كيري يحاول ثني الفلسطينيين عن التوجه
إلى مجلس الأمن
"إسرائيل": 500 وحدة
استيطانية في القدس
تسابق "إسرائيل" المساعي
التي تبذلها الإدارة الأميركية لمنع الصدام بين "إسرائيل" والفلسطينيين
في الأراضي المحتلة وفي الأمم المتحدة، وتعمد إلى وضع العراقيل الجديدة أمامها.
ورغم الإدانة الدولية والأميركية
لمخططات توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، إلا أن الحكومة الإسرائيلية
أقرت أمس خطة لبناء 500 وحدة في مستوطنة "رمات شلومو" في القدس الشرقية.
وقد اجتمع أمس وفد فلسطيني في واشنطن
بوزير الخارجية الأميركية جون كيري، الذي يحاول ثني الفلسطينيين عن نيتهم التقدم
بطلب إصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يعترف بهم كدولة على حدود 67. وتردّدت أنباء
عن أن كيري يحاول إقناع الفلسطينيين بحلّ مرحلي، لمنع صدام سياسي وميداني واسع مع
الاحتلال الإسرائيلي.
وصدّقت "اللجنة اللوائية
للتخطيط والبناء" في القدس، أمس، خطة إنشاء مئات الوحدات الاستيطانية في
"رمات شلومو". وواضح أنه تمّ تسريع إقرار الخطة وتصديقها إثر قرار رئيس
الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، بتشجيعها كجزء من خطوات "إسرائيل"
لمعاقبة الفلسطينيين في القدس على انتفاضتهم.
وينتشر المشروع على أرض مساحتها 76
دونما، وهو يقع على أراضي بيت حنينا الفلسطينية التي تمت مصادرة الكثير منها
لإنشاء مستوطنات يهودية. وقررت اللجنة تقليص الخطة الأصلية التي تحدثت عن بناء 640
وحدة والاكتفاء فقط بـ 500 وحدة استيطانية، بغية الحفاظ على منطقة خضراء. ومعروف
أن هذه الخطة تتضمّن مصادرة أراضٍ خاصة من الفلسطينيين بغرض شق طرق لإنشاء تواصل
مع هذه المنطقة.
وتشير الصحف الإسرائيلية إلى أن هذا
المشروع عالق في الأدراج منذ 8 سنوات، وأن نتنياهو من حرّكه مؤخراً. وقد صادق رئيس
الحكومة شخصياً، قبل يومين، على اجتماع طارئ لـ"لجنة التخطيط اللوائية في
القدس"، وعلى أن يكون النقاش جزءاً من خطة أكبر تحوي 400 وحدة أخرى في جبل
أبو غنيم.
واعتبرت "حركة السلام
الآن" أن هذا المشروع سيلحق المزيد من الضرر بالعلاقات الإسرائيلية -
الأميركية. وذكرت، في بيان، أن "المصادقة تصب المزيد من الزيت على النار
السياسية وعلى الأزمة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة. إن استمرار
البناء هو خطوة أخرى في سبيل تحويل حل الدولتين إلى فكرة نظرية". وكانت
الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي أدانا بشدة تشجيع هذه الخطط، واعتبراها
معرقلة للسلام ولحل الدولتين.
وقد وصل وفد فلسطيني إلى واشنطن
برئاسة مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات ورئيس المخابرات الفلسطينية
ماجد فرج للاجتماع بكيري ومسؤولين أميركيين آخرين.
ويعتبر اللقاء الذي تم، بناء على طلب
كيري، محاولة شبه أخيرة لدفع الفلسطينيين للبحث عن بديل لخطتهم طلب الاعتراف بهم
كدولة في مجلس الأمن. وتقضي الخطة الفلسطينية بنيل الاعتراف الدولي عبر قرار
بالدولة الفلسطينية وحدودها، ما يعني أن أي مفاوضات مستقبلية مع "إسرائيل"
ستدور حول جوانب أخرى. ويعتبر اللقاء استكمالاً للمباحثات التي كان أجراها كيري مع
الرئيس محمود عباس في القاهرة، على هامش مؤتمر إعادة إعمار غزة.
وسرت أنباء قبل فترة أن كيري عرض على
رئيس الحكومة الإسرائيلية مشروع حل وسط، يسهل عودة الجانبين إلى طاولة المفاوضات
ويمنع التوجه للأمم المتحدة. وقالت أوساط إسرائيلية إن نتنياهو لم يردّ رسمياً على
اقتراح كيري الذي وصل إلى ديوانه مفصلاً، لكن الرد الفعلي جاء في جنوح نتنياهو نحو
اليمين بقوة مؤخراً، بإعلانه تشجيع الاستيطان في القدس والضفة الغربية على حد
سواء. وأعلن الفلسطينيون، من جانبهم، أنهم لم يتسلموا أية مقترحات جديدة، ولم تعرض
عليهم أيضاً أية أفكار جديدة.
وكانت جهات مختلفة أشارت إلى أن كيري
يطمح إلى تمرير خطة لاستئناف المفاوضات على قاعدة منح الأولوية لرسم حدود الدولة
الفلسطينية على أساس خطوط 67 وتعديلات وتبادل أراضٍ. وتتضمّن خطته تجميد الاستيطان
في الضفة الغربية مقابل امتناع الفلسطينيين عن التوجه إلى الأمم المتحدة خلال فترة
التفاوض. لكن العيب المركزي في خطة كيري الجديدة أنها تقوم على أساس جدول زمني مرن
وغير ملزم.
وتجهر الإدارة الأميركية برفضها
الصيغة الفلسطينية لنيل الاعتراف من مجلس الأمن الدولي، لكنها تحاول تجنب الظهور
كمن يقف خلف "إسرائيل" في رفض حل الدولتين. وتضغط إدارة الرئيس باراك
أوباما على "إسرائيل" لمنع تصعيد الموقف، سواء في القدس أو الضفة
الغربية، وخصوصاً بسبب الاستيطان لدرجة تلميحها بالتهديد بعدم استخدام حق النقض (الفيتو)
في مجلس الأمن. لكن ورغم ما بدا مؤخراً من تدهور العلاقات بين إدارة أوباما وحكومة
نتنياهو، فإن أحداً لا يجزم باستعداد أميركا للتخلي فعلياً عن "إسرائيل"
في المحافل الدولية.
وأمس راجت في أوساط اليمين مخاوف من
أن واشنطن تقصد فعلاً التخلي عن إسرائيل. وعدا عن كلام زعيم "البيت
اليهودي" نفتالي بينت حول تخلي أميركا عن إسرائيل، أكد قادة مستوطنين ووزراء
في "البيت اليهودي" وبعض حاشية نتنياهو، أنهم سمعوا من رئيس الحكومة
الإسرائيلية ذاته كلاماً حول نية أوباما التخلي عن "إسرائيل" في الأمم
المتحدة.
وذكرت صحيفة "ماكور ريشون"
اليمينية أن هذا هو السيناريو المرعب الذي خشي منه كل أنصار "إسرائيل" عشية
فوز أوباما بالولاية الثانية. وحسب وزير الإسكان أوري أرييل، فإن أوباما بذلك يهدم
قدس أقداس التحالف بين أميركا وإسرائيل، ويلغي جدار "الفيتو" الذي من
دونه يصعب على "إسرائيل" البقاء.
المصدر: حلمي موسى - السفير