القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

العرب يمنحون الاحتلال وعد "بلفور" جديد

العرب يمنحون الاحتلال وعد "بلفور" جديد

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام

لو كان "بلفور" حيَّا ما وسعه إلا أن يرفع القبعة وينحني تحيةً أمام من آزره في مساندة الاحتلال، ولكن هذه المرة عبر مبادلة الأراضي مع الفلسطينيين في جنوب فلسطين المحتلة!.

في عين العاصفة العربية المستعرة تتحول التهديدات إلى فرص أمام الاحتلال الصهيوني، ويتحسن الطقس بمزيد من الأطروحات السياسية للتخلص من القضية الفلسطينية على مشارف الصيف.

من كان يتوقع أن "الربيع العربي" واشتعال عدد من الدول المحيطة بالمشاكل الداخلية سيتزامن مع اللعب في المحظور وطرح مبدأ مبادلة الأراضي الفلسطينية بحلة جديدة للمبادرة العربية؟!.

وكان وزراء الجامعة العربية قد زاروا -مؤخرًا- واشنطن، وأبدوا موافقة على مبدأ تبادل الأرض بين الفلسطينيين والاحتلال، ما أثار حالة احتجاج كبيرة في الأوساط الفلسطينية شعبيًّا ورسميًّا.

التحليلات والمواقف كافة انتقدت الطرح، وذهبت كثير من الشخصيات للتحذير من المسألة، لكن الخشية من تجميد الطرح مؤقتًا ليكون مسلّمًا يستند عليه في فلسطين حراك جديد للتسوية.

ويعد مبدأ تبادل الأراضي مبدأً صهيونيًّا برز كمحاولة للهروب من حق الفلسطيني التاريخي في أرضه، وقد كان سابقًا يقضي بمبادلة كل متر بخمسين في جنوب فلسطين.

وتبلغ مساحة الأرض الفلسطينية المحتلة سنة 1967 قرابة 6258 كيلو متر مربع؛ حيث كان الطرح سابقا مبادلة كل متر بخمسين في النقب وجنوب فلسطين ثم تراجع الطرح الصهيوني لمتر مقابل متر.

وكانت زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشهر الماضي للمنطقة قد حركت المياه الراكدة، فطفا عقبها الطرح الجديد للمبادلة على السطح وتصاعدت الممارسات ضد سوريا وتحسنت العلاقات التركية - الصهيونية.

رؤية صهيونية

يؤكد عصام عدوان، الخبير في شئون اللاجئين، أن إعادة طرح مبدأ مبادلة الأراضي إقرار جديد بحق الاحتلال وحالة خديعة جديدة للفلسطينيين.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الشتات أكثر من 6 مليون ونصف هجّروا من أرضهم تحت سلاح الاحتلال للمنافي والشتات وفقدوا أرضهم وممتلكاتهم رغم حصولهم على قرار دولية بحقهم.

وكانت المبادرة العربية المطروحة سنة 2002 قد دعت الاحتلال الصهيوني للانسحاب من أراضي 67 مقابل السلام ودولة فلسطينية والتطبيع، إلا أن الاحتلال رفضها واستمر في الاستيطان.

ورأى عدوان أن الطرح الجديد يعد تطورًا خطيرًا؛ حيث يستبق البعض حلول لإنهاء قضية فلسطين قبل أن يخرج الربيع العربي بأي شيء ضد الاحتلال.

وتابع: "هناك من يخشى أن يأتي الربيع العربي بإبطال مبادرة السلام فيقدموا تنازلات ويتهافتوا لصالح الاحتلال الذي يعيش مأزقًا في السنوات الأخيرة".

أما أنطوان شلحت، الخبير في الشئون الصهيونية، فقال إن دلالة الطرح الحالي يتطرق لمبادرة السلام سنة 2002، بما يتجاوب مع مطلب الاحتلال الذي لم يستجب أصلاً لسلام وانسحاب من أراضي 67.

وأضاف: "(إسرائيل) تصر على الاحتفاظ بالمستوطنات الكبرى في الضفة والقدس وتعديل الحدود خلال أرض متفق عليها، وذلك يأتي بدعم أمريكي عبر سلسلة ضمانات وكان هذا الطرح من أيام كلينتون - شارون".

متر مقابل متر

ومنذ أعلن العرب عن المبادرة العربية سنة 2002 تعامل الاحتلال معها باستخفاف ومضت نحو ترسيخ سياسة الأمر الواقع بالتهام مزيد من أراضي الضفة والقدس وشن عدوانًا على الفلسطينيين.

وأكد الخبير شلحت أن خطورة مبدأ تبادل الأراضي الآن تحديدًا هو أنه تنازل مجاني للاحتلال دون أن يبدي استعدادًا للوصول لاتفاق في ظل حكومة يمينية متشددة.

وأوضح أن أقصى ما يطرح الآن بعد زيارة أوباما وتحريك عملية التسوية هو سلام ناقص واتفاقات مرحلية مؤقتة في ظل تواصل الاستيطان في الضفة والقدس ورفض الاحتلال أصلاً لمبادلة متر مقابل متر!.

أما خليل التفكجي، الخبير في شئون الاستيطان بالضفة، فرأى أن طرح وزراء العرب لمبدأ مبادلة الأرض مع الاحتلال من جديد يعد طوق نجاة، فهي تعتبر الرجوع لحدود 4 حزيران غير واقعي.

وأضاف: "مضت "إسرائيل" برسم واقع جديد على الأرض، وأي دولة فلسطينية مستقبلاً سيكون تواصلها الجغرافي مستحيل في ظل كتل استيطانية كبيرة وستظل مناطق فلسطينية أخرى معزولة لن تأخذ أكثر من حكم ذاتي".

الولايات المتحدة والاحتلال

ويخشى الاحتلال من تحولات جديدة في المنظومة العربية من حوله ويسانده في، القلق الولايات المتحدة الأمريكية، فلكل منهما مصالح تتقاطع في التخلص من القضية الفلسطينية.

ويرى كل من الكيان الصهيوني وأمريكا أن الوصول لحل يضمن مصلحة واستقرار مصالح كليهما الآن أفضل من المستقبل، ولا أحد يدري من سيصعد سدة الحكم في الدول المؤثرة عربيًّا وإقليميًّا.

وأوضح خليل التفكجي أن "(إسرائيل) معها ورقة ضمانات أمريكية للمرحلة النهائية من المفاوضات وقد استغلت الوقت ووسعت المستوطنات وبنت جدار الفصل ومارست التطهير العرقي في الأغوار".

وأضاف: "بعد كل ما جرى أصبح على الفلسطيني القبول بواقع به جدار التهم الضفة وطهّر الغور من الفلسطينيين والقدس خارج المفاوضات".

وأكد أن الاحتلال يسعى جاهدًا في الفترة الأخيرة لتأصيل فكرة يهودية الدولة، وذلك يعني أن مستقبل الفلسطينيين القاطنين في فلسطين أرض 48 أصبح مهددًا وصاروا معه مهددين بالطرد.

وحملت زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة نقطة انطلاق جديدة تلتها تغيرات سياسية وأفكار قديمة طرحت من جديد على الطاولة معظمها تمني السلطة بمزيد من الدعم المالي لتحريك عجلة التسوية لكن الحديث في مبادلة الأرض يبقى أخطر من المشي في حقل ألغام.

المركز الفلسطيني للإعلام، 9/5/2013