القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 18 حزيران 2025

الاحتجاجات الفلسطينية الأخير مؤشر عدم رضى على اوسلو وتبعاتها الاقتصادية

الاحتجاجات الفلسطينية الأخير مؤشر عدم رضى على اوسلو وتبعاتها الاقتصادية

الخميس، 18 تشرين الأول، 2012
تونس - الضمير - أيمن أبوعبيد
 
تعاود السلطة الوطنية الفلسطينية هذه الأيام التوجه إلى الأمم المتحدة، للمطالبة بدولة غير عضو لدى الجمعية العامة للمنظمة الأممية، بعد أن أخفقت في الحصول على دولة بعضوية كاملة، خلال الدورة الماضية. فما هو المسند القانوني لهذا الإجراء؟ وأي أفق لدى السلطة الفلسطينية في تعاملها مع الاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا في الضفة الغربية المحتلة؟ وما هو حجم التفاعل السياسي الأوروبي مع الحقوق الفلسطينية؟

أسئلة طرحتها " الضمير" على نائب رئيس مجلس العلاقات الأوروبية الفلسطينية، د.رامي عبده، أخصائي في القانون الدولي والتمويل، وهذا نص الحوار.

-أعلنت السلطة الفلسطينية عن رغبتها التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمطالبة بالحصول على دولة غير عضو، ماذا يعني هذا الطلب وما هي انعكاساته على القضية الفلسطينية؟

واضح جدا أن السلطة الفلسطينية، تشعر بالحرج الشديد أمام الشارع الفلسطيني بسبب إيحائها للشعب بأن الحصول على العضوية الكاملة أمر في متناول اليد خلال توجها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر\أيلول من العام الماضي. واستنزفت جزءا كبيرا من إمكانياتها وخطابها الإعلامي نحو الدفع بهذا الاتجاه، وبالتالي استحوذ هذا الخيار على تركيز السلطة والشعب على حساب انتهاكات دولة الاحتلال على الأرض. ولكن سرعان ما تبين خطأ هذا الفهم وظهر أن ما قامت به السلطة كان قفزة في الهواء لا أكثر، ولم تستمع إلى نصائح المختصين في هذا الشأن، الذين اعتبروا أن مثل هذا التوجه هو توجه غير مدروس. ورغم ذلك نحن في مجلس العلاقات الفلسطينية الأوروبية دعمنا هذا التوجه حين رأينا أنه قرار يحظى بشعبية فلسطينية بشكل كبير في نهاية المطاف.

الآن المشكلة أن السلطة الفلسطينية تريد أن تخرج بما يحفظ ماء الوجه، لكن حتى هذا الخروج الذي ارتأته السلطة غير مقنع، فهي أعلنت عن توجهها للحصول على دولة غير عضو، والحقيقة أنه لا يوجد في هيكلة الأمم المتحدة تصنيف دولة غير عضو.

هناك فقط صفتين هما دولة عضو، و دولة مراقب، الأولى تتمتع بكافة امتيازات الهيئة الأممية، والثانية تمنح لدول أو كيانات لم تستوف جميع شروط الدولة العضو، وهذا الصفة الثانية هي مصطلح استحدثته الأمم المتحدة لإيجاد وضع قانوني لدولة الفاتيكان في بداية الأمر، ما لبث أن منحته لاحقا لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974، وبالتالي لا يوجد مسمى دولة غير عضو، ولا ينتظر أن تقوم الأمم المتحدة بتعديل نظامها الأساسي وإدخال صفة دولة غير عضو فقط ليتناسب مع رغبة السلطة الفلسطينية.

أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال وهو مردود الطلب، هنا يتجلى مكمن الخطر، نحن نخشى أن تكون السلطة الفلسطينية، تسعى من خلال هذا التوجه هو الى الحصول على هوية دولة مراقب، وهو ما يعني استبدال منظمة التحرير الفلسطينية بالسلطة الفلسطينية. فمعلوم أن السلطة تحضر اللقاءات الأممية وتراسل منظماتها الدولية تحت اسم منظمة التحرير وليس هناك صفة داخل المنظمات الأممية للسلطة. ولهذا فهي لا تستطيع التواصل مع هيئات المجتمع الدولي دون استخدام صفة منظمة التحرير.

فإذا كانت هذه هي نية السلطة، فإن تبعات ذلك التوجه خطيرة، سيما في ظل صراع فلسطيني داخلي عنوانه الشرعيات الفلسطينية، ومن يحرص على منظمة التحرير لا يقوم باستبدالها بشرعية السلطة الفلسطينية، والتي تقتصر سيادتها، على فرض أن هناك سيادة، على الضفة الغربية وغزة. وتحويل صفة مراقب من المنظمة للسلطة يعني بشكل واضح إقرار من الفلسطينيين بالتنازل عن 78% من أرض فلسطين التاريخية، وما يتبع ذلك من إسقاط حق العودة عن اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم الأصلية المحتلة، والتي تقع خارج حدود الضفة والقطاع، كذلك ستكون هناك تداعيات بخصوص الإعانات التي يتلقاها اللاجئون الفلسطينيين من المنظمات الدولية كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، فربما تتوقف هذه التسهيلات للاجئين، لأنهم خرجوا من الإطار الذي يعترف بهم قانونيا كلاجئين وتحولوا إلى مواطنين يتبعون السلطة الفلسطينية .

-كيف تقيمون السياسات الأوروبية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ؟

هناك تغير إيجابي في السياسات الأوروبية، ربما لم يترجم حتى اللحظة إلى مواقف عملية تخدم المواطن الفلسطيني، لكن المتابع للشأن الأوروبي يشعر أن حجم التفهم الأوروبي الرسمي لمعاناة الشعب الفلسطيني تغير بشكل كبير. اليوم على سبيل المثال هناك حدث غير مسبوق ولم يسلط عليه الضوء إعلاميا، وهو قرار أوروبي صدر في شهر تموز\جوليه الماضي، يتضمن 21 بند يرسم السياسات التنفيذية للمفوضية الأوروبية تجاه القدس والضفة الغربية والتعامل مع

"إسرائيل"، وهذه البنود في مجملها أكدت على الحقوق الفلسطينية، كما جرى استجواب للسيدة كاثرين أشتون بخوص الاعتقال الإداري، التي أدنته وصرحت أنه سيكون على أجندة لقاءات الأوروبية " الإسرائيلية"، وأمثلة عديدة غيرها، مثل فشل " إسرائيل" على مدار عامين من تمرير البروتوكول الملحق بالشراكة الاقتصادية الأوروبية معها، والخاص بموائمة المنتجات الصناعية، والذي يسمح لدولة الاحتلال بتسويق منتجاتها الدوائية، ولم تستطع الحصول على موافقة إلا مؤخرا وبفرق ضئيل جدا في أصوات أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في المفوضية الأوروبية، والتي أكدت أن الاتفاق لا يسري على المستوطنات الغير شرعية .

-داخليا، شهدت مناطق الضفة الغربية احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية وتعدتها إلى المطالبة بإسقاط أوسلو و ما تمخض عنها من اتفاقيات مثل بروتوكول باريس، إلى أين ستتجه هذه الاحتجاجات، وما هو المخرج الممكن من الوضع الاقتصادي المتردي والذي يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني؟

شهدنا حميعا خلال الفترة الأخيرة حراك فلسطيني شعبي حقيقي ، نتج عن سوء الأوضاع الاقتصادية في الضفة، وشعور المواطن الفلسطيني أن اتفاقية أوسلو لم تقدم له الكثر، وأن بروتوكول باريس لم يعالج الكثير من المشاكل الاقتصادية التي يعيشها المواطن الفلسطيني، بالعكس الاقتصاد الفلسطيني يترنح، و إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة غير متوفرة، وهو ما خلق لدى الفلسطينيين قناعة بأن الاستمرار على هذا النهج أمر غير مقبول، وبدا أن السلطة الفلسطينية استوعبت هذا الحراك، وتواصلت مع النشطاء لشرح وجهة نظرها، لكن المزاج العام يظل غير راض، ورافض للاتفاقية التي أضرت بمسيرة النضال الفلسطيني. وهناك إدراك واسع بأن السلطة تغرق، وأن وجودها مرهون بما تمون عليه دولة الاحتلال .

أما المخرج، فهناك عدة اقتراحات، أولها الاتفاقية ذاتها، إذ أن هناك بند في الاتفاقية ينص بشكل واضح على إمكانية اجتماع الأطراف، من أجل إعادة تقييم أو إلغاء أحد موادها، لكن للأسف الشديد يستشعر المواطن الفلسطيني عدم جدية السلطة للإقدام على مثل هذا الإجراء، فضلا على أن هناك بنود في الاتفاق لم تلتزم فيها دولة الاحتلال، ولهذا فمن المأمول أن يدفع الضغط الشعبي سلطته إلى تعديل الاتفاق، أو أن ينتهي بحل السلطة، وهناك قطاع واسع يطرح فكرة حل السلطة، والعودة إلى وضعه كشعب يرزح تحت الاحتلال، وحينها ستتحمل "إسرائيل" مسؤوليتها كقوة احتلال، والمجتمع الدولي سيتحمل مسؤوليته اتجاه شعب يقبع تحت وطأة الاحتلال .وأعتقد من الضروري أن تجتمع الأطراف الفلسطينية، وتجلس سويا لمناقشة المخرج الفعلي من هذا الوضع .

-هل يمكن اعتبار الأسرى الفلسطينيين أسرى حرب، وكيف يمكن تحقيق ذلك ؟

هناك حقيقة جدل قانوني حول وضع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ، للأسف لم تبذل حتى اللحظة جهود كافية من أجلهم، واضح جدا أنه ينطبق عليهم صفة أسرى حرب، وبالتالي إذا أثبتنا لدى المنظمات الدولية وتحديدا الأمم المتحدة أن الأسرى الفلسطينيين هم أسرى حرب، أعتقد أن ذلك سيمثل مدخلا لإثبات حقوقهم، وأيضا يفتح مجال أمام ملاحقة دولة الاحتلال قانونيا، لهذا يجب علينا أن نتحرك نحو نزع الاعتراف بصفة أسرى حرب .

المصدر: الضمير