القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

حرب بالوكالة تعمل على تفكيك وتفريق وحدة سكان المخيمات الفلسطينية في سورية

حرب بالوكالة تعمل على تفكيك وتفريق وحدة سكان المخيمات الفلسطينية في سورية

لندن - إبراهيم درويش: تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن حالة سكان مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق، مشيرة إلى الصور المثيرة للقلق التي أظهرت أجسادا هزيلة لأطفال ولرجال كبار في العمر ماتوا نتيجة الجوع.

وقالت إن المخيم الفلسطيني الذي يعيش على حافة العاصمة دمشق يعاني فيه الآلاف من الجوع بعد أشهر من الحصار المفروض عليه.

وقالت الصحيفة إن القلق المتزايد حول حياة سكان مخيم اليرموك تأتي في وقت عقد فيه مؤتمر دولي في الكويت يهدف إلى جمع مبلغ قياسي يصل إلى 6.5 مليار دولار أمريكي من أجل مساعدة وتخفيف المعاناة عن السوريين في داخل وخارج بلادهم التي دمرتها الحرب.

وعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة لإطعام أكثر من 3.8 مليون شخص في سوريا الا أنها لا تستطيع الوصول إلى غالبيتهم بسبب الطبيعة المعقدة للحرب والمواجهات الميدانية. ويحاصر مقاتلون موالون للرئيس بشار الأسد مناطق متعددة خاصة تلك التي تقع في ضواحي دمشق ويرفضون السماح بمرور المواد الطبية والمساعدات الغذائية كجزء مما تطلق عليه الولايات المتحدة والدول الغربية من سياسة تعويق مقصودة تمارسها حكومة الأسد.

وفي الوقت نفسه عبر مسؤولون في الأمم المتحدة عن قلقهم من التقارير التي تحدثت عن موت العديدين في مخيم اليرموك الذي لا يبعد إلا أميالا قليلة عن العاصمة دمشق.

ونقلت الصحيفة عن كريستوفر غانيس المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين "أونروا" قوله "هناك معاناة حقيقية للمدنيين في مخيم اليرموك وتنتشر حالات واسعة من فقر التغذية وغياب العناية الطبية".

الجوع لا يوفر أحدا

وتقول صحيفة "واشنطن بوست" ان معظم سكان المخيم يتناولون وجبات طعام قليلة لا تحتوي إلا على الخضار الذابل والطماطم المطحون وطعام الحيوانات".

وهناك خمس حالات وفاة على الأقل نجمت عن سوء التغذية حسب فاروق الرفاعي، ناشط في داخل المخيم، أما البقية فلها علاقة بأسباب أخرى مرتبطة بنقص التغذية أو عدم توفر الدواء وحالات فقر الدم ومرض السكري.

وهناك بعض المواد الغذائية المتوفرة لكن أسعارها العالية تجعل من الحصول عليها أمرا مستحيلا، ولهذا يعتمد معظم سكان المخيم على حصص قليلة من العدس والبصل وأحيانا البيض المسلوق.

وتقول الصحيفة إن كل ضحايا الجوع في المخيم هم من الأطفال والكبار في السن ولكن "الجوع لا يوفر أحدا" كما يقول الرفاعي.

ونقلت الصحيفة عن غانيس قوله إن الأونروا لم تتأكد بعد من حالات الوفاة نتيجة للجوع لكنها تتابع التقارير بقلق. وقال إن مخيم اليرموك "مغلق أمام المساعدات الإنسانية ويظل مكانا تعتبر فيه المعاناة الإنسانية في ظروف بدائية قاسية أمرا عاديا".

ووصف ويليام هيغ سياسة الحكومة السورية بأنها مقصودة لتعويق المساعدات الإنسانية "وهي غير مقبولة.

وتقدر الأمم المتحدة عدد الذين يحتاجون لمساعدات عاجلة بحوالي 9.3 مليون سوري داخل سوريا ومليونين خارجها. وفي نفس السياق تحدث غانيس عن الجهود التي تحاول الأونروا عملها من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين.

ساحة حرب

ونقل تقرير أعدته هارييت يوهانسين عن غانيس إن وكالة غوث للاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تحاول تقديم مساعدات عاجلة للاجئين الفلسطينين خاصة الذين هربوا للبنان ويعيشون في المخيمات المزدحمة على شكل معونات مالية عاجلة، ومواد طبية، وأغطية وملابس تقيهم برد الشتاء.

وجاء التقرير الذي أصدره مركز مراقبة الشرق الأوسط "ميمو" في لندن تحت عنوان "المجتمع الفلسطيني: فرق تسد" أن ستة من تسعة مخيمات فلسطينية في سوريا تحولت لساحة حرب بين قوات المعارضة والقوات الموالية للنظام، مما أدى إلى آثار مرعبة على المواطنين الفلسطينيين وحرمانهم من الطعام والدواء، واستخدمت بؤسهم كأداة في استراتيجية الحرب التي يتبعها النظام. وقد أدت الكثير من الحواجز ونقاط التفتيش حول المخيم من منع وصول المساعدات الضرورية.

ويقول التقرير إن "ساحة المعركة في سوريا انتقلت إلى مستوى لا إنساني جديد". ونقل التقرير قلقه حول تقارير عن وفيات في المخيم. وكشف غانيس عن عدم قدرة الأونروا الدخول للمخيم وتقديم المساعدات منذ أيلول/سبتمبر 2012 وتحديدا عندما دخلت العناصر المسلحة المخيم، مما جعل من عمليات الإغاثة أمرا مستحيلا.

تدخلات النظام

ويتحدث التقرير عن معضلة الفلسطينيين في سوريا وأنها نابعة من محاولات الحكومات السورية المتعاقبة من أيام حافظ الأسد إلى ابنه بشار الأسد استخدام القضية الفلسطينية كأداة لتقوية دعائم حكمهما.

فقد قاما باستمالة عدد من فصائل المقاومة بشكل ربط بين استمرار وجودها في سوريا وبين ولائها للنظام. وبحسب تقرير أصدرته المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان ومقرها بيروت، فهناك بعض الفصائل الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة تتصرف وكأنها امتداد لسلطة النظام في المخيمات الفلسطينية.

ويقول تقرير المنظمة الفلسطينية إن النظام السوري استخدم مطالب الفلسطينيين العادلة وحقهم بالعودة لحرف الانتباه عن مشاكل البلاد الداخلية في محاولة من الحكومة لكسر المعارضة وهزيمتها.

مشيرا في هذا الإتجاه لدعوة النظام وممثليه فلسطينيي المخيمات، الشباب منهم بخاصة، والذين أحيوا ذكرى النكبة في 5 حزيران/يونيو 2011 بالزحف نحو الحدود السورية مع إسرائيل في الجولان. وأطلق الجيش الإسرائيلي النار على المحتجين وقتل أربعة منهم، وجرح المئات. وبعد دفن الضحايا قام المشيعون بالإحتجاج على الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة التي ردت بإطلاق النار واندلعت مواجهات استمرت اربع ساعات أدت لجرح 40 ومقتل 14 شخصا.

وبحسب المنظمة فهذا الحادث يلخص طبيعة الإقتتال الدائر داخل المخيم. وترى المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان أن هذا مثال من الأمثلة عن محاولات الحكومة السورية السيطرة على الفلسطينيين في سوريا كي يتبعوا أجندتها.

دور الأونروا

وذكرت يوهانسين الجهود التي تحاول الأونروا القيام بها. وقالت إن المنظمة الدولية تؤكد على أهمية الاستثمار في صلابة الفلسطينيين. ولهذا تناشد المنظمة من أجل جمع 17.4 مليون دولار لمساعدة الفلسطينيين المشردين، وستركز الحملة على مشاريع صغيرة والتدريب المهني وإعادة إعمار ما هدمته الحرب وتوفير فرص العمل. ويتحدث التقرير عن المجالات التي يعاني منها الفلسطينيون، فهم يعانون من نقص حاد في المياه والكهرباء والطعام والخدمات الصحية وغيرها.

وأجبرت المواجهات بين الحكومة ومقاتلي المعارضة في منطقة دمشق وريفها الآلاف على الرحيل إلى لبنان وبعضهم انتقل إلى الحسينية وكفر الشيخ ومناطق أخرى.

ويظل هؤلاء الأكثر حاجة من بين المشردين. وفي الوقت الذي لم يعد هؤلاء وغيرهم من المحاصرين في المخيمات قادرين على الحصول على الخدمات الطبية بسبب الحصار إلا أن الأونروا استعانت بالخدمات الطبية المتنقلة، والتثقيف عبر الفضائيات لتخففيف المعاناة الصحية عن هؤلاء، كما قامت بتوزيع حصص مالية على اللاجئين خاصة من فروا للبنان، وقدمت لهم بعض المساعدات الطبية، وأغطية وملابس تساعد في رفع الحرج عنهم. ويقول التقرير إن عددا من منظمات حقوق الإنسان يقوم بالضغط سياسيا من أجل حل الأزمة.

القدس العربي، لندن، 16/1/2014