القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الغزيون يتذكرون تقرير غزة غير قابلة للحياة في عام 2020

الغزيون يتذكرون تقرير غزة غير قابلة للحياة في عام 2020

غزة – خبر – مصطفى الدحدوح

شكك سكان قطاع غزة في تقرير الأمم المتحدة الذي حذر من أن القطاع قد يكون غير قابل للعيش فيه في حلول عام 2020، لاعتقادهم أن القطاع الساحلي والذي تحكمه حركة حماس أصبح غير قابل للعيش فيه منذ سنوات ولا داعي لانتظار خمس سنوات أخرى لإثبات ذلك.

وكانت هيئة الأمم المتحدة المكلفة بشؤون التنمية والتجارة توقعت أن قطاع غزة يمكن أن يصبح مكاناّ غير قابل للعيش بحلول العام 2020 وبات الغزيين يتذكرون هذا التقرير وما آت به من خطورة من بقاء سكان القطاع به حتى عام 2020.

وأوضح التقرير أن التوقعات مبنية على أساس استمرار الاتّجاهات الاقتصادية الحالية في القطاع خلال السنوات الخمس المقبلة.

ولفت التقرير ألأممي إلى أن "التداعيات الاجتماعية والصحية والأمنيّة للنمو الديموغرافي المرتفع وللاكتظاظ السكاني الهائل من بين العوامل التي قد تجعل من غزة مكاناً غير قابل للعيش بحلول 2020".

وقال ميسرة الزعانين (40 عاماً) وهو أب لخمسة أطفال تقطن في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة: "أشعر بالخوف الشديد عند سماعي أو تذكر مثل هذه التقارير، أفكّر في الهجرة دوماً، أبحث عن مكان آمن لي ولعائلتي وأطفالي".

وأضاف" الرعب مبني على أساس أن البطالة تزيد كل يوم ، الوضع سيزداد سوءاً، لا أفق للحل وتحسن الأوضاع، ولكن أعتقد أنّ كثيراً من الناس سيتأقلمون مع الواقع السيئ كما كان هو الحال منذ سنوات طويلة وتجدد المخاوف بعد تطور الإحداث وغلاء الحياة بغزة وملوحة المياه بشكل كبير".

أما فارس الكردي (39 عاماً) وهو أب لثلاث أبناء، فيرى أن غزة حاليا غير قابلة للحياة، وذلك لخطورة الاكتظاظ السكاني والتلوث البيئي ويرجع ذاكرته إلى تقرير الأمم المتحدة ومؤسساتها بأن ذلك سيكون في عام 2020 متأخرة.

وقال "نحن نعيش في مكان غير قابل للحياة منذ سنوات طويلة، تعقّدت الأمور منذ الحرب الأخيرة العام الماضي، لكن إذا ما نظرت إلى واقع الحياة ستجد أنّه لا مقوّمات للحياة هنا".

أضاف: "الكهرباء مقطوعة، البنية التحتيّة مدمّرة، المياه غير صالحة للشرب، حركة المواصلات معقّدة وصعبة، الزراعة في تدهور مستمرّ، هناك انتشار للأمراض نتيجة الوضع البيئيّ المتدنّي، والفقر والبطالة في زيادة مستمرّة".

قطاع غزّة هو منطقة ساحليّة، ويطلّ على البحر المتوسّط، ويحده مصر من الجنوب الغربي، ومساحته 362 كلم2، ويمتد على طول 41 كلم بعرض بين 6 و12 كلم. ويعيش فيع نحو 1.8 ملايين شخص في إحدى أعلى الكثافات السكانية عالميا.

واتفقت أم يونس فرحان (37 عاماً) مع عليان باعتبار قطاع غزة غير ملائم للعيش فيه، وأن الظروف المحيطة تدفع الجميع إلى مغادرته عاجلاً أم آجلاً"، في حال لم يتم التدخل من قبل الجهات المعنية محليا ودولياً لوقف التدهور الحاصل في حياة الفلسطينيّين.

وقالت "أنا أحب غزة، أنا عشت هنا معظم سنوات حياتي، لكنني الآن أسعى بجدية للسفر إلى الخارج، وترك القطاع. أخشى أن يزيد الوضع سوءاً، نحن بالكاد نستطيع العيش هنا اليوم، ولا أعرف كيف سيكون الوضع بعد خمس سنوات".

وتعرّض قطاع غزّة إلى حصار إسرائيلي ودولي خانق بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في عام 2007، كما عاش ثلاث حروب خلال ست سنوات، كان آخرها صيف عام 2014 والتي استمرت 51 يوماً.

كما تواجه إعادة أعمار المنازل والمنشآت التي تم تدميرها خلال الحرب الأخيرة نمواً بطيئاً نتيجة محدودية التمويل الدولي المقدم إلى وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى والحكومة الفلسطينية، إضافة إلى القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة منذ سنوات.

ويعتقد بعض الفلسطينيين أن حركة حماس التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007 في شكل كامل هي المسئولة عن التدهور الاقتصادي والتنموي في غزة، فيما يرى آخرون أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إضافة إلى المجتمع الدولي هي من تدفع القطاع نحو الهاوية.

وقال الكردي "حماس كونها المسؤول الأول عن قطاع غزة هي المسئولة عن الواقع في شكله الحالي". وعند سؤاله إن كانت إسرائيل تتحمل مسؤولية فرضها الحصار، قال: "قبل حكم حماس وأثناء الحكم الإسرائيلي، لم يكن الوضع على حاله اليوم".

وتعتبر فرحان أن الواقع السياسي الراهن معقد بما لا يدع مجالاً لاتهام جهة واحدة بذاتها بالمسؤولية عن التدهور الاقتصادي والسياسي. وقالت: "كل الأطراف مسئولة، إسرائيل لاحتلالها وفرض الحصار، والسلطة الفلسطينيّة لعدم مساعدتها سكان القطاع في الشكل الكافي، إضافة إلى حركة حماس التي تتحكم في مقادير الواقع في القطاع".

ويتبادل حركتا حماس وفتح ومسؤوليتهما الاتهامات دوماً عبر وسائل الإعلام، كما يلقي كل طرف منهما المسؤولية على الآخر في حصار قطاع غزة، وأن الانقسام السياسي الراهن والذي تتّهم كل جهة الأخرى بأنه يعطل المصالحة هو السبب في إعاقة تنمية قطاع غزة.

ويعتقد الاختصاصي الاجتماعي والنفسي في برنامج غزة للصحة النفسية حسن زيادة أن التقارير الدولية التي تتحدث عن أن قطاع غزة سيصبح غير قابل للعيش فيه خلال سنوات معدودة يدفع السكان المحليين إلى "الخوف والقلق وأحيانا اليأس وعدم القدرة على التغيير".

وقال "عندما تنقل وسائل الإعلام تقارير سلبية، يزيد الشعور بالعجز والإحباط والقلق على المستقبل بين الفلسطينيين، بل يتعداه للوصول إلى مرحلة اليأس و ألان يشهد تذكر هذا التقرير ومقارنته بالواقع الذي يعيشه القطاع من انعكاسات سلبية على التنمية البشرية والقدرة على الإنتاج في المستقبل".

وأضاف: "ينقسم الناس إلى ثلاثة أقسام، أحدهم قد يفكّر في الهجرة للبحث عن مكان أفضل يعيش فيه مع أسرته وأبنائه، وآخر يعيش الإحباط واليأس ويستسلم للواقع، وجزء ثالث يحاول أن يتجاوز الأزمة بالتكيّف مع الواقع المحيط على الرغم من كل ما فيه من سلبيات وهم اقله".

بغضّ النظر عن دقّة التقارير الدوليّة وواقعيتها التي تتنبأ بمستقبل سيئ لقطاع غزة في السنوات المقبلة، لا سيما في حال استمر الواقع الراهن من انقسام سياسي وحصار إسرائيلي وشح في التمويل الدولي، إلّا أن سكان القطاع البالغ عددهم قرابة 1.9 مليون نسمة يعيشون واقعاً معقدا لا يحسدون عليه، ولا يرون ضوءاً قريباً في نهاية نفق المعاناة.