"هيومن رايتس
ووتش": إسرائيل هدمت عشرات المنازل وهجرت مئات الفلسطينيين
المستوطنون يقتحمون
"الأقصى" مجدداً والاحتلال يحاصر المصلّين
رام الله - المستقبل
جدد المستوطنون اليهود أمس الخميس،
اقتحام المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، عبر مجموعات صغيرة ومتتالية، وبرفقة
حراسات معززة ومشددة من عناصر الوحدات الخاصة في شرطة الاحتلال، ما ينذر بتوتر
شديد آخذ بالتصاعد.
وبحسب مصادر مقدسية، فقد تصدى،
المصلون وطلبة مصاطب العلم للمستوطنين الذين سمحت شرطة الاحتلال لهم باقتحامه،
وإقامة طقوس وشعائر تلمودية، خصوصاً في آخر ايام "عيد العُرش" اليهودي
التلمودي الذي استمر أسبوعاً، مضيفة أن قوات الاحتلال فرضت حصاراً عسكرياً على
المصلين ومنعتهم من الاقتراب من المستوطنين أثناء تجوالهم في باحات ومرافق المسجد.
من جهة أخرى، اعتقلت قوات الاحتلال
ستة مواطنين من مناطق مختلفة في محافظة الخليل، بعد مداهمة منازلهم والعبث
بمحتوياتها. كما اعتقلت ثلاثة شبان من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم.
في غضون ذلك، طالبت منظمة
"هيومن رايتس ووتش"، قوات الاحتلال الإسرائيلي بوضع حد فوري لعمليات هدم
المنازل الفلسطينية وغيرها من المنشآت في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها أمس أن
عمليات الهدم تسببت في نزوح ما لا يقل عن 79 فلسطينياً منذ 19 آب 2013، مشيرة إلى
أن عمليات هدم المنازل وغيرها من المنشآت، التي ترغم الفلسطينيين على ترك
مجتمعاتهم، قد ترقى إلى مصاف النقل الجبري لسكان أراضٍ محتلة، ما يُعد جريمة حرب.
ووثقت "هيومن رايتس ووتش"
عمليات هدم في 19 آب في القدس الشرقية، تسببت في نزوح 39 شخصاً عن أماكن سكناهم
بينهم 18 من الأطفال، كما وثقت منظمات حقوقية إسرائيلية، علاوة على مكتب الأمم
المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، عمليات هدم إضافية في القدس الشرقية
والضفة الغربية يومي 20 و21 آب، تسببت بتدمير منازل 40 شخصاً، بينهم 20 طفلاً.
وقال القائم بأعمال المدير التنفيذي
لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" جو ستورك:
"حين تقوم القوات الإسرائيلية على نحو روتيني ومتكرر بهدم منازل في أراضٍ
محتلة من دون إثبات ضرورة هذا الهدم للعمليات العسكرية، فيبدو أن الغرض الوحيد هو
إبعاد العائلات عن أراضيها، مما يُعد جريمة حرب. المناورات السياسية لمحادثات
السلام لا تنتقص من عدم مشروعية قيام إسرائيل بهدم بيوت الفلسطينيين من دون سبب
عسكري مشروع".
وأشارت المنظمة إلى أنه في واحدة من
الحالات، قامت قوات الاحتلال بتدمير خيمة كانت تؤوي عائلة مكونة من سبعة أفراد
بعدما دمر الجيش منزلها مرتين، بحسب تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. وفي حالة
أخرى، قطعت القوات الإسرائيلية الطريق المؤدي إلى المنزل المتبقي من منازل عائلة
في القدس الشرقية، بعد تدمير منازل أخرى مجاورة له في نيسان.
ويبرر المسؤولون الإسرائيليون عمليات
هدم المنشآت الفلسطينية بتشييدها "على نحو غير مشروع" من دون تصاريح
بناء في مناطق غير مخصصة للبناء السكني. إلا أن السلطات الإسرائيلية خصصت المناطق
على نحو يميز ضد الفلسطينيين من دون وجه حق.
وخصصت سلطات الاحتلال 13 في المئة من
مساحة القدس الشرقية لأعمال البناء الفلسطينية، لكنها استولت على 35 في المئة من
هذه المساحة لتشييد المستوطنات.
وفي الممارسة تسمح السلطات
الإسرائيلية للفلسطينيين بالبناء على 1 في المئة فقط من بقية مساحة الضفة الغربية،
وهي المنطقة "ج" الخاضعة حصرياً للسيطرة الإسرائيلية.
وفق منظمة "بتسيلم"
الحقوقية الإسرائيلية، خصصت السلطات الإسرائيلية 63 في المئة من مساحة المنطقة
"ج" للاستيطان.
وأشارت "هيومن رايتس ووتش"
إلى أن عمليات الهدم الأخيرة تأتي عقب فترة خمول مؤقت خلال شهر رمضان، في تموز
وأوائل آب. وخلال عام 2013، دمرت إسرائيل 420 منشأة فلسطينية ما أدى لنزوح 716
شخصاً عن أماكن سكناهم، وفق تقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمات حقوقية
إسرائيلية.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"
إنها وثقت عمليات هدم يومي 23 و29 نيسان في القدس الشرقية وشمال الضفة الغربية،
نتج عنها نزوح 43 شخصاً بينهم 29 من الأطفال. في إحدى الحالات، هدمت القوات
الإسرائيلية خيماً كانت وكالات إنسانية قد تبرعت بها لعائلة لديها رضيع عمره 4
أيام ودمر الجيش منزلها.
وتسببت عمليات هدم المنازل التي
تجريها إسرائيل في نزوح 3799 فلسطينياً عن أماكن سكناهم منذ بدء ولاية رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 31 آذار 2009، بحسب تقارير مكتب تنسيق
الشؤون الإنسانية.
وبحسب مكتب الإحصاءات المركزي
الإسرائيلي، فمنذ الأول من نيسان 2009 وحتى 31 آذار 2013، بدأت أعمال البناء في
4590 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، مع استبعاد القدس الشرقية.
وقال ستورك: "إن عمليات الهدم
غير المشروعة التي تجريها السلطات الإسرائيلية تعمل على إبعاد الفلسطينيين بقسوة
عن بيوتهم، وتتحدى جهود المجتمع الدولي لدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية".
وأشارت "هيومن رايتس ووتش"
إلى أن إسرائيل تسيطر على الشؤون المدنية، وكذلك الأمن في 62 في المئة من مساحة
الضفة الغربية، المعروفة بالمنطقة "ج"، وتتمتع الإدارة المدنية في جيش
الاحتلال، التي يرأسها العميد موتي ألموز، بالسلطة على استخدام الأراضي والتخطيط
في المنطقة "ج"، بما في ذلك سلطة إصدار تصاريح الهدم.
وتسببت القوات الإسرائيلية بنزوح 815
فلسطينياً بعد هدم منازلهم الواقعة في المنطقة "ج" في 2012، كما تسببت
بنزوح 485 في الأشهر الثمانية الأولى من 2013، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
ويرفض جيش الاحتلال الإسرائيلي في
الممارسة منح تصاريح بناء للفلسطينيين في 99 في المئة من مساحة المنطقة
"ج"، لكنه منح المستوطنات الاختصاص على ما يفوق 63 في المئة من مساحة
المنطقة "ج"، بحسب المنظمتين الحقوقيتين الإسرائيليتين،
"بيمكوم" و"بتسيلم".
واستهدف جيش الاحتلال بعض ملاجئ
الطوارئ المقامة لاستيعاب الأشخاص الذين سبق للجيش تدمير منازلهم. وحتى 31 حزيران
كانت إسرائيل قد هدمت ما لا يقل عن 54 من هذه الملاجئ وغيرها من المنشآت المقامة
في المنطقة "ج" بتمويل من مقدّمي المساعدات الإنسانية، استجابة في معظم
الحالات لعمليات هدم سابقة، وهذا بحسب تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"
في القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل كجزء من توكيدها لسيادتها ولكنها تظل أرضاً
محتلة بموجب القانون الدولي، تصدر أوامر الهدم من قبل محكمة مدنية إسرائيلية،
وعادة ما يكون الأساس هو افتقار السكان إلى تصاريح للبناء.
تسببت عمليات هدم المنازل في القدس
الشرقية في نزوح 71 فلسطينياً في 2012 وما لا يقل عن 231 حتى الآن هذا العام،
بزيادة تفوق الـ325 في المئة، بحسب تحقيقات أجرتها منظمات حقوقية إسرائيلية
و"هيومن رايتس ووتش"، وتقارير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وأضافت: "في أغلب الأحيان يصعب
على الفلسطينيين أو يستحيل الحصول على تصاريح بناء في القدس الشرقية، حيث استولت
سلطات الاحتلال على 35 في المئة من الأرض لحساب بناء المستوطنات، وخصصت 22 في
المئة كمناطق خضراء ولمرافق البنية الأساسية، ولم تخصص سوى 13 في المئة لأعمال
البناء الفلسطينية، وفق المخططات الرسمية التي حصلت عليها منظمات حقوقية إسرائيلية
والأمم المتحدة.