الحاجة
مريم تروي مرارة التغريبة الفلسطينية من «المسمية»
الإثنين،
13 أيار، 2019
آخر
يوم عهدته في بلدتها المسمية كان الثالث من شهر رمضان المبارك عام النكبة، يوما لا
تنساه الحاجة مريم أبو العطا (91 عامًا) رغم قهر السنين، وثقل الهموم، وألم اللجوء.
الحاجة
مريم تستذكر رحلة التهجير المريرة التي ابتدأت بمجازر الهاجانا الصهيونية، وانتهى بها
الحال لاجئة في مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين والذي تقطنه منذ سنوات النكبة الـ71.
بداية
التهجير!
تتنهد
ببطء، وملامح الإعياء بادية، وبصحة متراجعة، تقول "لم نفطر ذلك اليوم بقريتنا”.
قصص
درامية، أو سينمائية، رحلة غربة طالت فصولها، تصفها الحاجة مريم بـ"المرمطة"،
تقول عنها: "رأينا الموت بكل أشكاله”.
وبدأت
برواية الرحلة الأليمة، والتي تكاد وهي تتحدث بها، وكأنها عايشتها بالأمس القريب، رغم
المرض والنسيان الذي يصيب أجدادنا ورجالنا من كبار السن.
"جاء
مسؤول من وحدة الهاجانا إلى مختار قريتنا، وهو من عائلة مهنا، ووضعه بين خيارين: إما
أن نهاجر سلما وطواعية، وإما أن يكون ما حدث في دير ياسين مصيرنا”.
تضيف
الحاجة مريم "كان خيار المختار مهنا هو الهجرة لعدم توافر وسائل مقاومة"،
وتقول "تركنا كل شيء وراءنا، حتى مصاغي الذهبي”.
قصف
متواصل
تتابع؛
"ونحن في طريقنا من المسمية الكبيرة إلى قرية قزازة مشيا على الأقدام، الطرق كلها
عبارة عن كثبان رملية، كانت الطائرات تقصف أمامنا وخلفنا، عناية الله هي التي أنجتنا
من الموت”.
"وصلنا
إلى قرية قزازة، الطائرات والمدافع اليهودية لم تتركنا، فكان القصف يلاحقنا في أي مكان
نلجأ إليه، وارتقى شهداء كثر خلال القصف”.
وتضيف؛
"هربنا من قزازة التي مكثنا فيها عدة أشهر تحت اشتداد القصف، حتى وصلنا إلى قرية
اسمها الخصاص - تشتهر بشجر الخصاص ـ مرورا بقرية حمامة والمجدل، جلسنا تحت هذا الشجر”.
وتكمل؛
"كنا نشعل النار لخبز ما تيسر لنا من دقيق، نطفئها فور سماع أصوات الطائرات"،
مكثت الحاجة مريم وعائلتها 5 أيام في العراء.
وتحت
القصف العنيف من الطائرات والمدافع الصهيونية، تابعت عائلة الحاجة مريم رحلة الهجرة،
وصولا إلى غزة، ليجدوا الجيش المصري الذي فتشهم بحثا عن أسلحة، وكان قرار عائلة الحاجة
مريم الذهاب إلى مدينة دير البلح.
الوصول
لدير البلح
فور
الوصول إلي دير البلح تقول: "اشتري والدي بيتا من الشعر، ومكثنا فيه فترة طويلة،
حتى بدأ البناء والتعمير بالمنطقة، وبدأت حياتنا لاجئين مشردين من بلاد هي جنة الله
في أرضه”.
تقول
وكلها حسرة على بلاد ضائعة: "حتى اللحظة ونحن نعيش بمخيم دير البلح للاجئين، لم
ننس ولن نفرط بحقنا في عودتنا، مهما طال بنا الزمن”.