جماهير غزة تفاجئ فتح في
ذكرى انطلاقتها

السبت، 05 كانون الثاني، 2013
لم يخل مهرجان انطلاقة
فتح أمس في غزة من المفاجآت، وكان أبرزها الحشود الكبيرة التي شاركت في الاحتفال، التي
ملأت ساحته والشوارع المحيطة به قبل الموعد المخصص بساعات، في ظل استنفار ملحوظ لعناصر
أمن حكومة حركة حماس المقالة.
لكن المفاجأة الأخرى حدثت
فور انتهاء كلمة الرئيس الفلسطيني وزعيم فتح محمود عباس، حيث بدأت مناوشات حول منصة
الاحتفال بين أنصار عباس ومؤيدي القيادي السابق في الحركة محمد دحلان، الذين حاولوا
السيطرة على المهرجان.
وقدرت أعداد المشاركين
بمئات الآلاف، في حين قال البعض إن العدد وصل إلى مليون مشارك. وأحاط منصة المهرجان
عناصر من «كتائب شهداء الأقصى» الجناح العسكري لفتح، ببزاتهم العسكرية، ولكن من دون
أن يحملوا أي نوع من السلاح، وذلك وفقاً لما تم الاتفاق عليه مع حركة حماس لإقامة المهرجان.
يُذكر أن هذه المرة الأولى
التي يسمح فيها لفتح بالاحتفال قي قطاع غزة منذ العام 2007.
وكان لافتاً للمرة الأولى
نقل فعاليات المهرجان الجماهيري لفتح من قبل قناة «الأقصى» الفضائية التابعة لحماس.
إلى ذلك، قدمت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس تسهيلات واضحة لمناصري فتح الذي احتفلوا
على مدار الأيام الثلاثة الماضية بالذكرى الثامنة والأربعين للإنطلاقة.
وفي ظل التدافع الذي حصل
وبعض التراشق الكلامي والاشتباكات، اضطر أمن قيادات فتح الحاضرة في المهرجان إلى إخلاء
المنصات من القياديين، وعدم إكمال الاحتفال الذي كان مقرراً أن يلقي فيه عضو المكتب
السياسي لحماس الأسير المحرر روحي مشتهى كلمة القوى الوطنية والإسلامية.
ونتيجة الانفلات الأمني،
طلبت فتح من حركة حماس عدم الحضور إلى الاحتفال، وفقاً لما قاله المتحدث باسم حماس
سامي أبو زهري. وبرر الأخير الأمر بالقول إنه جاء نتيجة التدافع والفوضى وفقدان فتح
السيطرة على منصة الاحتفال. كما غادر قياديو الفصائل المكان خشية من تطور الموقف.
بدوره، أشار نائب المفوض
العام لفتح في غزة يحيى رباح إلى أن السبب الوحيد لإلغاء فقرات مهرجان الانطلاقة في
ساحة السرايا، ومغادرة عناصر فتح المكان، هو التدفق الجماهيري الذي فاق توقعات جميع
الأطراف.
وذكر رباح أن الحشد الكبير
لفتح الذي قدر بأكثر من مليون شخص في ساحة السرايا لا يمكن لأي قوة أن تسيطر عليه،
مضيفاً «لذلك قررنا إلغاء باقي فعاليات المهرجان والطلب من الحضور المغادرة بهدوء».
لكن وكالة الصحافة الفلسطينية
«صفا»، والمقربة من حماس، ذكرت أن إلغاء باقي فقرات المهرجان جاءت بسبب شغب أحدثته
عناصر تابعة للقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، حيث أن عددا من العناصر التابعة
له صعدت على المنصة الرئيسية، وحدثت مشادات بينها وبين الأمن والقيادات الفتحاوية.
وأدى الاندفاع الشديد للحاضرين
إلى إصابة البعض بالاختناق فضلاً عن بعض الحالات العصبية. ووفقاً لوزارة الصحة في غزة
فإن حوالي 20 مواطناً أصيبوا خلال الاحتفال.
وكان الرئيس محمود عباس
وجه خطاباً إلى الفلسـطينيين في غـزة الذين احيوا ذكرى انطلاقة فتح والثـورة الفلسـطينية،
شدد فيه على ضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية.
وقال عباس «سلامٌ عليكِ
يا غزة الحبيبة، يا مفجّرة الانتفاضة الأولى»، مضيفاً «لقد كان حالنا يوم انطلاقتنا
أصعب مما هو عليه اليوم، ونقلت ثورتكم المعاصرة وضعية فلسطين إلى دولة لها علمها الذي
يرتفع جنباً إلى جنب، مع أعلام دول العالم في الأمم المتحدة».
وأشار الرئيس الفلسطيني
إلى أن «فتح الأمس، هي فتح اليوم، انطلقت من أجل فلسطين، وظلت فلسطين هي بوصلتها، ملتزمة
طيلة مسيرتها بمبدأ لم تحد عنه، وهو أن الولاء للقضية، والوحدة الوطنية هي أساس العمل
الوطني الفلسطيني». وتابع «لولا الوحدة في ظلال المنظمة لما استطعنا أن ننقل القضية
من وضعية البؤس إلى وضعية القضية الأهم على المسرح الدولي، وفي هذا السياق النضالي
أضحت القضية رمزا للتحدي والتمرد على الظلم والطغيان».
وختم عباس قائلاً «النصر
قادم وسنلتقي بكم في غزة هاشم الأبية في القريب العاجل».
وفي الضفة الغربية، لم
يكن هناك أي مفاجئات في احتفالات حركة فتح بالذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقتها، فلم
ترقى الاحتفالات التي جرت على مدار الأيام الماضية في عدة مدن فلسطينية في الضفة بحجمها،
للمفاجأة التي حققتها فتح في قطاع غزة.
لكن ما جرى في غزة، وضعف
الحراك الفتحاوي في الضفة الغربية، فتح الباب أمام تساؤلات عن التوقيت المفترض للمصالحة
الحقيقية بين حركتي حماس وفتح، ومع ذلك فإن مؤشرات التقارب ليست كافية.
وتحولت أمس، التظاهرات
الأسبوعية لقرى بلعين والنبي صالح وكفر قدوم قرب مدينة رام الله، وفي العديد من المواقع
الفلسطينية الأخرى إلى تظاهرات رفعت خلالها أعلام حركة فتح، احتفالا بذكرى انطلاقتها.
وأصيب عدد من الفلسطينيين
بجروح خلال هذه التظاهرات التي تتكرر وبشكل أسبوعي احتجاجاً على جدار الفصل العنصري
والاستيطان.
وقال منسق اللجنة الشعبية
لمقاومة الجدار في بلعين عبد الله أبو رحمة لـ«السفير» إن «التحركات السلمية التي انطلقت
في بلعين والعديد من المواقع الفلسطينية الأخرى تأتي لتؤكد على استمرار النضال الفلسطيني
الشعبي في الذكرى الثامنة والأربعين للثورة الفلسطينية، لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص
من الاحتلال الإسرائيلي».
المصدر: السفير