انتقادات أميركية لتل أبيب.. ومجلس
الأمن يدعو الى "وقف فوري لإطلاق النار”
الأمم المتحدة: يجب محاسبة "إسرائيل"
انتظر العالم 24 يوماً من المجازر
المتواصلة التي ترتكبها "إسرائيل” ضد مدنيي غزة من أطفال ونساء وشيوخ، كي يبدأ
بإدانة لهذا القتل الهمجي، كان آخرها موقف متقدم للأمم المتحدة بلسان المفوضة
السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي، التي اعتبرت ان "إسرائيل” تتحدى عمدا القانون
الدولي بعمليتها العسكرية في غزة، داعية دول العالم لمحاسبتها على ارتكابها
المحتمل لجرائم حرب، فيما بقي الموقف الأميركي خجولاً في تنديده لمجزرة مدرسة "الأونروا”،
التي لم يأت مجلس الامن على ذكرها في بيانه الرئاسي واكتفى بما دعا اليه سابقاً: "وقف
فوري لاطلاق النار” و”هدنات انسانية” لاغاثة السكان.
وقالت بيلاي للصحافيين إن "إسرائيل” هاجمت
المنازل والمدارس والمستشفيات ومبنى للأمم المتحدة في انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف،
"لهذا السبب أقول إنهم يبدون وكأنهم يتحدون...إنه تحد متعمد للالتزامات التي
يفرضها القانون الدولي على "إسرائيل” (...) لهذا السبب أقول مرارا وتكرارا إننا لا
نستطيع أن نسمح بالإفلات من العقاب ولا يمكننا أن نسمح باستمرار غياب المحاسبة”.
وانتقدت بيلاي الولايات المتحدة،
الحليف الرئيسي لاسرائيل، لعدم استخدام نفوذها لوقف المذبحة. وقالت "الكثير من
ملاحظاتي كانت موجهة إلى الولايات المتحدة كونها طرفا له تأثير على "إسرائيل” لتقوم
بأكثر بكثير مما تفعله لوقف القتل ودفع الاطراف إلى طاولة المفاوضات. لقد دعوت
أيضا لوضع حد للحصار وإنهاء الاحتلال”. وأضافت أنها صدمت لأن الولايات المتحدة
كانت تصوت باستمرار ضد القرارات الخاصة باسرائيل في مجلس حقوق الانسان وفي الجمعية
العامة ومجلس الأمن. وقالت "إنهم لم يزودوهم فقط بالأسلحة الثقيلة التي تستخدمها "إسرائيل”
الآن في غزة بل قدموا أيضا مليار دولار تقريبا لتزويدهم بالقبة الحديدية لحماية
الاسرائيليين من الهجمات الصاروخية دون توفير مثل هذه الحماية لأهالي غزة من القصف”.
وقالت بيلاي: "حين تحاكم "إسرائيل” 4
جنود إسرائيليين فقط في عملية الرصاص المصبوب (2008 ـ 2009) بينهم واحد لسرقته
المزعومة لبطاقة ائتمان، فهي لا تنتظر إجراء تحقيق مناسب في الانتهاكات التي
ارتكبت خلال غاراتها الجوية وعمليتها البرية في غزة التي تدخل اليوم (أمس) اسبوعها
الرابع”.
وفي بيان رئاسي مقتضب بعد 4 ساعات من
المشاورات المغلقة ومن دون الاشارة الى قصف "إسرائيل” للمدنيين في مدرسة "الانروا”،
دعا مجلس الامن مساء امس الى "وقف فوري وغير مشروط لاطلاق النار” في قطاع غزة،
مطالبا ايضا بـ”هدنات انسانية” لاغاثة السكان.
وتلا البيان مساعد المندوب الدائم
لرواندا اوليفييه ندوهونغيريهي، الذي قال ان الدول الـ15 الاعضاء "تدعو الى وقف
انساني فوري وغير مشروط لاطلاق النار يمكن ان يؤدي الى وقف دائم لاطلاق النار على
اساس اقتراح (الوساطة) المصري”. واضاف "في انتظار ذلك، تدعو الدول الاعضاء للجوء
الى هدنات انسانية” مع دعوتها الدول الاعضاء في الامم المتحدة الى استجابة نداء
التمويل الذي وجهته وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
(اونروا)ن مذكراً ببيانه السابق الصادر في 28 تموز والذي طالب فيه كذلك بوقف اطلاق
النار، مبديا اسفه لعدم التجاوب معه ومجددا المطالبة بتطبيقه.
وقبل ان يبدأ ممثلو الدول الـ15
مشاوراتهم المغلقة، استمعوا الى عرض للوضع الانساني في غزة قدمه مسؤولان امميان
كبيران.
اما مدير منظمة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (الاونروا) بيار كرينبول، فقال لمجلس الامن الدولي، "ان الفلسطينيين
في قطاع غزة باتوا على حافة الهاوية”.
وفي اتصال من غزة عبر الفيديو مع
المجلس، دعا كراينبول المجتمع الدولي الى "اتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة هذا
الوضع البالغ القسوة”، مشيراً الى انه مع وجود نحو 220 الف فلسطيني في مراكز الامم
المتحدة في غزة "تزداد الاوضاع المعيشية في هذه الملاجئ سوءا اكثر فاكثر”، لافتا
الى مخاطر انتشار الامراض. واضاف ان "هناك آلاف النساء الحوامل اللاجئات في
مدارسنا”، مبديا خشيته من موجة نزوح جديدة الى مراكز الامم المتحدة المكتظة اصلا
بعدما دعت "إسرائيل” السكان الى مغادرة منازلهم.
وطلب كرينبول من الاطراف جميعا
احترام منشآت الامم المتحدة، ودعا الى "وقف اطلاق نار فوري من دون شروط” كما الى
ضرورة "رفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة”.
كما قالت منظمة العفو الدولية ان
الهجوم على مدرسة جباليا الابتدائية في قطاع غزة، التي لجأ إليها ما يربو على 3000
نازح مدني، يشكل جريمة حرب محتملة ينبغي التحقيق فيها بشكل مستقل.
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال
إفريقيا في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: "من المروع أن نرى المدنيين الذين
أذعنوا لإنذارات "إسرائيل” بضرورة الفرار من منازلهم يُقتلون ويُجرحون في ما كانوا
يعتقدون أنه ملجأ آمن، ألا وهو إحدى مدارس الأمم المتحدة”.
وكان الأردن دعا، بصفته العضو غير
الدائم في مجلس الأمن، باسم المجموعة العربية، إلى جلسة إيجاز لمناقشة الأوضاع في
غزة بمشاركة المفوض العام للوكالة الدولية لغوث اللاجئين ومنسق الشؤون الإنسانية
للأمم المتحدة، يتبعها جلسة مشاورات مغلقة بحضور أعضاء مجلس الأمن فقط.
وقد سلم وزير الخارجية الفلسطيني
رياض المالكي، مسؤولة الشؤون السياسية في مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة
البيدا روكا، بشكل رسمي رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يطالب فيها الأمين
العام بان كي مون، بتحمل مسؤولياته مع المجتمع الدولي بشأن الاوضاع في غزة.
كما طالب عباس الأمين العام باتخاذ
جميع ما يلزم من إجراءات لإعلان قطاع غزة منطقة كارثة إنسانية، وذلك للوقوف عند
الاحتياجات الملحة لأهل القطاع، بما فيها حث الوكالات والمؤسسات الدولية التابعة
للأمم المتحدة لتقديم المساعدات العاجلة في ظل حالة الطوارئ الإنسانية التي يشهدها
القطاع على إثر العدوان الإسرائيلي.
في اليوم الـ24 للهجوم الاسرائيلي
على قطاع غزة، بلغت حصيلة القتلى الفلسطينيين 1437 على الاقل لتتخطى عدد القتلى
الذين سقطوا في عملية "الرصاص المصبوب” الاسرائيلية، وهي الاعنف على القطاع في
نهاية العام 2008.
من جهة أخرى، دعا مجلس الامن الدولي
امس الى "وقف فوري وغير مشروط لاطلاق النار” في قطاع غزة، مطالبا ايضا بـ”هدنات
انسانية” لاغاثة السكان.
وصدر بيان المجلس بعد 4 ساعات من
المشاورات المغلقة من دون ان يتضمن اي اشارة الى تعرض مدرسة للامم المتحدة في غزة
لقصف الاربعاء بعدما لجأ اليها مدنيون فلسطينيون.
وقتل 11 فلسطينيا على الاقل ليل امس
في غارة جوية استهدفت منزلا في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة وفقا لوزارة الصحة في
غزة.
كما اكد المتحدث باسم الوزارة اشرف
القدرة مقتل ثلاثة فلسطينيين بينهم امرأة في غارات جوية اسرائيلية عدة استهدفت
جنوب القطاع ليل الخميس.
وفي وقت سابق امس، تجددت عمليات
القصف على غزة ما ادى الى مقتل 50 فلسطينيا على الاقل، كما توفي 13 متأثرين بجروح
اصيبوا بها سابقا، وتواصل سحب جثث ضحايا آخرين من تحت الانقاض في خان يونس، وفق
وزارة الصحة الفلسطينية.
واعلنت الوزارة انتشال جثث نحو 13
فلسطينيا قتلوا في قصف اسرائيلي سابق على المناطق الشرقية لقطاع غزة، بينهم 6 تم
انتشالهم في شرق مدينة خان يونس.
وبذلك يرتفع عدد القتلى الفلسطينيين
منذ بدء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة في 8 تموز الى 1437 قتيلا على الاقل واكثر
من 8200 جريح بحسب وزارة الصحة في غزة.
وهذه الحصيلة تتجاوز حصيلة القتلى في
عملية "الرصاص المصبوب” الاسرائيلية في 2008-2009، والتي استمرت 22 يوما قتل
خلالها نحو 1419 فلسطينيا، وفق المركز الفلسطيني لحقوق الانسان.
وفي الجانب الاسرائيلي قتل 56 جنديا
ما يشكل اكبر خسارة تلحق بالجيش منذ حربه ضد حزب الله في لبنان عام 2006.
وكان نتنياهو اعلن قبل بدء اجتماع
الحكومة الامنية المصغرة (الكابينيت) في تل ابيب أمس، ان "إسرائيل” ستواصل تدمير
الانفاق في قطاع غزة سواء تم التوصل الى وقف اطلاق نار او لم يتم الاتفاق عليه.
وقال "نحن مصممون على اتمام هذه المهمة سواء مع وقف اطلاق النار او بدونه، ولن
نوافق على اي مقترح لا يسمح للجيش الاسرائيلي بانهاء هذا العمل”. وبحسب قائد
المنطقة الجنوبية سامي تورجمان فان ذلك اصبح "مسألة ايام”.
وقال نتنياهو "يواصل الجيش التحرك
بكل قوته حتى يقوم الجنود بالقضاء على الانفاق الارهابية التي يمكن استخدامها لخطف
وقتل مواطنين اسرائيليين من خلال شن هجمات متعددة على اراضينا”. مشدداً على ان
الجيش لا يستطيع "ضمان النجاح بنسبة 100%” في تحديد مواقع الانفاق "مع ان جنودنا
حققوا نجاحات مثيرة للاعجاب”، معتبراً ان تدمير الانفاق ليس سوى "الخطوة الاولى من
نزع السلاح في قطاع غزة”.
وقال مصدر عسكري اسرائيلي، انه يجرى
استدعاء نحو 16000 من جنود الاحتياط خلال مهلة قصيرة ليحلوا محل عدد مماثل من
الجنود، لكن القتال بات أقل حدة على ما يبدو عما كان في الأيام السابقة هذا
الأسبوع.
وقال قائد القوات الاسرائيلية في غزة
جنرال سامي ترجمان للصحافيين ان الجيش "لا يفصله عن تدمير كل أنفاق الهجوم سوى
بضعة أيام”، فيما ذكر الجيش إنه عثر على 32 ممرا سريا حتى الآن وان نصفها دمر.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت
الأبيض الأميركي جوش إرنست للصحافيين، ان "قصف منشأة تابعة للأمم المتحدة تؤوي
مدنيين أبرياء يفرون من العنف مرفوض تماماً ولا يمكن الدفاع عنه على الإطلاق”.
وأضاف ان "الامين العام للامم المتحدة اعلن ان كل الادلة تثبت على ما يبدو ان
المدفعية الاسرائيلية هي السبب. ليس لدينا اي عنصر يناقض ما تقوله الامم المتحدة
عن هذا الحادث”.
وأعلن وزير الخارجية الاميركي جون
كيري امس خلال زيارة الى الهند، انه لا يزال يتواصل عبر الهاتف مع الاطراف المعنية
في الشرق الاوسط بهدف انهاء النزاع. واكد ان "الولايات المتحدة تحافظ على الامل
بامكانية التوصل الى ذلك (وقف اطلاق النار)” وفي اقرب وقت ممكن.
ودعت وزارة الدفاع الاميركية
(البنتاغون) "إسرائيل” الى بذل مزيد من الجهد لحماية حياة المدنيين. وقال المتحدث
باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارن في بيان: "الخسائر في صفوف المدنيين في غزة
مرتفعة للغاية. وبات واضحا ان الاسرائيليين يحتاجون لعمل المزيد للالتزام
بمعاييرهم المرتفعة للغاية ... لحماية حياة المدنيين”.
وفي بروكسل، دان الاتحاد الاوروبي
امس قصف "إسرائيل” للمدرسة وطالب باجراء تحقيق فوري لكشف المسؤولين عن هذا العمل "غير
المقبول”.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي
كاثرين اشتون في بيان: "ندين قصف مدرسة تابعة للامم المتحدة في قطاع غزة وسوق في
الشجاعية (ضاحية مدينة غزة). لا يمكن قبول ان يقتل مدنيون نازحون لجأوا الى مناطق
تحميها الامم المتحدة بعد ان ارغمهم الجيش الاسرائيلي على مغادرة منازلهم. ان مثل
هذه الاعمال يجب ان تكون موضع تحقيق فوري”. واضافت "نشعر بالقلق الشديد حيال الكارثة
الانسانية في غزة ونطالب مجددا بان تسمح كل الاطراف فورا بفتح طرق امام نقل
المساعدات الى السكان”.
في المواقف أيضا، طلبت الحكومة
الاسبانية، كما صرح وزيرا الخارجية خوسيه مانويل غارثيا مارغايو، من مجلس الأمن أن
يتم الموافقة على قرار يتم بموجبه "وقف الاعتداءات” فورا من أجل أن يتم السماح
ببدء محادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين للبحث عن حل دائم للقضية الفلسطينية.
رويترز، أ ف ب، وفا، بنا، قنا، بترا