استشهـاد أسيـر تحـت التعذيـب يُشعــل الغضــب الفلسطينــي
الإثنين، 25 شباط، 2013
اشتعل الغضب الفلسطيني أكثر في مدن وقرى الضفة الغربية بعد خبر استشهاد الأسير عرفات جرادات تحت التعذيب الإسرائيلي، كما أكدت السلطات الفلسطينية أمس، وهو المعتقل منذ سبعة أيام فقط. استشهاد جرادات شكل وقوداً جديداً لنار التظاهرات المشتعلة منذ أيام دفاعاً عن أسرى «الأمعاء الخاوية»، والتي رأت فيها سلطات الاحتلال خطر اندلاع انتفاضة ثالثة تسبق زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة الشهر المقبل.
ونفى وزير الأسرى الفلسطيني عيسى قراقع أمس، ادعاءات جهاز الشاباك الإسرائيلي بأن جرادات توفي جراء جلطة قلبية. وأكد في مؤتمر صحافي لعرض نتائج تشريح الجثة أنها «أثبتت تعرض الأسـير جرادات للتعذيب، وبينت أن قلــبه سليم تماماً ولا يوجد أي آثار لتجلطات قلبية».
وقرأ قراقع تقريراً أولياً أعده الطبيب الفلسطيني صابر العالول الذي شارك في عملية تشريح الجثة. وأوضح «أظهرت النتائج وجود آثار كدمات في الجهة العلوية من الظهر، وكسر في الضلعين الثاني والثالث من الصدر، وكدمات عميقة في عضلة الكتف اليسرى، وكدمات في العضلـة اليمنى للوجه وتحت الجهة اليمنى من الصدر»، مضيفاً «نتائج التشريح أظهرت أن القلب خال من أي أمراض والشرايين القلبية مفتوحة. لا يوجد أثر للتجلط».
وسلمت سلطات الاحتلال جثمان جرادات عبر معبر ترقوميا العسكري. ومن المفترض تشييعه لمثواه الأخير في بلدة سعير اليوم.
ولم يمر الخبر بهدوء في المعتقلات الإسرائيلية، فقد أضرب حوالي 4500 أسير فلسطيني عن الطعام غضباً على موت جرادات. وكان تم اعتقاله في 18 شباط الحالي على خلفية صدامات قرب مستوطنة «كريات اربع» القريبة من الخليل جرح خلالها إسرائيلي في 18 تشرين الثاني العام 2012.
ووفقاً لـ«نادي الأسير الفلسطيني» فإن جرادات، من بلدة سعير قرب الخليل، اعتقل بتهمة انتمائه إلى «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة فتح. وهو متزوج ولديه طفلان وزوجته تنتظر المولود الثالث.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الأسرى في سجن «مجدو» قرعوا أبواب الغرف والزنازين أمس الأول، وألقوا بالمواد الموجودة داخل الغرف إلى الممرات باتجاه السجانين.
وفي بلدة سعير، وقعت اشتباكات بين قوات الاحتلال والشباب الفلسطيني الذي لجأ إلى الحجارة في مواجهة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والحي. وفي محيط سجن عوفر بالقرب من رام الله، أصيب حوالي 24 متظاهراً بالرصاص المطاطي واثنان بالرصاص الحي.
وتجددت المواجهات في مخيم عايدة في شمالي بيت لحم، وأفاد مصدر محلي في المخيم لوكالة «وفا» بأن جنود الاحتلال أمطروا المخيم بالقنابل الغازية والصوتية والأعيرة المطاطية، ما أسفر عن إصابة العشرات بالاختناق. الأمر ذاته تكرر قرب حاجز حوارة في جنوبي نابلس، وفي بيت أمر وجسر حلحول وقرية الخضر وفي جنين، ومدن وقرى أخرى من الضفة الغربية.
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد انشغلت الصحف العبرية بحركة الشارع الفلسطيني، ومن بينها من حذر من انتفاضة ثالثة، وأخرى رأت أن الوقت لم يحن بعد. إلا أن الموقف السياسي الإسرائيلي أبدى تناقضاً واضحاً في مقاربة القضية. فمن جهة طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من السلطة الفلسطينية تهدئة موجة التظاهرات، ومن جهة ثانية تم تجديد الاعتقال الإداري للأسير سامر البرق بعدما كان تلقى وعوداً بالإفراج.
وبحسب مسؤول إٍسرائيلي، فإن «إسرائيل قدمت طلباً واضحاً إلى السلطة الفلسطينية بتهدئة أراضيها» عبر مبعوث نتنياهو الخاص اسحق مولخو. وأوضح المسؤول أنه «حتى لا يكون عدم دفع أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل للفلسطينيين حجة للسلطة بعدم تهدئة الوضع في مناطقها، فإن نتنياهو أمر بتحويل أموال شهر كانون الثاني الماضي»، أي حوالي مئة مليون دولار.
إلا أن ما حصل على أرض الواقع هو العكس تماماً، إذ قررت سلطات الاحتلال تمديد الاعتقال الإداري للأسير البرق، وهو الذي كان أوقف إضرابه عن الطعام بعد مئة يوم لتلقيه الوعود بالإفراج عنه وإبعاده إلى مصر.
وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الأركان بني غانتس وجه تعليمات إلى قادة الجيش لاستكمال الاستعدادات الضرورية تحسباً لتدهور الأوضاع الأمنية في الضفة. وبحسب «الإذاعة الإسرائيلية» فإن «كبار ضباط الجيش سيشاركون هذا الأسبوع في اجتماع خاص لدراسة كافة السيناريوهات المحتملة».
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، أ ش ا)