
الأربعاء، 14
أيار، 2025
وسط خيام
النزوح الباردة وقسوة الجوع، تكابد أمهات غزة للبقاء على قيد الحياة بعد أن فقدن
أزواجهن وأبناءهن وبيوتهن في حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة. يعشن واقعًا
إنسانيًا مأساويًا يتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يمتزج ألم الفقد بمرارة الحرمان.
منذ بدء
العدوان الوحشي على قطاع غزة، وثقت التقارير استشهاد أكثر من 12 ألفًا و400 امرأة،
وفقدت ما يزيد عن 14 ألف امرأة أزواجهن، بينما تواجه نحو 60 ألف سيدة حامل خطرًا
حقيقيًا نتيجة انهيار المنظومة الصحية، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة. كما
نزح أكثر من 90% من سكان القطاع، بعضهم لمرات عديدة، ليقيموا في ملاجئ مكتظة أو
العراء، في ظل تفشي الأمراض ونقص المياه الحاد، بالتزامن مع تحذيرات متكررة من
مسؤولين فلسطينيين وأمميين من التداعيات الكارثية لإغلاق المعابر المستمر ومنع
دخول الغذاء والدواء والوقود منذ قرابة شهرين.
وحيدة بسبعة
أطفال.. خبز المعكرونة يسد الرمق:
في خيمة واهنة
تفتقر لأبسط مقومات الحياة في خان يونس جنوب القطاع، تجد الفلسطينية أم محمد أبو
دقة نفسها وحيدة مع سبعة أطفال بعد أن استشهد زوجها وأحد أبنائها في قصف إسرائيلي.
تقول بصوت مثقل بالألم: "زوجي وابني استشهدا في الحرب، وأعيش داخل خيمة بظروف
قاسية لا تحتمل. أطفالي مرضى وبحاجة لعلاج غير متوفر بسبب الحصار وإغلاق
المعابر."
داخل الخيمة،
تتجلى قسوة الواقع. المكان الضيق الذي يلتف فيه الأطفال حول أمهم يفتقر لأبسط
الضروريات. عانوا برد الشتاء القارس، ويستقبلون حر الصيف اللاهب بأجساد منهكة
وبطون خاوية. تضيف أم محمد بمرارة: "نعاني من الجوع ولا يوجد من يعيلنا. لجأت
إلى طحن المعكرونة لصناعة الخبز بعد أن نفد الدقيق تمامًا." وفي رسالة مؤثرة
تدمي القلب، ناشدت أمهات العالم الوقوف بجانب أمهات غزة، والمطالبة بإنهاء الإبادة
ورفع الحصار الظالم، وتقديم الدعم الإنساني العاجل لأسر فقدت كل شيء.
جوع وقهر..
خيام النايلون لا تقي حرًا ولا بردًا:
قصة مشابهة
ترويها أم أيمن، التي فقدت زوجها وطفلها ومنزلها في القصف الإسرائيلي. تجد نفسها
مضطرة للإقامة في خيمة بدائية مصنوعة من النايلون والقماش المهترئ منذ أن دمر
الاحتلال منزلها قبل أشهر. تقول بصوت خافت: "فقدت ابني وزوجي وبيتي. أعيش في
خيمة لا يوجد فيها طعام أو شراب. لم أعد قادرة على مواصلة الحياة، خاصة بعد هذا
الفقد الموجع." وتضيف أنها تضطر للمشي مسافات طويلة للحصول على القليل من
الماء للشرب أو الطهي. وتشير إلى أن خيمتها الهشة لا تقيها حر الصيف اللاهب ولا
برد الشتاء القارس، وتتمنى أن تنتهي هذه الإبادة، مناشدة أمهات العالم الوقوف صفًا
واحدًا مع الأمهات الفلسطينيات والمطالبة بوقف الحرب ورفع الحصار وإنهاء المجاعة
التي تفتك بأطفالهن.
المعكرونة
طعامًا وحيدًا.. مأساة مستمرة:
أما صابرين
أبو دقة، التي فقدت زوجها وشقيقها، فتصف واقعها المرير قائلة إنها تعيش مع أطفالها
الخمسة في ظروف بالغة الصعوبة. وتضيف بحسرة: "لا يوجد بسكويت أو عصائر أو
وجبات صحية نطعم بها أطفالنا. نعيش على المعكرونة فقط." وناشدت العالمين
العربي والإسلامي والمؤسسات الإنسانية التحرك العاجل لإنقاذ أطفال غزة في ظل الوضع
الكارثي الذي خلفته حرب الإبادة.
وفي شهادة
أخرى تقشعر لها الأبدان، روت أم فلسطينية فقدت زوجها ومنزلها ووضعت طفلها يتيمًا
بعد مقتل والده في قصف إسرائيلي، أنهم يعيشون مجاعة حقيقية. وقالت بصوت خنقته العبرات
دون ذكر اسمها: "لا طحين، لا أكل، لا شرب"، مؤكدة أن أوضاع النساء في
قطاع غزة مأساوية بكل المقاييس.
يذكر أن جيش
الاحتلال الإسرائيلي صعّد من جرائمه في مطلع مارس الماضي بإغلاق جميع المعابر
المؤدية إلى قطاع غزة، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود
بشكل كامل، مستأنفًا بذلك حرب الإبادة بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت.
ويعتمد سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة بشكل كامل على هذه المساعدات بعد أن
حولتهم حرب الإبادة المستمرة منذ 19 شهرًا إلى فقراء معدمين، وفقًا لبيانات البنك
الدولي. وبدعم أمريكي غير محدود، تواصل إسرائيل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في
غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، مخلفة أكثر من 172 ألف شهيد وجريح، معظمهم من
الأطفال والنساء، بالإضافة إلى ما يزيد على 11 ألف مفقود تحت الأنقاض.