكيل جبهة عربية وإسلامية وعالمية صديقة تدعم نضال الشعب الفلسطيني، وتضع حدا للتغوّل العدواني الصهيوني. خامساً: على الدول العربية والإسلامية والصديقة أن تعمل على فرض عقوبات سياسية واقتصادية وعزل للكيان الصهيوني، بل والعمل على طرده من الأمم المتحدة في حال إصراره على التنكُّر لتنفيذ القرارات الدولية وخاصة قراري 181 و194. وبعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 بتاريخ 29 تشرين الثاني1947 الذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين ظهرت العديد من ردود الأفعال والمواقف تجاه هذا القرار ولقد كان لهذا القرار بالغ الأثر على الفلسطينيين، فبين عشية وضحاها فقد الفلسطينيون جزءا كبيرا من وطنهم نتيجة لهذا القرار ليمنحه إلى مهاجرين يهود جاءوا من أنحاء المعمورة لا تربطهم بفلسطين أي رابطة، لقد كان وقع نبأ موافقة الأمم المتحدة على قرار التقسيم، أشبه بوقع القنبلة على الفلسطينيين الذين باتوا اشد غضبا وتصميما على رفض هذا القرار ومقاومته، والعمل على إلغائه وتحول هذا الغضب والرفض من قبل الفلسطينيين إلى خطوات عملية، كانت بداياتها التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1947 ولتتواصل حتى العام 1948 وما شهدته من أحداث خطيرة فقد عمت الاضرابات والمظاهرات أرجاء فلسطين وخاصة مدينة القدس ويافا وحيفا وسقط مئات الشهداء والجرحى. وتم الإعلان عن الجهاد طريقاً للتحرير، وبدأت الثورة بالعمل على السيطرة على الطرق الرئيسية ونسف وتدمير مقر الوكالة اليهودية في القدس ونشبت معارك اشهرها معركة القسطل وأخذ أبناء فلسطين يبحثون عن السلاح في كل مكان وكانوا يقبلون بأي نوع من أنواع السلاح يتوفر لديهم حتى اضطروا إلى شراء السلاح القديم وما خلفته الحرب العالمية الثانية وسرعان ما تم تنظيم المجاهدين وأسست فرقة الفدائيين وفرقة التدمير وأنشئت جماعات الإسعاف وحاميات للأمن العام والمدن والقرى وفرقة القناصة والمغاوير . الموقف العربي جاء الموقف العربي الرسمي والشعبي رافضا لقرار التقسيم، فبينما كانت المظاهرات الصاخبة تجوب شوارع القاهرة المقر الرئيسي لجامعة الدول العربية، نشطت التحركات السياسية في أروقة الجامعة العربية، حيث عقدت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية اجتماعات في الفترة مابين (8ـ17 كانون الأول 1947 حضرها رؤساء الوزارات، وقررت العمل لإحباط مشروع التقسيم، والحيلولة دون قيام دولة يهودية في فلسطين، وقد أذاع رؤساء الوزارات المجتمعون بياناً نددوا فيه بقرار الأمم المتحدة التي أوصت بتقسيم فلسطين، وإقامة دولة يهودية فيها، وإهدار حق كل شعب في تقرير مصيره، و كان ضمن ما جاء في البيان ما يلي: وهي قد رسمت للتقسيم حدوداً تجعله غير قابل للتنفيذ وتجعله مصدر الاضطرابات والفتنة فأدخلت فيما أسمته بالدولة اليهودية أجود أراضي العرب وأوسعها رقعة وأكبر موارد الثروة الاقتصادية، ووضعت نصف مليون من العرب مسيحيين و مسلمين تحت نير الصهيونيين وسيف إرهابهم، وهم أنفسهم لا يجاوزون عدد العرب الذين وضعهم تحت سلطان الصهيونية الدخيلة وذلك بعد أن نزعت الدولة المنتدبة من العرب سلاحهم ومكنت الصهيونية من رقابهم. وأن حكومات دول الجامعة العربية تقف صفاً واحداً إلى جانب شعوبها في نضالها لتدفع الظلم عن إخوانهم العرب، وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم ولتحقيق استقلال فلسطين. وقد قرر رؤساء وممثلو هذه الحكومات في اجتماعهم بالقاهرة أن التقسيم باطل من أساسه، وقرروا كذلك عملاً بإرادة شعوبهم أن يتخذوا من التدابير الحاسمة ما هو كفيل بإحباط مشروع التقسيم الظالم ونصرة حق العرب . وقررت اللجنة السياسية تقديم أسلحة وتوزيعها على أهل فلسطين خصوصاً من كان منهم أكثر عرضة للخطر، واعتماد الأموال اللازمة للإنفاق على حركة المتطوعين وعلى وسائل الدفاع وإجراء التسهيلات لإرسال المتطوعين إلى معسكر قطنا في سورية للتدريب . كما أنهم قرروا توزيع القوات المحاربة إلى قسمين هما:جيش الإنقاذ، الذي كلف بإنشائه الفريق طه الهاشمي واللواء إسماعيل صفوت والقائد فوزي القاوقجي، ويتكون من الضباط والجنود المتطوعين من البلاد العربية الذين يتدربون في معسكرات قطنا في سورية تحت إشراف اللجنة العسكرية. وجيش المجاهدين الفلسطينيين، الذي يعمل داخل فلسطين وتشرف عليه الهيئة العربية العليا، وقد سمي فيما بعد قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني. وتجدر الإشارة إلى أن اجتماع القاهرة سبقه اجتماع اخر في السابع من تشرين الأول عام 1947 في عالية بلبنان وذلك لمناقشة قرار لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين حيث نتج عن هذا الاجتماع موافقة مجلس الجامعة على تقرير الخبراء العسكريين بوضع عرب فلسطين في وضع مماثل لليهود من حيث تسليحهم وتدريبهم وتحصين مدنهم وقراهم وجعلهم الأساس في الدفاع عن بلادهم لأنهم أعرف بمواقعها وطرق مسالكها كما قرر أن ترابط الجيوش النظامية للدول العربية على حدود فلسطين دون دخولها لتقوية الفلسطينيين ولمساعدة المجاهدين عند الضرورة بالعتاد والضباط وبعض الوحدات الفنية . وتقرر في هذا الاجتماع أن يكون نصيب كل دولة عربية في تمويل الأعمال العسكرية كما يلي: مصر 42%، سوريا ولبنان 23%، السعودية 20%، العراق 15%. ولقد قامت اللجنة العسكرية التابعة للجامعة بتقسيم فلسطين إلى أربع قيادات عسكرية مستقلة على النحو التالي: 1. اللواء الشمالي، ويمتد من الحدود السورية اللبنانية ويشمل جبهة: الناصرة وجنين ونابلس وطولكم وجلجولية وعكا ، وعهدت بقيادتها إلى فوزي القاوقجي. 2. القدس ـ رام الله ـ أريحا ـ الخليل ـ وعهدت بقيادتها إلى عبد القادر الحسيني. 3. منطقة اللد والرملة ويافا وقراها وعهدت بقيادتها إلى حسن سلامة. 4. منطقة غزة والجنوب بقيادة طارق الأفريقي. وعينت لمدينة يافا قيادة خاصة سلمت إلى المقدم العراقي عادل نجم الدين، وكذلك حيفا كانت قيادتها مستقلة عهد بها إلى الملازم الأول الأردني محمد الحنيطي . رد الفعل اليهودي كان اليهود في فلسطين بل في العالم كله في غاية الفرح وكان فرحهم لما حصلوا عليه من نجاح بل لأنهم حصلوا على نواة دولة ليبنوا عليها إمبراطوريتهم العتيدة هدفهم البعيد. فبذلك وصل اليهود إلى مرماهم بصدور قرار التقسيم هذا و ذلك لأنهم أخذوا تلك الدولة التي أعطاها لهم هذا القرار وبموافقة دولية مع اعتراضهم على كون الدولة اليهودية لا تشمل فلسطين كلها. وعندما عقد مؤتمر صهيوني سأل أحد المعارضين حاييم وليزمن في المؤتمر الصهيوني: ماذا عن النقب والجليل؟ قال بهدوء: (إنهما لن تهربا) . رد الفعل البريطاني كان سرور الحكومة البريطانية عظيماً عند صدور قرار التقسيم لأن القضية الفلسطينية وهي العبء الثقيل الذي حملته على كتفيها ثلاثين عاماً أنزلت عن كاهلها ولقد أحست براحة كبرى حين وضعت العبء على عاتق الأمم المتحدة. كان هدف بريطانيا التخلص من مأزق فلسطين وقد تم لها ذلك بصدور قرار التقسيم هذا فبذلك ينتهي انتداب بريطانيا لفلسطين . وقد بادر المندوب البريطاني فأعلن عقب القرار أن حكومته تقبل قرار الأمم المتحدة وتبذل كل المساعي لتطبيقه . وقرر الإنجليز وقف الإدارة المدنية وتصفيتها اعتباراً من أول آذار وتبديل صفة المندوب السامي ليصبح حاكماً عسكرياً فمضوا ينسحبون من تل أبيب والمناطق المخصصة لليهود تاركين إداراتها لهم وكان وزير الدولة البريطاني لشئون المستعمرات قد أعلن منذ 2 كانون الثاني أنه سمح للعرب واليهود باتخاذ ترتيبات لضمان أمنهم في المناطق التي يشكلون فيها الغالبية حتى يتسنى لقوى الأمن البريطانية أن تحتشد في القدس والمناطق المختلفة الأخرى. وكانت الوكالة اليهودية مستعدة لملء الفراغ والتحول فعلاً إلى حكومة يهودية تضع يدها على المرافق العامة وتجبي الضرائب وتفرض التجنيد وتستولي على ميناء تل أبيب ومطارها وعلى المطارات وما يجاورها وبذلك سنحت الفرصة لجلب المدربين والأسلحة والخبراء والضباط والمتطوعين جواً وبحراً في حين كانت السلطات البريطانية في المناطق العربية تشدد قبضتها على زمام الإدارة ولا تسمح بمرور المتطوعين والعتاد والتموين إلى فلسطين . إن في إعلان بريطانيا قبولها قرار الأمم المتحدة وأنها عازمة على إنهاء انتدابها وسحب قواتها وجهازها الإداري وأنها ستترك فلسطين لمن يقيم فيها نافضة يدها من مسؤولية الانتداب الذي نفذته لصالح الصهيونية على مدى ثلاثين عاماً يعني هذا أنها ألزمت نفسها بتأييد ما تظاهرت بالامتناع عن التصويت له وبحياد موقفها منه . المقاومة الفلسطينية بدأت المقاومة الفلسطينية أعمالها على أرض الواقع في حربها ضد اليهود إثر قرار الهيئة العربية العليا القاضي باعتبار يوم 29 تشرين الثاني 1947 يوم حداد وناشدت فيه الشعب أن يستمر في المقاطعة وأن يضرب ثلاثة أيام وهي 2 و3 و4 كانون الأول وسرعان ما ارتفعت أسعار السلاح لندرته لأن كل عربي في فلسطين هرع للحصول على قطعة منه ، وبلغت ثورة النفوس أوجها في أيام الإضراب الثلاثة عندما هاجم المتظاهرون وقد أثارتهم الاحتفالات اليهودية التي أعقبت قرار التقسيم سوق اليهود التجاري (الشماعة) في القدس كما وقعت صدامات كثيرة في أنحاء مختلفة من البلاد كان أهمها ما وقع في مدينة يافا حيث تعرضت الأحياء التي تربط يافا بتل أبيب لعمليات تدميرية واسعة النطاق. ولقد دارت رحى معارك طاحنة في الأشهر الخمسة التي تلت قرار التقسيم أبدى فيها مجاهدو فلسطين ومتطوعو الأقطار العربية ضروب الإقدام والتضحية والصبر وعلى الرغم من وفرة سلاح العدو ووحدة قيادته واكتمال الوسائل الآلية والإسعافية لديه، فقد كانت الحرب سجالاً بين الطرفين طوال الأشهر الأربعة الأولى وكان الفلسطينيين أسياد الموقف والمسيطرين على ناصية المبادرة منذ يوم القتال الأول. وقد تفوق العرب أيضاً في معارك الطرق ذلك أن أيام القتال الأولى اتخذت شكل المصادمات البسيطة ومهاجمة القوافل اليهودية المارة بالأحياء العربية. وعمد اليهود بعد المصادمات إلى تغيير خط سير مختلف عن طريق المستعمرات الممتدة بين تل أبيب ومدن الشمال والوسط والجنوب غير أنه كان لابد من عبور أراضٍ وقرى عربية مما نجم عنه غالباً شل حركة المواصلات تماماً واحتدام معارك كبيرة أثرت على مجرى الحرب، كما أثرت على نفوس اليهود المحاصرين في مستعمراتهم وخاصة في القدس، ولكن هذا الإجراء لم يخفف من حدة القتال. فلا يكاد يمضي يوم دون أن يشتبك فيه العرب مع قوافل اليهود التي كانت تسير بأعداد كبيرة من سيارات النقل والركاب التي تحمل المؤن للمستعمرات، و التي عمد الصهيونيون إلى تصفيح بعضها لتقاوم الرصاص، ولقد تضرر الصهيونيون كثيراً بحرب المواصلات التي جرت معاركها بين المجاهدين والقوافل الصهيونية وكان النصر فيها حليف العرب. وفي معركة كفار عصيون استسلم يهود إحدى هذه القوافل واستولى العرب على جميع أسلحة القافلة وسياراتها وسمحوا للأحياء بالسفر إلى القدس وكان عدد الناجين منهم 161 وعدد الجرحى 19 جريحاً ولولا شهامة القائد العربي عبد القادر الحسيني لأبيد جميع أفراد القافلة اليهود وعددهم يقارب الثلاثمائة. وعلى الصعيد نفسه قام المناضلون العرب في القدس يوم 26 كانون الثاني/ يناير 1948 بنسف شارع هاسوليل، ونجم عن ذلك تدمير ثماني عمارات ضخمة على من فيها وقد أصيب الصهاينة بخسائر فادحة في الأرواح لم يكشفوا عن أرقامها وجاوزت خسائرهم المادية نصف مليون جنيه. ومنها هجوم العرب على حي مونتيفيوري في القدس حيث نسفوا بعض منازله وانسحب المناضلون بعد تدخل الجيش البريطاني. المجازر ضد الفلسطينيين بعد القرار

لم يسلم الفلسطينيون بعد قرار التقسيم من الإجرام الصهيوني واعتداءاته ومجازره البشعة والتي كانت تتصف بالخيانة والغدر حيث أن اليهود كانوا في بداية المعارك بينهم وبين المقاومة الفلسطينية يهربون من الميدان حيث أنهم تفوقوا في بادئ الأمر في أعمال النسف والتدمير بقصد الفتك بالعرب وإلحاق الخسائر المادية بهم وبث الرعب في نفوسهم وقد لجأ اليهود إلى المكر والخداع لتنفيذ جرائمهم كارتداء الزي العربي أو البريطاني العسكري وأهم أعمالهم الإجرامية هي : نسف السرايا القديمة في يافا بشهر آذار 1948 وكانت مصلحة الشؤون الاجتماعية تستعمل المبنى لإيواء الأيتام والمعوزين وإطعامهم وقد قتل سبعة عشر عربياً وجرح ما يزيد على المائة معظمهم من الشيوخ المقعدين والأطفال، ثم بعد ذلك قاموا بنسف عمارة بنك باركليس في يافا، وأفضى الحادثان إلى تصديع عدد كبير من المباني المجاورة من بينها البنك العربي ودار البلدية القديمة في القدس ونسفت الهاغاناة فندق سمير اميس في حي القطمون العربي فتهدم على نزلائه وبلغ عدد الشهداء ثمانية عشر رجلاً وامرأة وزاد عدد الجرحى عن العشرين كما ألقى الإرهابيون الصهيونيون برميلاً من المتفجرات بين الجموع المحتشدة في باب الخليل بالقدس، فاستشهد عشرون عربياً وجرح ستة وثلاثون، وفي حيفا تسلل نفر من الإرهابيين اليهود بالزي العسكري البريطاني إلى عمارة فنسفوها على من المدنيين العزل ودحرج بعض الإرهابيين برميلاً مليئاً بالمواد الناسفة من قمة حي يهودي على مرتفع في حيفا على حي العباسية العربي فاستشهد عدد كبير من العرب العزل معظمهم من النساء والأطفال وفي اليوم التالي كان سكان الحي قد هجروه تماماً لوقوعه تحت الحي اليهودي مباشرة ولافتقاره إلى وسائل الدفاع . ولقد زادت وتيرة الاعتداءات والمجازر الصهيونية بشكل يوحي بمدى خطورة الوضع عندما بدلت حكومة الولايات المتحدة رأيها في مشروع التقسيم وأصبحت تفضل دعم اتفاق الوصايا الذي توضع فيه فلسطين تحت انتداب الولايات المتحدة، وذلك بسبب الاضطرابات الدامية، التي أثارتها توصية التقسيم وقد أيد هذا البيان الكثير من الدول . وقرر اليهود احباط كل محاولة يقوم بها مجلس الأمن الدولي قد تبطل أو ترجئ مفعول قرار التقسيم أن يجابهوا الأمم المتحدة بالأمر الواقع حيث بدأ اليهود هجوماً عاماً يتمثل في (عملية نخشون من مخطط داليت) وذلك بحركتين: الأولى من تل أبيب والثانية من القدس ويستخدم اليهود في هذه العمليات ولأول مرة قوات بحجم اللواء هدفها الالتقاء في سهل اللطرون وشطر فلسطين إلى شطرين مع فتح الطريق من تل أبيب إلى القدس واكتساح العشرات من القرى العربية ويوضح بن غوريون ما أسفر عنه الهجوم اليهودي بقوله: وفي عملية نخشون نظفت الطريق المؤدية إلى القدس وتم احتلال القدس الجديدة كلها تقريباً وطرد الثوار من حيفا ويافا وطبريا وصفد بينما كان الانتداب لا يزال قائماً في البلاد على الفلسطينيين شعباً ومقاومة أنها لم تعد مناوشات كما في الشهور السابقة وإنما أصبحت معارك يخوضونها لاحتلال الأراضي وإخلائها من سكانها العرب وقد خططوا لها على أن تبدأ في نيسان وتنتهي قبل الخامس عشر من أيار 1948 وعلى ذلك احتلت سمخ وطبريا وأخليتا في التاسع عشر من نيسان وحيفا في الثامن والعشرين منه ويافا في الثامن والعشرين والقطمون في القدس في الثلاثين منه.

المصدر: جريدة الدستور الأردنية