القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 18 حزيران 2025

الحرب على القطاع: تهويل إسرائيلي هدفه انتخابي

الحرب على القطاع: تهويل إسرائيلي هدفه انتخابي
 

الأربعاء، 17 تشرين الأول، 2012

رغم أن كل التصريحات الأخيرة لفصائل المقاومة أو لجيش الاحتلال، عقب التصعيد الاسرائيلي الأخير ضدّ غزّة، تدور حول احتمال شن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة، فإن من المستبعد أن يقع ذلك، مع أنّ التصعيد المتقطع يبقى وارداً..

في أول ردّ فعلٍ لها على التصعيد الاسرائيلي الأخير ضدّ قطاع غزة، والذي استهدف سلفيي القطاع، بحيث أدى الى استشهاد خمسة نشطاء بينهم قائد للحركة السلفية، أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية أن هذا التصعيد مقدّمة لعملية واسعة النطاق ضدّ قطاع غزّة؛ تكهنٌ لم ينفه جيش الاحتلال، الذي هدّد على لسان قياداته بشنّ عملية عسكرية واسعة ضدّ القطاع إذا ما استمر إطلاق الصواريخ، الذي تبنّته بنحو أساسي في الفترة الأخيرة الحركات السلفية.

تصعيد لم تردّ فصائل المقاومة عليه بالصمت، لكن كان لها ردّ مباشر وغير مسبوق، بحيث ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن كتائب القسام أطلقت الأسبوع الماضي، ولأول مرة، صاروخاً مضاداً للطائرات ضدّ طائرة إسرائيلية، لكنه أخطأ هدفه. وقالت إنه توجد معلومات لدى إسرائيل منذ 6 سنوات عن وجود صواريخ مضادة للطائرات في حوزة «حماس» في القطاع، لكن الأسبوع الماضي تم التأكد من صحة هذه المعلومات. ورجّحت مصادر عسكرية إسرائيلية أن يكون هذا الصاروخ من طراز «ستريلا»، وصل إلى غزة من مخازن الأسلحة الليبية بعد سقوط نظام معمر القذافي. وادّعت الصحيفة أن 1000 صاروخ كهذا اختفت من المخازن الليبية، وبحثت قوات أميركية عنها ولم تعثر سوى على بضع مئات منها.

رغم أجواء الحرب هذه، فإنّ مراقبين استبعدوا أن يكون لدى سلطات الاحتلال نية في شنّ حرب واسعة ضدّ القطاع على غرار عدوان الرصاص المصهور ما بين عامي 2008 و2009، ورأوا أن التصعيد الأخير هدفه الأساسي سياسي وليس عسكرياً. مع ذلك، يؤكدون أن المشهد في القطاع سيبقى مرشحاً لتصعيد متقطع، من دون الوصول الى حرب إسرائيلية كاسحة.

وكان من أبرز ملامح هذا التصعيد اغتيال هشام السعيدني، الملقب بأبو وليد المقدسي، زعيم حركة «التوحيد والجهاد»، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، والذي يعدّ ضربة قاسمة للتنظيمات السلفية في القطاع، والتي نشطت أخيراً في تحديها لإسرائيل من خلال إطلاق عشرات صواريخ الـ«غراد» على المناطق المتاخمة للقطاع. وكان السعيدني معتقل لدى أجهزة أمن «حماس» منذ عامين، قبل أن يطلق سراحه قبل شهرين، وهو أيضاً مطلوب من قبل أجهزة الأمن المصرية.

ورغم أن العملية الأخيرة كانت كبيرة بأهدافها، فإن المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، رأى أن ما جرى خلال هذا الأسبوع ما هو الا تصعيد روتيني. وقال لـ«الأخبار» إن «الاغتيال يعتبر عملية كبيرة وضربة قوية لفصائل المقاومة، خصوصاً السلفية منها»، لكنه أكد أن «هذا الاغتيال ليس الأكبر في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الذي شهد اغتيالات لقيادات كبيرة في فصائل مؤثرة مثل فتح وحماس».

ورأى أبو سعدة أن التصعيد الإسرائيلي المصحوب بردود فعل قوية من قبل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة «حماس» وجناحها العسكري كتائب القسام، يأتي في إطار ما تسميه إسرائيل الحرب على الإرهاب في قطاع غزّة.

ولم يستبعد أن يكون لهذا العدوان الإسرائيلي الأخير مآرب سياسية واضحة، أهمها الانتخابات الاسرائيلية المقبلة، «التي ستكون الغلبة فيها لمن يضرب بيد من حديد كل من تطاول على أمن دولة إسرائيل». وأشار إلى أن توقيت العملية يؤكد هذه الرؤية، «فالانتخابات باتت على الأبواب، و(رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو يريد أن يوصل رسالة الى المجتمع الإسرائيلي مفادها أنه حامي الحمى الذي يستطيع أن يردع أي خطر قادم من غزة»، مؤكداً أن «غزة غالباً ما تكون كبش الفداء في كل صراع سياسي إسرائيلي خلال فترات الانتخابات».

وأوضح الخبير السياسي أن التصعيد «ممكن أن يزداد خلال الأيام المقبلة لإشعال حملة نتنياهو الانتخابية»، لكن من غير الوارد وقوع حرب شاملة، «لأن الحرب ليست في مصلحة إسرائيل في هذه المرحلة، نظراً إلى التغيرات الإقليمية في المنطقة بعد الربيع العربي، خصوصاً مع وصول الإخوان المسلمين الى سدّة الحكم في مصر».

إضافة الى ذلك، فإن الحرب الشاملة تعني القضاء على «حماس» أو على الأقل إضعافها، «وهذا ما لا تريده إسرائيل، لأنها المستفيد الأول والأخير من الانقسام الفلسطيني، كما أن القضاء على «حماس» يعني تسليم السلطة إلى فصيل آخر، على الأرجح الجهاد الإسلامي، وهذا لن يكون بتاتاً في صالح إسرائيل»، على حدّ تعبير أبو سعدة.

وتتمسك «حماس» وبعض فصائل المقاومة بهدنة هشة مع دولة الاحتلال منذ انتهاء الحرب على غزة في كانون الثاني 2009. وعادة ما تتدخل مصر وجهازها الاستخباري الراعي لهذه الهدنة لتهدئة الأوضاع بعد اندلاع أحداث عنف وخرق الهدنة، لكن هذه المرّة لم يصدر أي تصريح من الجانب المصري بشأن التصعيد الأخير، باستثناء ما نقل عن مكتب رئيس الحكومة في القطاع إسماعيل هنية، عن إجراء اتصالات مع الجانب المصري لهذا الغرض، وتأكيد الاستخبارات المصرية أنها تقوم بما يجب فعله.

ورأى البعض أن هذا قد يكون بسبب انشغال القيادة المصرية الجديدة بالمشاكل الكبيرة التي تحيط بمصر، وخصوصاً مشكلة الإرهاب على الحدود المصرية في سيناء. وقال المحلل السياسي الأكاديمي ناجي شراب، إن القيادة في مصر مشغولة بعدّة قضايا، أهمها محاربة الجماعات السلفية في سيناء، والتي باتت تمثّل خطراً واضحاً على الأمن القومي المصري، لذلك قد تكون مشغولة بعض الشيء عن قطاع غزة وما يدور فيه.

وأضاف شراب أن إسرائيل اتخذت قراراً بالحرب على غزّة، لكن هذا القرار لم يحن تنفيذه بعد، مستبعداً أن تقوم إسرائيل بشنّ حرب في الفترة الراهنة، لانشغالها بملفات أكثر حساسية، مثل إيران ومشروعها النووي.

وعن تصريحات بعض قيادات «حماس» بأن الهدف الأساسي للتصعيد الأخير جس نبض ردّ فعل القيادة المصرية الجديدة إذا ما هاجمت إسرائيل قطاع غزة، يقول شراب إن إسرائيل تأخذ بالحسبان ردّ الفعل المصري لأي عملية إسرائيلية في غزة، وخصوصاً بعد وصول الإخوان، لكنه أكد أن إسرائيل تاريخياً لا تأخذ في الاعتبار أي بعد أو تغيّر إقليمي إذا ما كان الأمر يتعلق بقضية أمنها وبقائها.

المصدر: الأخبار