الخميس، 04 تشرين الثاني، 2021
جدد الفلسطينيون
تشبثهم بالحقوق الوطنية المشروعة، المتمثلة في إقامة دولتهم المستقلة، وتقرير المصير
وعودة اللاجئين، مع تمسكهم بخيار المقاومة، لدحر الاحتلال، في الذكرى الرابعة بعد المئة
لـ "وعد بلفور المشؤوم”، وحملوا في ذات الوقت المسؤولية لبريطانيا، التي أعطت هذا الوعد
لليهود، ليمكنهم بعد ذلك من احتلال أرض فلسطين، على وقع جرائم القتل والتدمير.
وأحيى الفلسطينيون
الذكرى الأليمة لهذا الوعد المشؤوم، بتنكيس الأعلام فوق المؤسسات الرسمية، بما فيها
سفارات دولة فلسطين في الخارج، في وقت شهدت فيه مواقع التواصل الاجتماعي، تدوينات كثيرة،
بعضها فردية، وأخرى كتبت ضمن "حملات إلكترونية” للتنديد بالوعد، مستعينة بالصور والرسومات
التي توثق النكبات التي حلت بفلسطين منذ ذلك الوعد.
المطالبة بالاعتذار
ودعت منظمة التحرير
الفلسطينية، بريطانيا إلى الاعتذار للشعب الفلسطيني، و”التكفير عن جريمة صدور إعلان
بلفور، من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقال أحمد أبو هولي عضو اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، إن هذا الوعد "مثّل بداية أبشع ظلم تاريخي
على شعبنا، وأرضه، وحقه في وطنه، وزرَع جسما غريبا مثّل آخر استعمار عسكري استيطاني
في العالم يقوم على القوة العسكرية، والتوسع الاحتلالي”، لافتا إلى أن هذا الوعد لا
يزال "شاخصاً كجريمة تطهير عرقي، ارتبطت بكل ما مارسته الصهيونية وحلفاؤها”، وطالب
أبو هولي المجتمع الدولي بأن يقف أمام مسؤوليته لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الامتثال
لقرارات الشرعية الدولية التي أقرت بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
وأعلنت السلطة
الفلسطينية عن تواصل الجهود الدبلوماسية لتنفيذ الموقف الرسمي الفلسطيني الخاص لمطالبة
بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني عن هذا الوعد، كـ "جزء لا يتجزأ من إقرارها بتحمل
مسؤوليتها عن الإعلان، وما نتج عنه من تشريد وويلات حلت بشعبنا” ودعا المستشار السياسي
لوزير الخارجية والمغتربين، السفير أحمد الديك، المملكة المتحدة إلى المبادرة بالاعتراف
بدولة فلسطين كـ "جزء آخر من تكفيرها عن هذا الإثم والعدوان الذي ارتكبته بحق شعبنا
وما لحق به من عذابات وظلم تاريخي ما زال قائما ومتواصلا”.
وأكد أن هذا الأمر
يشكل "بداية لتصحيح مسار إعلان بلفور الظالم، ولمساعدة شعبنا وتمكينه من نيل حقوقه
الوطنية العادلة و المشروعة، وحقه في العودة وتقرير المصير، وتجسيد الدولة الفلسطينية
المستقلة”.
وقال نائب رئيس
حركة فتح محمود العالول إن "وعد بلفور يثير غضب الفلسطينيين”، لافتا إلى أنه من أجل
ذلك تبذل جهود كبيرة من أجل العمل على تصويب ولو جزئي في هذا الموضوع، لافتا إلى المتابعة
القانونية عبر المحاكم التي تجرى حول الملف، مؤكدا أن هذا الوعد "شكل جريمة كبيرة ارتكبت
ضد الشعب الفلسطيني”، شاركت فيها بريطانيا، وكانت الولايات المتحدة جزءًا من بدايته.
وقال في تصريحات
لإذاعة صوت فلسطين الرسمية "104 أعوام عمر الوعد وهو ليس مجرد وعد أعطي، بل كانت
104 أعوام من العذابات والتشريد وضياع الوطن وسلب الأرض”.
وأكدت حركة التحرير
فتح، في بيان أصدرته، أن إعلان بلفور المشؤوم "ليس قدرا، وأن الشعب الفلسطيني سيواصل
كفاحه حتى يسقط تزوير التاريخ وتداعياته وإنكار حقنا بتقرير المصير على أرض وطننا فلسطين”،
وقالت "إن إعلان بلفور هو التعبير الأكثر بشاعة وعنصرية وظلما ضمن مشاريع الصهيونية
والاستعمار”، مؤكدة أن مرور الزمن لا يعفي بريطانيا من مسؤوليتها السياسية والأخلاقية،
وأن عليها المبادرة إلى تصحيح مسار تاريخ الظلم الذي كانت سببا في حصوله واستمراره
على الشعب الفلسطيني.
من جهته قال قاضي
قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، إن
"إعلان بلفور ليس مجرد كلمة أو إعلان، بل إنه تشريع لكل الظلم الذي أعقبه منذ أكثر
من مائة وأربعة أعوام، ولغاية يومنا هذا”، وأضاف في بيان أصدره بهذه المناسبة وهو يرد
على الرواية الصهيونية "من ظنوا أن الكبار يموتون والصغار ينسون فهم واهمون، وشعبنا
الفلسطيني ينهض من جديد رغم أنف بريطانيا وبلفور والصهيونية، ينهض من بين الركام ليقول
للعالم أنا لم أمت، أنا موجود في عين التاريخ والجغرافيا، وأريد حقي، ولن أتنازل عنه
أبداً”.
خيار المقاومة
من جهتها أشادت
حركة حماس بصمود الشعب الفلسطيني في القدس وغزة والضفة والـ 48 والشتات والمنافي، صموده
وثباته وتصديه لكل المؤامرات والمخططات التي تهدف إلى تصفية الحقوق الوطنية، وإثباته
أنه عبر تعاقب السنين "يزداد ارتباطنا بحقنا وإصرارنا على مقاومة عدونا”، داعية الأمة
العربية والإسلامية إلى نصرة القدس وقضاياها في هذه المرحلة الحساسة.
وقالت في بيان
أصدرته في هذه المناسبة، إن بريطانيا ارتكبت "مجزرة تاريخية” بحق الشعب الفلسطيني،
وأضافت "وهي ملزمة اليوم بالتكفير عن خطيئتها بإعادة الحقوق لأهلها، والاعتذار العملي
للشعب الفلسطيني بعودة اللاجئين الذين هُجروا من أرض فلسطين التاريخية موطنهم الأصلي،
وتعويضهم عما لحق بهم، ودعم حقهم في الحرية والاستقلال”، وقالت "ستظل المقاومة بكل
أشكالها، من الشعبية وحتى المسلحة، خيارًا مشروعًا أثبت جدواه، ولا تراجع عنه لاسترداد
حق شعبنا المسلوب وكنس الاحتلال”.
وجددت حركة الجهاد
الإسلامي، تمسك الشعب الفلسطيني بحقه المشروع كاملاً، في استرداد أرضه، وقالت بهذه
الذكرى إن "المقاومة بكل أشكالها واستمرار مواجهة المحتل، حق مشروع لشعبنا، وهي الضامن
لاستعادة الأرض وتحرير القدس ومسجدها الأقصى وكافة المقدسات، واستعادة فلسطين من بحرها
إلى نهرها”، وقالت إن الصمت الدولي وفتح بعض الأنظمة العربية باب التطبيع مع الاحتلال
على مصراعيه، "لا يقل خطورة عن تصريح بلفور المشؤوم”.