القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

النشاط الثقافي الفلسطيني يتجاوز حواجز الاحتلال لإثبات هُويته وانتمائه

حيوية المجتمع الفلسطيني… المقاومة بالثقافة
النشاط الثقافي الفلسطيني يتجاوز حواجز الاحتلال لإثبات هُويته وانتمائه

 

الجمعة، 27 تشرين الأول، 2017

إن قائمة النشاطات الثقافية في رام الله في مساء يوم السبت خلقت معضلة: هل نذهب لنشاهد الأفلام الدُّولية في مهرجان السينما السنوي في مركز خليل السكاكيني، أو أن نشاهد الأفلام القصيرة المتنافسة على جائزة المهرجان التي تعرض في قاعة في البلدية؛ هل نذهب إلى افتتاح معرض «التحولات» لأحد أبناء أم الفحم كريم أبو شقرة، في جاليري زاوية في البيرة أو إلى حفل توقيع كتاب «رام الله العثمانية 1517 ـ 1918» الذي كتبه سميح حمودة من (مواليد بيت لحم ومحاضر في جامعة بيرزيت) وأصدره معهد دراسات فلسطين؟ مناقشة الكتاب، بمشاركة الكاتب والباحثين المثيرين نظمي الجعبة وسليم تماري، يجرى في البلدية بالضبط في وقت افتتاح المعرض. ولشديد الـأسف في الساعة عينها ـ مؤسسة «برنبويم سعيد» يقدم كونشيرت في قاعة إدوارد سعيد في مبنى جمعية «الهلال الأحمر» في البيرة.

في كل مكان يعيش فيه الناس، هناك إنتاج وإبداع، ومن يريدون إثراء أنفسهم بها. هنا، كما في كل مكان الإبداع هو أيضا تعبير عن استمرارية الوجود الاجتماعي، أيضا حيث يكون الموضوع هو التهجير والتفكيك. هكذا فليس من المستغرب هذا النشاط الثقافي، الذي أيضا تجمع نتاجات فلسطينية ومبدعين فلسطينيين من كل أرجاء العالم (حتى من غزة). وهنا في الحقيقة الخط الأحمر ممحي. أن حضور فلسطينيين مواطني إسرائيل في هذا الحدث الثقافي والأدبي في الضفة الغربية هو أمر مفهوم بذاته. فلسطين تقريبا كاملة.

عدد من المؤسسات الثقافية المحلية والدولية تحاول بكل قوتها ألا يكون المشهد الثقافي هو من نصيب طبقة ضيقة وأن تصل دروس الفن أيضا إلى الأطفال الذين ليسوا فقط من الطبقة الوسطى ـ العليا.

إن دمقرطة وغرس العمل الثقافي هو تحدٍ لكل مجتمع طبيعي، خاصة في العصر الليبرالي الجديد. ولكن هنا ليس بالإمكان الحديث عن طبيعية. حيث من كلا جانبي الخط الممسوح ولكنه الخط الذي يفرق ويميز، حيث المنظمات السياسية الفلسطينية القديمة مخيبة للآمال، متكلسة، متفككة، يتناقص أعضاؤها وليس فيها القدرة على التغيير ـ فإن الفضاء الثقافي، الأدبي، الفني يزداد قوة أكثر فأكثر في البناء المستمر، الديناميكي، للهُوية والانتماء (الذي خطأ يعتبر «حماية»).

إن أحدا لا ينسى أنه على بعد كيلو متر من قاعة إدوارد سعيد ينتصب مشرفا على ما حوله المبنى المهدد، الوقح والعنيف للإدارة المدنية.

أيضا عندما يصلون في الليل إلى القصر الثقافي فإن الناس يعرفون أنه إلى الجنوب الغربي منهم وعلى بعد 2 كيلو متر يقبع مئات الأسرى في سجن عوفر المغطى بلوحات إسمنتية، من أجل حجبه عن أنظار الإسرائيليين ـ فقط، الذين يسافرون على خط 443. جزء من شارع لا يصله الفلسطينيون يشكل الحدود الجنوبية لجيب رام الله. حد صناعي وعنيف، ولكنه حقيقي جدا.

برغم إدراك جدران الأسلاك الشائكة، فخر الصناعة الإسرائيلية وبكل طبيعتها، فإن النشاط الثقافي يسهم في تبديد السياسة التي تعم في كل جيب فلسطيني، منفلت. هنا هي توأم للنشاط الأكثر جماهيرية ـ الاستهلاك. من دون قصد فإن اشباع الحاجات الثقافية، التعليمية والاستهلاكية التي يتم الحصول عليها في الجيوب الفلسطينية تطبعها. تكيف الناس للحدود المصطنعة وللحواجز المجزئة التي بنتها إسرائيل بإحكام شديد وظلم.

إن وهم عالم بلا حدود، الذي تعرضه الشبكات الخيالية والعداوات التي يتم التخلي عنها فيها يوجد لها تأثير يطبع تجزئة الفضاء.

القرى التي يهددها باستمرار المستوطنون والجيش، الأحياء في القدس التي دفعت بها إسرائيل نحو الفقر، مخيمات اللاجئين التي تتفشى فيها البطالة والجيوب الأخرى ـ تتحول إلى بعيدة جدا داخل المتاهة المصطنعة لشوارع فاصلة وخاصة، حواجز متسلطة في القدس ليس لأحد رغبة في الاصطدام بها. وهكذا فإن الجيب بكل ما يقدمه من إشباع للحاجات يتحول إلى ملجأ من الخبر القائل بأن شيئا غير طبيعي.

المصدر: وكالات