حصار غزة يروج
لـ "تجارة المساعدات الإنسانية"
مع استمرار
الحصار على قطاع غزة، الذي أدى إلى زيادة البطالة والفقر، طفت على السطح ظاهرة
تجارة المساعدات الإنسانية، بعد ان اضطر الغزيون إلى بيع ما يحصلون عليه من
الوكالات الإغاثية للتجار، لسداد ديونهم وتلبية متطلباتهم الحياتية.
ويعيش قرابة
مليوني شخص في غزة واقعاً اقتصاديًا وإنسانيًا صعبًا، في ظل تشديد الحصار
الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.
وأسست الأمم
المتحدة منظمة تسمى "هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين"
في نوفمبر/ تشرين الثاني 1948 لتقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين وتنسيق الخدمات
التي تقدم لهم من طرف المنظمات غير الحكومية وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى.
وفي الثامن
ديسمبر/ كانون أول 1949 وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302، تأسست وكالة الأمم
المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لتعمل وكالة مخصصة ومؤقتة،
على أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. ومقرها
الرئيسي في فيينا وعمّان.
الحاجة رقية
خليفة (58 عاماً) كانت تجلس على رصيف الشارع وأمامها ما تلقته للتو من المساعدات
التي تمنحها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، قالت لـ "العربي
الجديد" إنها تضطر إلى بيع المساعدات الغذائية التي تقدمها لي الوكالة
والمؤسسات الخيرية من أجل توفير بعض النقود لعلاج زوجي، وتلبية متطلبات بيتي
الضرورية.
وأضافت
"زوجي عاطل عن العمل، ويعاني أمراضا كثيرة، كما يحتاج إلى غسل كلى كل أسبوع،
وهذا يكلفني الكثير"، ولدي خمس بنات غير متزوجات، يعشن في بيت لا تتجاوز
مساحته مئة متر".
وأشارت خليفة
إلى أن زوجها مُنع من العمل داخل الأراضى المحتلة منذ عام 2000 كبقية العمال
الفلسطينيين العاطلين عن العمل، ولا يمكن أن تمد يدها للناس من أجل الحصول على
المال.
وقد منعت "إسرائيل”
ما يزيد عن 40 ألف عامل فلسطيني، من التوجه إلى عملهم داخل الخط الأخضر أو ما يسمى
بـ"إسرائيل" (الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948)، بعد اندلاع انتفاضة
الأقصى في سبتمبر/ أيلول عام 2000، وبذلك فقد قطاع غزة دخلاً يومياً مهماً جداً من
أجور العمال التي كانت تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي الفلسطيني على مدار سنوات
عديدة.
تسديد الديون
الشاب معاذ
الخالدي (34 عاما) قال "استلمت من الأونروا "كوبون" فيه العديد من
المستلزمات التموينية، ورغم حاجتي الماسة إليها إلا أنني أضطر إلى بيعها كاملة،
بما قيمته 300 شيكل
(87 دولارا)،
لتسديد جزء من الديون التي تراكمت علي".
وأكد الخالدي
الذي يعمل في ورشة صغيرة لإصلاح الأجهزة الكهربائية، أن الاحتياجات الضرورية
كالأدوية والأقساط وإيجار المنزل ومصاريف المدارس، تحتاج إلى أموال نقدية من أجل
تلبيتها، الأمر الذي يجبر المواطنين على بيع المساعدات التي يتلقونها من وكالة
الغوث والمؤسسات الخيرية.
ويعرض الخالدي
المواد الغذائية كالسكر والزيت والأرز والفول وغيرها، على المواطنين للبيع بسعر
أقل من سعرها الحقيقي في السوق، لترغيبهم بشرائها ومن ثم الحصول على المال اللازم.
وحتى نهاية عام
2013 ووفق إحصاءات اتحاد العمال في غزة، تعطّل 120 ألف مواطن يعيلون 615 ألف نسمة،
من بينهم ثلاثة آلاف، كانوا يعملون داخل الأنفاق الواصلة بين #مصر والقطاع.
ووفق بيانات
وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة غزة، فإن معدلات البطالة والفقر بالقطاع ترتفع إلى
ما يزيد على 39%، وتعزي الوزارة هذا الارتفاع غير المسبوق إلى أسباب عدة، في
مقدمتها إغلاق الأنفاق التي كانت تربط القطاع بمصر.
تجار المساعدات
من جانبه، قال
التاجر خالد اليازجي والذي يعكف منذ سنوات على شراء مؤن "الكوبون" التي
يبيعها الفقراء بسعر قليل، ليطرحها في السوق مرة أخرى بسعر أعلى "إن نسبة
كبيرة من المواطنين يقبلون على بيع المساعدات التي يتلقونها من وكالة الغوث نتيجة
الفقر المدقع الذي تمر به تلك الأسر، بالإضافة إلى حاجتهم للأموال أكثر من الطعام
والشراب".
وأوضح أن
المواد الغذائية التي يقوم بشرائها تتمثل في الطحين والحليب والرز والزيت وبعض
الحبوب مثل العدس والحمص والفول.
وأشار إلى أن
سعر كمية الدقيق التي يشتريها من المواطنين ويبيعها في السوق أرخص من الدقيق
المستورد، مؤكداً أن له رواجًا كبيرًا بين المواطنين ذوي الدخل المحدود.
وشدد على أن
نسبة الفقراء تزداد يوما بعد يوم، مشيرا إلى أن أعداد المواطنين الذي يقبلون على
بيع المساعدات التي يتلقونها تزداد بشكل ملحوظ.
وأشار اليازجي
إلى أن سعر الشراء يختلف من "كوبون" إلى آخر، حسب ما يحتويه من مواد
تموينية، وأشار إلى أن سعر كيس الدقيق الذي يحتوي خمسين كيلو جراماً في
"كوبون" الوكالة هو 85 شيكلا ما يعادل 25 دولارا، بينما يشتري
"الكوبون" كاملاً بـ 230 شيكلا، وهو ما يعادل 66 دولارا.
عجز وكالة
الإغاثة
وكانت وكالة
غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أعلنت عن تقليص مساعداتها
التي تقدمها للاجئين، موضحة أنها تواجه عجزاً كبيراً في ميزانيتها، جرّاء توجه
العديد من الجهات المانحة، لتقديم تبرعاتها لمناطق منكوبة أخرى.
وقال المستشار
الإعلامي لـ "أونروا" في غزة عدنان أبو حسنة، في تصريحات سابقة لـ
"العربي الجديد": "إن الوكالة قطعت المساعدات الغذائية عن 9500
أسرة عقب مسح أجرته تبين من خلاله أن تلك الأسر تجاوزت الفقر المدقع.
وما زالت
الأونروا تقدم خدماتها لأكثر من 830 ألف لاجئ في القطاع، وفق تصريح أبو حسنة.
وأنشئت
"أونروا" لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، عقب تهجير مئات الآلاف منهم على
أيدي المنظمات الصهيونية التي أنشأت الكيان الصهيوني عام 1948 ويبلغ عدد المسجلين
لدى الوكالة حالياً 4.7 مليون فلسطيني من اللاجئين وذويهم، يقيمون في الأردن
وسورية ولبنان والضفة الغربية وغزة.
وتقول
"أونروا" إن 70% من سكان القطاع لاجئون، وإنها ترعى أكثر من 1.2 مليون
لاجئ في غزة، مبينة أن هذا الرقم سيزيد إلى 1.5 مليون في عام 2020".
ويخضع قطاع غزة
لحصار فرضته "إسرائيل” منذ فوز حركة "حماس" في #الانتخابات التشريعية
عام 2006 وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة في صيف عام 2007.
المصدر: جديد
اليوم