ابتسامة غزّة لعيد الفطر قهرت ذكرى العدوان

الثلاثاء، 21
تموز، 2015
تعلو صيحات الأطفال الذين ركبوا الأرجوحة في حيّ
الزيتون جنوب مدينة غزة، وهم يطلبون من صاحبها زيادة السرعة، وإلى جوارهم ركام مبنى
قُصف العام الماضي، في لوحة متكاملة، تحوي مشهد الأمل الذي تغلّب على الألم.
ضجة الأطفال الجميلة لم تزعج أياً من المارة الذين
نظروا إلى الأرجوحة الملونة التي نصبت على مدخل شارع النديم بعد ثبوت هلال شهر شوال،
وقد رسمت على وجوههم بسمة رضى.
شوارع قطاع غزة، التي زُينت على خجل بالحبال المضيئة
والملونة، وعبارات التهاني بحلول عيد الفطر، احتفلت على طريقتها الخاصة بالعيد، حيث
نصبت على مداخلها الأرجوحات مختلفة الألوان والأشكال، وقد أحاط بها عشرات الأطفال،
وفي المقابل "تكاتك"- عربات صغيرة- تحمل أطفالاً يغنّون للعيد.
يقول الطفل محمد حسان، الذي انتظر دوره طويلاً للصعود
إلى الأرجوحة: "كثرة عدد الأطفال في منطقتنا تشعرنا بأجواء العيد التي تفتقدها
مناطق أخرى، نلعب بالأسلحة البلاستيكية، ونركب على الأرجوحات، كما نلعب كرة القدم في
نهاية اليوم".
أجواء العيد حاولت محو أثر المجازر التي ارتكبتها
قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة في يوليو/تموز الماضي، خصوصاً
في عيد الفطر الماضي، كانت حاضرة وبقوة في شوارع وأزقة غزة، وفي نفوس أهلها الذين تعرضوا
لحرب شرسة استمرت 51 يوماً.
حيّ الشجاعية الذي تعرض لأبشع مشاهد القتل الجماعي،
ونسف البيوت فوق رؤوس ساكنيها، كان الأكثر حظاً في أجواء العيد البهيجة، حيث كست الزينة
وألعاب الأطفال وأرجوحات العيد كل شوارعه ومفترقاته، التي اكتظت بالعربات المضيئة،
وعربات "الحنطور".
كذلك ضج حي الرمال، وسط مدينة غزة، ومنتزه الجندي
المجهول، بمئات المواطنين الذين خرجوا للتنزه، إلى جانب أعداد كبيرة من عربات الجر
التي شغّلت أغاني العيد، وبائعي الحلويات والمكسرات والألعاب والمسليات والبالونات
التي كتب عليها "كل عام وأنتم بخير".
المواطن محمود ماضي، الذي اصطحب أطفاله لشراء الألعاب
والمثلجات، يقول لـ"العربي الجديد": "العام الماضي، وفي مثل هذا اليوم،
كانت غزة غارقة في الدماء من شمالها إلى جنوبها، لكننا شعب عصيّ على الكسر، ويخرج دائماً
من تحت الركام والرماد".
ويتابع "لا ننكر سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية
التي يمر بها قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي الجائر الذي بدأ منذ أكثر من ثمانية
أعوام، لكننا في الوقت ذاته نراهن على قوة شعبنا في مواجهة كل الصعوبات، والدليل هو
احتفالنا بالعيد رغم كل الأوجاع".
مشاكسات الأطفال الذين ارتدوا ملابس ملونة وجديدة،
وأصوات ضحكاتهم، والبنات اللواتي حملن عرائسهن وحقائبهن البراقة، أكدت على معاني التحدي
والصمود التي تحدث عنها عدد من المواطنين، والتي بينت في مجملها إصرار الفلسطيني على
الحياة، رغم احتمالات الموت.
المصدر: العربي الجديد