التلوّث
والاحتلال يحاصران بحر غزة
اعتاد
الفلسطيني حسين أبو حسنة، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الذهاب خلال فصل الصيف
إلى شاطئ بحر مدينة غزة وليس إلى شاطئ محافظته (تنقسم غزة الى خمس محافظات)
للاستجمام. فالمنطقة البحرية القريبة من مسكنه يُحذر فيها السباحة نتيجة تلوث مياه
البحر التي تغيرت بفعل المياه العادمة إلى اللون البُني.
التلوث
الذي بدأ يُغيّر ملامح بحر غزة منذ بدء الحصار الاسرائيلي قبل سبع سنوات، أدّى
بمواطنين كثر إلى هجر العديد من الشواطئ خشية تعرّض المصطافين للأذى.
يقول
حسين لـ"العربي الجديد": أهرب من البحر في منطقتي إلى بحر مدينة غزة
لأنه أنظف ويخلو من الملوّثات، ومثلي كثير من الناس يهربون من المناطق الملوثة إلى
المناطق الأنظف، لأننا نخشى تأثرنا بالوضع وإصابتنا بالأمراض.
ويشير
حسين، إلى أن سكان القطاع باتوا، منذ فرض الحصار الإسرائيلي عليهم قبل سبع سنوات،
يعانون من تداعيات صحية وبيئية خطيرة "فمشاريع كان يفترض أن تقام في غزة
لتنقية مياه الصرف الصحي وغيرها لم تبدأ نتيجة هذا الحصار ومنع الاحتلال".
والتغيّرات
الحاصلة في لون مياه البحر، انعكاس لزيادة نسبة التلوث فيها، إذ يشير مدير المختبر
البيئي والمختص في حماية البيئة في سلطة البيئة في غزة المهندس عطية البُرش، إلى
أن "نسبة التلوث في بحر قطاع غزة وصلت إلى 50 في المئة. وذلك يعد مؤشراً
خطيرا".
وأوضح
البرش لـ"العربي الجديد" أنه يجري تحديد التلوث استناداً الى المواصفات
الفلسطينية لمياه الاستحمام الشاطئية، التي تقوم سلطة جودة البيئة بتطبيقها سنوياً
بالتنسيق والتعاون مع وزارة الصحة.
ولفت إلى
أن هذه المواصفات تنص على شروط ضرورية يجب توفّرها في المياه لتحدد مدى صلاحية
الشاطئ للسباحة، مشيراً إلى أنهم قاموا في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي بتطبيق
تلك المواصفات على مياه بحر القطاع، ووجدوا بعد التحليل أن نسبة التلوث تصل إلى 23
في المئة.
أضاف
البرش: مع اشتداد الحصار وإغلاق المعابر وانقطاع الكهرباء، وصلت نسبة التلوّث في
العام ذاته (2013) إلى نحو 40 في المئة بسبب ازدياد كميات تصريف المياه العادمة
إلى البحر، حيث يوجد تسعة مصبات للمياه العادمة على طول شاطئ قطاع غزة البالغ 43
كيلومتراً، وهو عدد كبير جداً، كما هو متغيّر خطير، وكل ذلك أدّى في العام الجاري
إلى ارتفاع النسبة إلى 50 في المئة.
وحذّر
البُرش، من أن "التزايد الكبير في عدد السكان سينتج عنه كميات كبيرة من
المياه العادمة، التي بدورها ستؤدي إلى زيادة التلوّث في البحر"، مشيراً إلى
"ضرورة إنشاء محطات معالجة جديدة، وأن تكون المسؤولية جماعية وتكاملية
لمؤسسات القطاع كافة".
وبيّن أن
المياه العادمة تشكّل "مستودعا" للأمراض التي تنتقل للمصطافين، مثل
التيفوئيد وغيرها من الفيروسات والباكتيريات التي تؤدي إلى التهابات وأمراض جلدية،
مطالباً بضرورة تحسين جودة المياه العادمة المعالجة والتي تضخ إلى البحر، والتي
انخفضت بسبب انقطاع الوقود الذي يشغّل محطات المعالجة.
من
جانبه، قال مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة في غزة الدكتور فؤاد الجماصي،
لـ"العربي الجديد": إن وزارته تقوم بالعديد من الجولات التفتيشية
الميدانية على ساحل بحر القطاع، وبناء عليها يتم تحديد المناطق المسموح والممنوع
السباحة فيها.
وأوضح
الجماصي، أن المنع يأتي بناء على وجود العديد من الملوثات التي تؤدي إلى الأمراض،
مضيفا: في المناطق التي مُنعت السباحة فيها توجد أنواع كثيرة من الميكروبات
والباكتيريا التي تسبب العديد من الأمراض كالحساسية والإسهال وبعض الأمراض
الجلدية.
وبيّن
أنه، ورغم وجود تعليمات بمنع السباحة في العديد من المناطق، إلا أن المواطنين
يخالفونها ويسبحون فيها.
المصدر: العربي
الجديد