القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 20 كانون الثاني 2025

الاحتلال حَرَمَ ربع مليون فلسطيني من العودة لموطنهم

الاحتلال حَرَمَ ربع مليون فلسطيني من العودة لموطنهم
 

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام

تمارس سلطات الاحتلال أساليب وخطط منها المكشوفة ومنها ما يجري بالغرف المغلقة وتحت الطاولة.. لكنها تصب في مجملها في سبيل حرمان المواطن الفلسطيني من العيش فوق أرضه وطرد أكبر عدد من السكان لتهويد الأرض وتغيير معالم التكوين الديموغرافي في الأراضي المحتلة لصالح المخططات الصهيونية.

وفي سياق التهجير القصري وتنفيذ الخطط السرية لتحقيقه، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية عن منع سلطات الاحتلال لنحو 250 ألف فلسطيني من قطاع غزة والضفة كانوا قد سافروا للخارج، من العودة إلى بيوتهم وذلك خلال الفترة من عام 1967 وحتى إعلان قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994.

وقالت الصحيفة إن عملية طرد الفلسطينيين خفضت عدد السكان الفلسطينيين بأكثر من 10% والجزء الأكبر منهم من طلبة الجامعات والدراسات العليا وأصحاب المهن الحرة سافروا للعمل خارج وطنهم لا سيما في دول الخليج العربي.

ترانسفير هادئ

وفي إطار كشفها للمخطط الصهيوني للترانسفير الهادئ لربع مليون فلسطيني، أشارت «هآرتس» لإجراء تتخذه دولة الاحتلال لمنع الفلسطينيين من العودة إلى الوطن، إذ كانت سلطات الاحتلال تلزم كل فلسطيني يسافر إلى خارج وطنه أن يترك هويته عند المعبر الحدودي، والحصول على وثيقة سفر سارية المفعول لمدة ثلاث سنوات يمكن تمديدها ثلاث مرات لعام آخر كل ثلاث سنوات، وكل فلسطيني لا يعود حتى نصف عام من انتهاء مدة وثيقة السفر يفقد حق العودة لوطنه.

"أحمد حامد" أحد اللاجئين الفلسطينيين في أمريكا، غادر الضفة المحتلة عام 1991م، وأثناء عبوره لنقطة التفتيش التابعة للاحتلال على جسر اللمبي، سحبت سلطات الاحتلال هويته منه، واشترطت عليه السفر لثلاث سنوات والعودة بعدها، وإذا لم يعد فسيفقد حق العودة لبلده.

ويشير أحد أقرباء حامد إلى أن ظروفا قاهرة منعته من مغادرة الولايات المتحدة بعد انتهاء الثلاث سنوات، وبعدها بفترة قصيرة حاول العودة للضفة، إلا أن سلطات الاحتلال واجهته بالمنع من العبور ودخول الضفة، كونه فقد حق المواطنة لتجاوزه المدة التي اشترطها الاحتلال عليه. ويؤكد أنه لم يتمكن من الدخول للضفة إلى عبر تصريح سياحة يمكنه من الدخول للضفة لفترة محدودة فقط..!

فيزا سياحية

أما السيدة «أم رياض» من مواليد مدينة نابلس المحتلة، فقد غادرت الضفة في السبعينات من القرن الماضي بعد أن تزوجت وهاجرت للكويت برفقة زوجها، وبعد غيابها لأكثر من سبع سنوات فقدت هويتها ومواطنتها.

تقول شقيقة أم رياض في حديثها لـ "مجلة العودة": "سافرت أختي وكانت تحمل هويتها بشكل طبيعي، لكن بعد غيابها لعدة سنوات سحب الاحتلال منها مواطنتها وحرمها من العودة للضفة".

وتضيف: "لقد حرمت أختي من وداع والدي عند وفاته، والآن محرومة من زيارة أمي المريضة التي قد تفارق الحياة بأي وقت، وهي الآن تعيش غربتها لوحدها بعد أن توفي زوجها وتزوج أبناؤها".

وتلفت إلى أن الاحتلال سمح لشقيقتها بدخول الضفة العام الماضي لمدة أسبوعين فقط بتصريح سياحي، وتتابع: "تمكنت أم رياض من زيارتنا العام الماضي بعد غياب أكثر من 15 عاما متواصلة لمدة أسبوعين فقط، لقد مرّت تلك الأيام بسرعة ولن نشعر بقدومها، لقد حرمها الاحتلال من مشاركة العائلة كل مناسبات الفرح والترح.. كما أننا لا نتمكن من السفر لزيارتها باستمرار بسبب الوضع المادي وتكاليف السفر، إضافة إلى أن عددا من أخوتي وأقاربنا ممنوعون من السفر خارج الضفة".

وتمنع سلطات الاحتلال آلاف الفلسطينيين من الحصول على الفيزا السياحية على الرغم من أنها تتعدى فترة المكوث في فلسطين الأسبوعين، مما حرم عشرات الآلاف من المواطنين من دخول الضفة منذ عشرات السنين بعد سحب هوياتهم منهم.

"لم يعد مقيما"..!

وتأكيدا على ما سبق، كشفت الصحيفة الصهيونية عن أن سلطات الاحتلال منعت مائة ألف مواطن فلسطيني من غزة و140 ألف مواطن من الضفة الغربية من العودة، وكان هؤلاء قد غادروا هذه المناطق للعمل أو التعلم ومكثوا سنوات متتالية خارجها، حيث صادرت سلطات الاحتلال حقهم في العودة ولم تشملهم سجلات السكان، وقد نسبت هآرتس هذه المعلومات إلى منسق عمليات الاحتلال وذلك في رد على استجواب تقدمت به منظمة حقوق الفرد العاملة في الكيان المحتل.

ولفتت هآرتس إلى تقرير نشرته في مايو/أيار من العام الماضي وتم خلاله الكشف عن انتهاج الاحتلال نظاما سريا أطلق عليه اسم "لم يعد مقيما" لسحب بطاقات الإقامة الفلسطينية، من خلال مطالبة أي فلسطيني يغادر إلى خارج البلاد بإيداع بطاقة هويته في معبر الحدود والحصول على بطاقة خروج تكون سارية المفعول لمدة ثلاث سنوات وبالإمكان تمديد سريانها ثلاث مرات لمدة سنة في كل مرة، وذلك كأمر تعجيزي للمواطن الفلسطيني الذي ينوي السفر للعمل أو الدراسة بالخارج.

ووفقا لهذا النظام السري فإنه في حال عدم عودة الفلسطيني قبل نصف عام من انتهاء صلاحية بطاقة الخروج كان المراقب في معبر الحدود يرسل وثائقه إلى المسؤول الصهيوني عن السجل السكاني أو إلى مدير مكتب تسجيل السكان الإقليمي، وعندها يتم تسجيل الفلسطيني على أنه لم يعد مقيما، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سابقين في جهاز الأمن قولهم إنهم لم يكن لديهم علم بهذا النظام.

القدس في دائرة الاستهداف

ولم تتوقف مخططات الاحتلال تلك والترانسفير الهادئ على المواطنين المسافرين للخارج، وإنما تستمر دولة الاحتلال حتى يومنا هذا بتطبيق سياساتها التهجيرية بحق سكان مدينة القدس المحتلة، حيث تطبق سلطات الاحتلال المخطط ذاته على سكان القدس الشرقية، إذ يفقد الفلسطيني الذي يعيش في الخارج لمدة سبع سنوات أو أكثر حقه في العودة إلى المدينة.

الشاب أحمد يونس من مدينة القدس المحتلة أحد اللذين فقدوا حقهم بالعودة بعد أن سافر لإكمال دراسته في أوروبا قبل عشر سنوات، حيث فقد هويته المقدسية وحقه بالإقامة فيها بعد أن غاب لسنوات متتالية خارجها، وتقول عائلة الشاب أحمد لـ"مجلة العودة": "بعد أن حصل أحمد على معدل عال في الثانوية العامة، أصر على السفر للخارج لإكمال دراسته، ولظروف الدراسة في البلد التي يدرس بها لم يتمكن من العودة لأكثر من خمس سنوات، وعندما قرر العودة تفاجأ بمنعه من الدخول وسحب هويته منه".

وتؤكد العائلة أن الكثير من السكان المقدسيين تعرضوا للتهجير القسري كما تعرض له أحمد، حيث سحبت من العديد هوياتهم المقدسية بعد مغادرتهم للمدينة لثلاث سنوات فقط.

وتتبع سلطات الاحتلال هذا الإجراء وذلك في محاولة لطرد المقدسيين من المدنية وترحيلهم عنها، بحجة أنهم لم يعودا سكانًا في المدينة وفقدوا حق الإقامة فيها، وبالتالي يتم منعهم من الحصول على بطاقة إقامة زرقاء ومنعهم من السكن في المدينة.

وقد استغلت سلطات الاحتلال ما أسمته بسياسة الجسور المفتوحة، لتطبيق هذه الخطة وطرد عشرات آلاف المقدسيين، الذين غادروا المدينة لأكثر من سبع سنوات من الوطن.

وقد وصل عدد الفلسطينيين الذين تم طردهم عبر هذا الإجراء، وبصورة هادئة تحت ترتيبات بيروقراطية إلى مئات آلاف الفلسطينيين وهو ما يشكل انتهاكا للمواثيق والمعاهدات الدوليّة.

حرب ديموغرافية

وفي السياق، كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير له أن عدد السكان الفلسطينيين في القدس المحتلة منتصف العام 2012 قد بلغ نحو 397 ألف فلسطيني على حين بلغ عدد المستوطنين الإسرائيليين في المدينة المقدسة 262 ألفاً يسكنون في 26 مستوطنة أقيمت في القدس وغلافها.

ووفق التقرير فإن كل 10 من السكان الفلسطينيين في القدس يقابلهم 7 مستوطنين يسكنون في المستوطنات المقامة على أراضي القدس.

بدوره، أكد الباحث الإعلامي سليمان بشارات إلى أن العامل الديمغرافي بالنسبة للاحتلال أحد أهم العوامل في قضية احتلاله للأرض ومن هذا المنطلق فإن كافة مخططات الاحتلال منذ 48 تقوم على مبدأ تصفير الوجود الفلسطيني مقابل نمو متسارع لوجود الاحتلال، وهذا ما يمكن أن نلمسه من خلال كافة المخططات التي قام الاحتلال بتطبيقها منذ أول ساعة احتلال على هذه الأرض، ومثال ذلك عند الحديث عن القدس وما يجري فيها نحن نتحدث عن تفريغ كامل وتدريجي لسكانها وهذا ينطبق على باقي الأراضي الفلسطينية".

ونقلت "مجلة العودة" عن بشارات قوله إن لجوء الاحتلال لبناء جدار الفصل العنصري يعكس رؤية الحرب الديمغرافية التي يقوم عليها مبدأ الاحتلال من أن مئات الآلاف من السكان الفلسطينيين تم الزج بهم خارج الجدار، والهدف الرئيسي هو قتل الوجود الإنساني الفلسطيني في البقع الجغرافية التي يرى الاحتلال أنها نقط استراتيجية للمستقبل".

"لم الشمل" !

ووفقا لما أورده جهاز الإحصاء الفلسطيني من أن كل 10 من السكان الفلسطينيين في القدس يقابلهم 7 مستوطنين يسكنون في المستوطنات المقامة على أراضي القدس، أشار بشارات إلى أن "هذا يعد دليلا واضحا وأكيدا على أن ما يمنحه الاحتلال للطرف الفلسطيني عبر المفاوضات من ملفات لم الشمل لا يتعدى كونه محاولة استغباء للطرف الآخر ولا يحمل أي نية في منح الفلسطينيين حق العودة".

وأكد: "حق العودة هو عودة الإنسان بكامل حريته للمكان الذي طرد منه وليس عودته وفقا لشروط الطارد "الاحتلال"، إضافة لذلك فإن من هجروا عن أرضهم على مدار السنوات الماضية وتم تشتيتهم وحرمانهم من أرضهم وحقوقهم الذي منحهم إياها القانون الإنساني والدولي يلزم الاحتلال بدفع تعويض كامل لهم عن هذه الممارسات".

وتابع: "في حالة لم الشمل الذي يحاول الاحتلال إرضاء الطرف الفلسطيني فيها لا تمنح هذا الحق لصاحبه، وفي المحصلة يمكن أن نستنتج أن الاحتلال ووفقا للتقارير التي تحدثت عنها وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن ذلك دليل مؤكد على أن حق العودة حق أبدي لا يمكن أن ينقضي بانقضاء الوقت وعلى كافة الأطراف سواء الفلسطينية أو المؤسسات الدولية أن تدفع باتجاه استعادة هذا الحق لا البحث عن حلول وسط تنتقص فيها حقوق الإنسان الفلسطيني".