تحليل: حكومة "الحمد الله" وتأثيرات
تشكيلها على المصالحة
منذ اللحظة الأولى التي جرى فيها الحديث إعلاميًا عن تكليف الرئيس محمود
عباس لرامي الحمد الله بتشكيل حكومة تسيير الأعمال الجديدة، خلفاً لسلام فياض، الذي
تولى هذا المنصب لست سنوات تقريباً، بدأ الحديث عن محاولة قراءة المشهد السياسي الفلسطيني
وبخاصة بعد تشكيل هذه الحكومة، ومدى تأثير تشكيلها على المصالحة الفلسطينية في الوقت
الراهن.
وبحسب مراقبين استطلعت "فلسطين" رأييهما، فإنه من الواضح أن
تأخر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وظهور هذه الحكومة بالمشهد السياسي الفلسطيني يعني
أمرًا واحدًا وهو أن حلم تحقيق المصالحة الوطنية ما زال بعيد المنال، وأن "كابوس"
الانقسام الفلسطيني سيبقى جاثماً على صدور الفلسطينيين لفترة أخرى لا يعلم أحد متى
أو كيف ستنتهي.
المصالحة "ما زالت بعيدة"
"إذا
أردنا البدء بقراءة المؤشرات بخصوص تشكيل هذه الحكومة، وفي هذا الوقت تحديداً، فإننا
سنجد أن أهم مؤشر هو عدم تحقيق المصالحة، على الأقل في المدى القريب.."، هكذا
بدأ المحلل السياسي طلال عوكل حديثه لـ"فلسطين"، حول تكليف الحمد الله برئاسة
حكومة رام الله.
ويتابع عوكل: "الحديث كان يدور، خلال الفترة الماضية، عن وجود فترة
3 أشهر ستنتهي بالإعلان عن تشكيل حكومة الوحدة، والآن قد بقي من هذه المدة شهران على
تشكيل مدة حكومة الوفاق الوطني التي لا ندري متى ستشكل فعلياً؟ وإذا أردت وجهة نظري
الشخصية، فإنني أكرر القول بأنه لن تشكل هذه الحكومة، في ظل وجود "فيتو"
إسرائيلي- أمريكي على المصالحة".
ويشير عوكل إلى أن ملف المصالحة "كان ولا يزال بعيداً تماماً"
عن عمل حكومة رام الله، رغم أن أهم وظائف الحكومة هي سياسية بالأساس، إلا أن حكومة
الحمد الله ستكون المهام الملقاة على عاتقها بشكل رئيسي "تنفيذ برنامج الرئيس
عباس"، ولن تأتي بشيء جديد يختلف عما قامت به حكومة فياض.
ويضيف: "إن تغيير الحكومات لا قيمة له فعلياً بالضفة الغربية، لأن
تلك الحكومات ذات مهام إشرافية، ولا تمتلك أية صلاحيات حقيقية فيما يخص المصالحة الوطنية
وملفاتها. إن رامي الحمد الله رجل من التكنوقراط لا يمتلك تأثيرًا حقيقيًا على المسار
السياسي الفلسطيني، إنه ببساطة رجل مقبول دولياً، ومرحب به أمريكيًا وإسرائيليًا، وستثبت
الأيام أن الرجل سينفذ برنامجًا حكوميًا سياسيًا ليس هو من وضعه".
"ليست ما انتظرناه"!
من جانبه، يقول المختص في الشئون الفلسطينية، حسن عبدو: "هذه الحكومة
مرفوضة، لأن تشكيلها قد تم على حساب المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية التي انتظر الشعب
الفلسطيني تحقيقها طويلاً، كما أن شعبنا لا ينتظر تشكيل حكومات جديدة، بقدر ما ينتظر
تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام في أقرب وقت ممكن، بعد أن اكتوى بنار الصراعات الداخلية
لست سنوات متواصلة".
وينوه عبدو لـ"فلسطين" إلى أن الشعب الفلسطيني بحاجة الآن إلى
تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عباس، بحسب التفاهمات التي جرت مع حركة حماس بالعاصمة
القطرية الدوحة، حيث من المفترض أن تكون هذه الحكومة قادرة على بناء الإجماع الفلسطيني،
معتبرًا حكومة الحمد الله جزءا من منظومة الانقسام وتؤكد استمرار هذه الحالة إلى أمد
غير محدد على الساحة.
ويتابع: "ينبغي أن نكون دقيقين أيضًا، وألا نحمل حكومة الحمد الله
أوزاراً لا ذنب لها فيها. صحيح أنها جزء من منظومة الانقسام، إلا أن تحقيق المصالحة
خارج تماماً عن نطاق مهامها ومسئولياتها بالكامل، تماماً كما كان ملف المصالحة خارج
أجندة حكومة فياض، وذلك نظراً لأن هذا الملف "فصائلي بامتياز"، وموجود بشكل
أساسي لدى كل من حركتي فتح وحماس".
ويوضح المختص في الشئون السياسية الفلسطينية أن ملف المصالحة لا يزال
حتى هذه اللحظة في عهدة كل من عضو اللجنة المركزية بفتح عزام الأحمد، الذي لا يشغل
أي منصب وزاري، وذلك بتفويض من عباس الذي يشغل مقعد قيادة حركة فتح، وعضو المكتب السياسي
بحماس موسى أبو مرزوق، وبالتالي فإن المصالحة خارج جدول أعمال كل من حكومة الحمد الله
والحكومة الفلسطينية بغزة، وبالتالي فإن هذا الملف "سيبقى فوق الحكومات"،
على حد قول عبدو.
المركز الفلسطيني للإعلام/ 5-6-2013