
الجمعة، 25 حزيران، 2025
في خضم التدفّق اليومي للأخبار والضجيج الرقمي، يبرز اسم
الشاب الأردني الثلاثيني أيمن عبلي كأحد الأصوات التي رفضت الصمت أمام مشاهد
المجاعة والدمار في غزة. لم يكن أيمن ناشطًا سياسيًا محترفًا أو عضوًا في أي
تنظيم، بل كان شابًا أردنيًا بسيطًا استخدم هاتفه لتسجيل مقاطع فيديو قصيرة يعبر
فيها عن مشاعره الصادقة، متحدثًا بضمير غاب كثيرًا عن المشهد الرسمي. لكن كلماته
هذه، التي لاقت دعمًا وتصفيقًا واسعين، قادته إلى الاعتقال.
في أحد المقاطع التي نشرها أيمن على صفحته الشخصية، ظهر
وهو يوجه نقدًا لاذعًا لما وصفه بـ"تخاذل الأنظمة العربية" عن نجدة غزة،
قائلًا بنبرة صادقة: "الجوع سلاح قاتل، وما يحدث في غزة إبادة جماعية بصمت
عربي ودولي مريب".
الاعتقال وردود الفعل
لم يكن الفيديو سوى تعبير شخصي، إلا أنه كان كافيًا
لتحريك ملف التحقيق لدى الأجهزة الأمنية التي استدعته ثم أوقفته، مما أثار صدمة
وغضبًا كبيرين بين متابعيه والمتضامنين معه. أيمن، الذي عرفه متابعوه بروحه
الساخرة ولغته القريبة من الشارع، لم يتخيل أن التعبير عن رأيه بشأن مجاعة غزة
يمكن أن يُفسر على أنه تهديد للأمن أو انتهاك للقانون. يقول أحد أصدقائه:
"أيمن لم يدعُ إلى تخريب أو شغب.. لقد قال الحقيقة كما يراها، ولام الصمت
الرسمي العربي".
لكن السلطات الأردنية لم تكتفِ بحذف المحتوى، بل أقدمت
على توقيفه والتحقيق معه، في إطار سلسلة من الإجراءات التي طالت مؤخرًا نشطاء
شاركوا في فعاليات تضامن مع فلسطين أو كتبوا منشورات تنتقد مواقف رسمية.
حملة تضامن رقمية
لم تتأخر ردود الفعل على اعتقال أيمن، حيث أطلق ناشطون
حملة تضامن رقمية تطالب بالإفراج عنه، وتداولوا مقاطع من تسجيلاته القديمة التي
كان يؤكد فيها أن "السكوت على الظلم تواطؤ، والكلمة أضعف الإيمان". وعلى
منصات التواصل الاجتماعي، تحول هاشتاغ #الحرية_لأيمن_عبلي إلى منبر للتعبير عن
الغضب، ليس فقط على اعتقاله، بل على التوجه العام بتكميم الأفواه وتضييق مساحة
التعبير.
لم يملك عبلي أدوات إعلامية ضخمة أو تمويلًا من أي جهة؛
كل ما يملكه كان هاتفًا وكلمات. لكنه، بهذه الأدوات البسيطة، نجح في نقل رسالة
وصلت إلى الآلاف، وطرقت أبواب الأسئلة الصعبة. لا تزال قضية أيمن عبلي تتفاعل
شعبيًا وحقوقيًا، مع استمرار الغموض حول ظروف اعتقاله وتوقيته. لكن الثابت أن قصة
هذا الشاب لن تمر بصمت، فقد فتحت بابًا جديدًا للنقاش حول حرية الكلمة، ومعنى أن
تكون إنسانًا في زمن تغلق فيه الأبواب على من يساند غزة.