أسيرات فلسطين يعرّين وحشية الاحتلال: صمود في وجه الإهانات والضغوط النفسية
الخميس، 08 آذار، 2012
كانت الشابة الفلسطينية المقدسية إسراء سلهب في بيتها عند منتصف الليل حين اقتحمته قوات إسرائيلية واعتقلتها، واقتادتها إلى التحقيق. لم تكن تعلم أن هذا التحقيق سيكون محرجا، وهي تمكنت من كسر حاجز الخوف وروت لـ«السفير» ما حصل معها حين جرت تعريتها أثناء التفتيش. الأمر ذاته حصل مع الأسيرة الفلسطينية هناء شلبي المضربة عن الطعام منذ 22 يوما متواصلة بسبب إهانتها والتحرش بها واعتقالها من دون تهمة، وهي حال تسع أسيرات أيضا يقبعن حاليا في سجون الاحتلال.
وتقول إسراء لـ«السفير»: «تعرضت للتفتيش العاري من قبل جهاز الشاباك»، وتضيف» لقد كان المحقق يجلس إلى جانبي، ويصرخ، فطلبت منه الابتعاد عني ورفضت التجاوب معه حتى ابتعد». وأضافت سلهب «كانوا يضغطون عليّ من خلال غريزة الأمومة ولإجبار زوجي الذي كان معتقلا حينها، على الاعتراف بأشياء لا علاقة له بها، وهو ما لم يحصل، وضغوطاتهم لم تؤثر علينا، و قد تم الإفراج عني وعنه في وقت لاحق».
وكانت منظمة اسرائيلية تسمي نفسها «اللجنة الإسرائيلية لمناهضة التعذيب» نشرت في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرا حول الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات لا سيما التحرش الجنسي والتعرية خلال التحقيق.
ونقلت «هآرتس» أن النيابة العامة الإسرائيلية تحقق في شكاوى قدمتها أسيرات فلسطينيات حول التحرش بهن وتعريتهن خلال عمليات التحقيق معهن. وقالت الصحيفة إنه تم تقديم 17 شكوى من قبل الأسيرات الفلسطينيات، تتحدث عن قيام محققي «الشاباك بإهانتهن أثناء التحقيق، عبر القيام بتفتيشهن وهن عاريات، والاقتراب منهن أثناء التحقيق، أو نزع حجابهن عن رأسهن وغير ذلك من الحركات البذيئة المسيئة لهن».
طريقة تحقيق أخرى تكشف التصريحات النقاب عنها هي التهديد باعتقال أبناء العائلة. حتى العام 2007 درجوا في «الشاباك» على اعتقال أبناء العائلة للخاضع للتحقيق لغرض الضغط عليه. بتدخل من محكمة العدل العليا تقرر أنه لا يجب اعتقال أبناء عائلة لم يرتكبوا مخالفة، ولكن يمكن استخدام أبناء العائلة الذين يوجد مبرر لاعتقالهم للضغط على المشبوهين. في تصريح «س» مقيمة من قلقيلية، ابنة الـ26 عاما، تروي انها اعتقلت في صيف العام 2009 وخضعت للتحقيق للاشتباه بالإعداد لاختطاف جندي. ومع وصولها الى المعتقل أعطوها لباسا داخليا رجاليا لترتديه. اُجلست على كرسي وقيــدت من الخلف بالقيود طوال ساعات التحقيق. في كل مرة طلبــت فيها تغيير وضــعيتها أمرها المحقق بألا تفعل ذلك. في التحقيق هددوها باعتــقال أمها وأختها. إذا تعــاونت فإنهم وعــدوها بأن تنتقل للســكن في اسرائيل مــع أبيها. وهــددها المحققون بنــشر معلــومات بأنهـــا لم تعتقــل لجــرائم أمنيـة بــل في ملابسات اخرى ومنعوها من تغطية رأسها بالحجاب.
في تصريح «ن»، ابنة الـ27 عاما من طولكرم، أكدت ان المحققين هددوها بفعل جنسي. فقد اعتقلت في صيف العام 2009 للاشتباه بانتمائها الى خلية خططت لاختطاف جندي. لدى التحقيق معها جعلوها تشاهد رفيقتها التي اعتقلت وقالوا لها إنها مذنبة في وضع رفيقتها. هددوها بأنهم سيعتقلون أبناء عائلتها. اقتادوها معصوبة العينين الى غرفة التحقيق وفي الغرفة انتظرها رجل. المحققون قالوا للرجل «جلبنا لك شابة، فأنت تحب الشابات». المجهول ضحك وخرج من الغرفة. وعندما اشتكت من أن المحققين يلمسونها، أجابوها «ماذا يهم هذا، فأنت لست متدينة».
وكشفت الصحيفة شهادات اخرى أكدت وجود الممارسات نفسها خاصة التفتيش العاري، ليس فقط من قبل جهاز «الشاباك» بل من قبل عناصر الجيش أثناء الاعتقال وقبل الوصول الى مركز التحقيق.
وكانت الأسيرة هناء شلبي المضربة عن الطعام منذ 22 يوما وتصر على المضي قدما في الإضراب حتى الإفراج عنها، أكدت هي الأخرى تعرضها للإهانة والتحرش والتعذيب خلال عملية اعتقالها.
شلبي التي حررت ضمن الصفقة الاخيرة للتبادل بين حماس وإسرائيل قالت منذ اللحظة الأولى لاعتقالها إنها مضربة عن الطعام، احتجاجا على إهانتها وتعذيبها وتفتيشها عارية.
وتشرح شلبي في بيان صدر عنها من خلال نادي الاسير الفلسطيني «قوات الاحتلال طلبوا مني أثناء الاعتقال الجلوس على الأرض لأني لا استحق أن أجلس على كرسي». وتضيف «جندي احتلال بلباس مدني ادعى أنه ممرض داخل المعتقل، طلب مني خلع ملابسي للتفتيش إلا أني رفضت، فقاموا باستدعاء عدد من الجنود وقاموا بتقييدي وطرحوني أرضا وانهالوا عليّ بالضرب».
وفي وقت لاحق استجابت المحكمة الإسرائيلية لبعض مطالب شلبي وقررت تخفيف الحكم الإداري الصادر بحقها من 6 إلى 4 شهور، لكن الأسيرة أبت وأصرت على مواصلة الإضراب.
ويوم امس أجلت المحكمة الإسرائيلية جلسة عقدت لاستئناف الحكم الصادر بحق هناء، بداعي إعطاء النيابة العسكرية المجال للتوصل الى اتفاق حول ملفها.
وقالت مؤسسة «الضمير» الفلسطينية التي تتابع وضع الأسيرة هناء إنها «مصرة على الاستمرار في إضرابها المفتوح عن الطعام حتى يفرج عنها على الرغم من تراجع حالتها الصحية وانخفاض وزنها اكثر من 10 كيلوغرامات، ووضوح التعب والإرهاق على جسدها».
وأضافت المؤسسة أن «القاضي لم يسمح لوالد الأسيرة هناء برؤيتها حتى من مسافة بعيدة، وأمر بإغلاق أبواب المحكمة وإبقاء الوالد خارجها». وقالت «أثناء جلب الاسيرة هناء الى المحكمة كان قد تم تكبيل يديها ورجليها، بالاضافة الى ان احدى المجندات حــاولت تفتـــيش الاسيرة تفتيشا عاريا أمام الأسيرات وطاقم المجندات الا ان الأسيرة رفضت ذلك بشدة».
المصدر: السفير