القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

أطفال صُم يُجسدون وغى الحرب بأفلامٍ صامتة

أطفال صُم يُجسدون وغى الحرب بأفلامٍ صامتة


الثلاثاء، 17 آذار، 2015

تنهمك الطفلة نور بإطلاق "عباراتٍ صوتية مشفرة" مرفقة بإشارات يدوية سريعة لاستعارة ألوانٍ خشبية وقصاصات كرتونية لإتمام فيلمها "الصامت" الذي تنتجه مع أقرانها في قاعة الفنون والحرف بمدرستهم.

وتعمل نور الحجار (13 عامًا) مع زملائها في جمعية أطفالنا للصم مع فريقٍ مكون من 12 طفلاً أصمًا من ذوي الاحتياجات الخاصة على إنتاج فيلمٍ حول تجربتهم المخيفة خلال سبعة أسابيع من العدوان الذي شنه الجيش الإسرائيلي على غزة صيف 2014.

وتمسك الطفلة الحجار بقصاصة على شكل كتكوت، وتقول إنه يهرب من لهيب الصواريخ المتفجرة قربه ويستنجد بأمه الدجاجة التي تسارع لاحتضانه والاعتناء به ليغدو ديكًا كبيرًا، لتشكل إحدى صور الفيلم الذي تعكف على إنتاجه.

وتشرح الحجار لمراسل وكالة "صفا" عبر مترجمة لغة الإشارة كيف أنها لا تنسى حين رأت اخوتها يهربون وقررت أن تفعل مثلهم؛ فلم تكن تسمع أو تدرك ما تدور حولها، "فكل ما كنت أقوم به هو تقليد أفراد عائلتي واللحاق بهم أينما ذهبوا.. كانت لحظات مرعبة ولم أُجد سوى البكاء بصمت".

وأنتج هؤلاء الأطفال الصم ستة أفلامٍ مماثلة، قالت إدارة الجمعية إنها جسدت معاناة الأطفال خلال الحرب من خلال الاستخدام الرمزي لصغار الحيوانات الداجنة عوضًا عن الآدميين.

ويتمثل إنتاج الفيلم الكرتوني بشكل بسيط عبْر تجميع رسومات الأطفال على شكل شرائح ورقية متسلسلة وإدخالها تحت صندوق ضوئي لعرضها بشكل متتابع لتكوين فيلم بطول 5-7 دقائق تقريبًا.

أما الطفل وسيم المدهون؛ فرسم أرانب صغيرة تصطف في طوابير أمام أحد متاجر بيع الأعشاب، في إشارة رمزية لطوابير المواطنين التي كانت تنتظر أدوارها لاستلام بعض الخبز لذويهم.

ويقول المدهون (11 عامًا) والذي ولُد لأبٍ وأمٍ أصميْن: "شاهدت مئات الأشخاص كانوا يصطفون للحصول على الخبز قبيل ساعات الإفطار في شهر رمضان لجلب الخبز والطعام لأطفالهم، في حين كانت أعمدة كثيفة من الدخان الأسود في كل مكان".

وترى معلمة الفنون الجميلة في الجمعية سُعاد عوض أن انتاج هذه الأفلام البسيطة تمثل نوعًا من التفريغ النفسي لدى طلابها الأطفال.

وتقول عوض لوكالة "صفا": "وبعد أشهر من انتهاء الحرب وما بها من انفجارات وضجيج، لا زال هؤلاء الأطفال يشعرون بها ويعانون جراءها بصمت، وهنا نوفر لهم ما يمكن أن يُهدئ من روعهم عبر الرسم والألوان في بيئة تفاعلية مثالية".

وخلال هذه العدوان، قتلت هجمات الجيش الإسرائيلي 500 طفل وأصابت ثلاثة آلاف آخرين، فيما شردت 50 ألف طفل مع عائلاتهم، وفق ما ذكر صندوق الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف".

معاناة هؤلاء الأطفال لا زالت تسيطر على مخيلاتهم وتفاعلهم مع نشاطات الجمعية، وتقول المسؤولة في الجمعية ماندي سرداح إن الأطفال في الجمعية يُصرون على رسم تجاربهم الشخصية خلال العدوان في كل نشاط فني، حتى وإن كان موضوع الرسومات خارج نطاق تلك الحرب.

وتلفت سرداح لوكالة "صفا" إلى أن طريقة التعبير عن معاناة الأطفال الصم تختلف عن أقرانهم من الأصحاء؛ فهم يعجزون عن التعبير شفاهيةً عما يدور في عواطفهم وأحاسيسهم أو التجارب الحزينة التي عايشوها.

وتمثل فكرة انتاج الأفلام والرسوم المتحركة على أيدي الأطفال الصم الأولى من نوعها في فلسطين، وفق إدارة الجمعية.

المصدر: وكالة صفا