حكومة التوافق الفلسطينية
تؤجل الخلافات.. ولا تحسمها
بعد مخاض عسير، وانقسام دام
منذ العام 2007، دخل اتفاق المصالحة الفلسطينية الموقع في 23 نيسان الماضي حيز
التنفيذ الفعلي أمس، برغم العثرات التي ما زالت تهدده، إثر الإعلان عن تشكيل
«حكومة التوافق»، وأداء 17 وزيراً فلسطينياً، يتقدمهم رئيس مجلس الوزراء رامي
الحمد الله، اليمين القانوني أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة في
رام الله.
ولكن ما بدا أنه مشهد
فلسطيني جامع سرعان ما ظهرت هشاشته، وسط حديث حركة حماس عن «انقلاب»، وما ظهر
لاحقاً أنّ الإعلان أجّل حسم خلافات كثيرة أخرى، ولم يحسمها، ما قد يؤدي إلى
انفجار ينهي الحلم بعودة الوحدة الفلسطينية.
ولعل من أبرز الخلافات
المؤجلة هي مسألة وزارة الأسرى، والتي شهد التوافق بشأنها التفافاً من قبل السلطة
الفلسطينية في رام الله. فبعد الإعلان عن اتفاق بين فتح وحماس لحل أزمة وزارة
الأسرى، قرر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إلغاء الوزارة وتحويلها إلى
هيئة، الأمر الذي اعتبرته حماس خروجاً عن المصالحة.
وصرح الحمد الله بعد تأدية
حكومة التوافق اليمين القانونية أمام عباس، بأن الحكومة قررت تحويل وزارة الأسرى
إلى هيئة، وأوكلت مهام الإشراف عليها إلى وزير الشؤون الاجتماعية شوقي العيسة لحين
إتمام إجراءات تحويلها.
وردت حركة حماس على هذه
الخطوة بالقول إن رئيس حكومة التوافق الوطني «انقلب» على اتفاق تشكيل الحكومة
والمصالحة، بتدخله في الشأن السياسي، والخروج عن التوافق بشأن طبيعة حكومته، عبر
إعلانه إلغاء وزارة شؤون الأسرى والمحررين.
وأشار المتحدث الرسمي باسم
حركة حماس صلاح البردويل، في بيان، إلى أن «ثمة تدخلاً سافراً من قبل الحمد الله
في الشأن السياسي»، بما يشكل خروجاً عمّا تم الاتفاق عليه بين فتح وحماس، لافتاً
إلى أن رئيس الحكومة الجديد «يدّعي بأن لحكومته برنامجاً سياسياً علماً بأن اتفاق
المصالحة ينص على أنها حكومة مهمات وليس لها أي برنامج سياسي».
ولفت البردويل إلى أن قيام
الحمد الله من طرف واحد بإلغاء وزارة الأسرى وتحويلها إلى هيئة، بعد ساعات قليلة
من الاتفاق بين حركتي فتح وحماس على اعتماد الوزارة وإسنادها إلى أحد الوزراء،
«يعد خرقاً صريحاً لاتفاق المصالحة»، مطالباً حركة فتح والفصائل بوقف هذه التصرفات
«المخلة».
وكانت حماس أعلنت في وقت
سابق أنها لن تدعم الحكومة الجديدة بسبب قرار عباس إلغاء وزارة شؤون الأسرى
والمحررين واستبدالها بلجنة لن تكون تابعة للحكومة.
وقبل أداء اليمين قال وزير
داخلية حكومة حماس المقالة فتحي حماد في احتفال في غزة إن «الأسرى يخوضون معركة
الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال ويتم التخلي عنهم لا وألف لا لن نقبل بذلك».
وأضاف «لن نتخلى عن الأسرى وحقوقهم».
وأوضح مسؤول فلسطيني أن
عباس أراد إلغاء الوزارة لضمان استمرار التمويل الغربي للحكومة لاسيما أن عددا من
الدول الغربية المانحة حذرت من أنها لن تدعم حكومة تمول الفلسطينيين في السجون
الإسرائيلية.
وكان الرئيس الفلسطيني
محمود عباس قال في كلمة متلفزة بعيد الإعلان عن تشكيل الحكومة إنّ «اليوم وبتشكيل
حكومة التوافق الوطني، نعلن إنهاء ونهاية الانقسام الذي ألحق بقضيتنا الوطنية
أضراراً كارثية طوال السنوات السبع الماضية»، مؤكداً أن الحكومة هي «حكومة
انتقالية الطابع».
وقال إنّ «الحكومة التي
تبدأ عملها اليوم هي حكومة انتقالية الطابع ومهمتها تتمثل في الإعداد لعقد
الانتخابات قريباً بجانب رعاية أمور وتوفير حاجات أبناء شعبنا، وهي في هذا السياق
تواصل العمل وفق مرتكزات ومبادئ عمل الحكومات السابقة». وفي نقطة مهمة تشير إلى
أنّ الحكومة الجديدة تحمل برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، أضاف أنها «تلتزم
بالطبع وكسابقاتها بالتزامات السلطة والاتفاقات الموقعة وببرنامجنا السياسي الذي
أقرته مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لمواصلة نضالنا الوطني السياسي
والديبلوماسي وبالمقاومة الشعبية السلمية لتحقيق أهدافنا الوطنية في إقامة دولة
فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، دولة مستقلة سيدة على أرضها وحدودها وأجوائها
ومياهها ومواردها على كامل الأراضي التي احتلت في مثل هذه الأيام في العام 1967،
تعيش بأمن وسلام بجانب دولة إسرائيل وفق حل الدولتين، وحل قضية اللاجئين وفق
القرار 194 كما ورد في مبادرة السلام العربية». وتابع قائلاً «أما المفاوضات
السياسية فإنها وكما كانت على الدوام ستبقى في ولاية منظمة التحرير الفلسطينية
الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ولا علاقة للحكومة بها».
وبخصوص التصريحات والمواقف
الإسرائيلية ضد اتفاق المصالحة والتهديد بمقاطعة الحكومة الجديدة، قال عباس إنها
«تجعلنا أشد تمسكاً بما حققنا وأكثر إصراراً على إتمامه ومواصلته». وقال «سنواجه
صعاباً كثيرة، لكننا نؤمن أن قطار المصالحة قد انطلق ولن يستطيع أحد أن يوقفه».
بدوره، أكد رئيس وزراء
حكومة حماس المقالة إسماعيل هنية في كلمة له على «جهوزية رجال الحكومة السابقة على
التعاون مع الحكومة الجديدة بكافة وزرائها»، قائلاً «سنحتضنها وسنتعاون مع الوزراء
وسنقدم لهم الإنجازات لكي يبنوا عليها».
وأضاف في سياق كلمته أنّ
«اليوم نغادر الكرسي لكننا لن نغادر الدور وأمانة القضية، وسنظل في موقع الخدمة
لأبناء الشعب، الذي يستحق منا كل عرفان واحترام».
ودعا هنية، خلال مؤتمر
صحافي عقد عقب الإعلان عن حكومة التوافق، الحكومة إلى رفع الحصار عن غزة وإعادة
إعمارها والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، وإنجاز
ملف المصالحة الاجتماعية.
وطالب هنية الحكومة أيضاً
بإعادة ترتيب الأجهزة الأمنية في الضفة، مضيفاً «نريد أن يشعر أهلنا بالضفة بثمرة
المصالحة والإفراج عن المعتقلين السياسيين وحماية الحرية والانتماء السياسي».
واعتبر هنية أن «ما حدث من
تشكيل حكومة التوافق الوطني هو يوم تاريخي صنعناه معاً من أجل شعبنا وقضيتنا
وطوينا سبع سنوات طويلة من الانقسام وفتحنا باباً للاستقرار والمشاركة في القرار».
وأوضح أن الحكومة نجحت في
المزاوجة بين السياسة والمقاومة، معتبراً أنّ «المقاومة بخير وأصبحت عصية على
الكسر. وهذا مفخرة للحكومة ولشعبنا وأمتنا، وتطورت تطوراً كبيراً ورفعناها
ووضعناها كأولوية لنا وانتصرنا في حربين على الاحتلال وحررنا الأسرى وأصبح اليوم
جيش اسمه القسام». وأضاف «كانت غزة إمارة من نور وليس إمارة ظلام وكانت إشعاعاً
وإعماراً وتحريراً وقوة وصموداً ونموذجاً محترماً».
وأدى 17 وزيراً فلسطينياً
يوم أمس اليمين القانونية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة
الفلسطينية في رام الله وسط غياب أربعة وزراء من قطاع غزة، منعتهم إسرائيل من
الوصول إلى الضفة الغربية للالتحاق بزملائهم، وقد أدى هؤلاء اليمين عبر الـ«فيديو
كونفرانس».
وفي أول التعليقات على
تشكيل الحكومة، رأى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، في حديث إلى «السفير»، أنّ
الحكومة الجديدة عملياً «هي حكومة معدلة لرامي الحمد الله، حيث فيها 8 وزراء من
حكومته السابقة»، مشيرا إلى أن هذه الحكومة «تشكلت في ظل خلافات لم تحسم وإنما
أجلت وتشكلت في ظل خلافات عميقة». ووفق شاهين فإنّ قضية وزارة الأسرى تعكس «صعوبة
الوضع خلال المرحلة المقبلة وصعوبة أنّ تكون هذه المصالحة واقعية».
تشكيل الحكومة الفلسطينية،
وفق مصادر لـ«السفير»، لم ينه الكثير من الإشكالات التي بقيت معلقة وأبرزها موضوع
الأمن، وكيف سيجري التعامل مع الملفات الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية. وفي
هذا الإطار قال خليل شاهين، في حديثه إلى «السفير»، إنّ «حماس عملياً غادرت
الحكومة، لكنها لم تغادر الحكم لكونها هي التي تسيطر أمنياً على قطاع غزة». ملف
آخر معلق لم يحسم بعد يتعلق «بأربعين ألف موظف، يتبعون لحركة حماس وإن كانوا سينضمّون
إلى كوادر السلطة الفلسطينية في رام الله التي فيها 160 ألف موظف، وهو أمر لم
يقبله الرئيس الفلسطيني حتى اللحظة».
بدوره، قال هاني المصري،
وهو محلل سياسي في الضفة الغربية، «ستكون حكومة محدودة الصلاحيات أصلاً لأن
الصلاحيات السياسية من صلاحيات الرئيس. والصلاحيات الأمنية مؤجلة إلى حين إجراء
الانتخابات.. وبالتالي هذه حكومة بقاء تلبي حاجات فصائلية لفتح وحماس أكثر مما
تحققه للمصلحة الفلسطينية».
تشكيلة الحكومة
الفلسطينية
في الآتي تشكيلة حكومة
التوافق الوطني الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله، التي تضم 17 وزيرا:
- رامي الحمد الله رئيسا
للوزراء ووزيرا للداخلية
- زياد ابو عمرو نائبا
لرئيس الوزراء ووزيرا للثقافة
- محمد مصطفى نائبا لرئيس
الوزراء ووزيرا للاقتصاد
- شكري بشارة وزيرا للمالية
والتخطيط
- رياض المالكي وزيرا
للخارجية
- سليم السقا وزيرا للعدل
- عدنان الحسيني وزيرا
لشؤون القدس
- رولا معايعة وزيرة
للسياحة والآثار
- جواد عواد وزيرا للصحة
- خولة شخشير وزيرة للتربية
والتعليم العالي
- علام موسى وزيرا
للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والنقل والمواصلات
- مفيد الحساينة وزيرا
للاشغال العامة والاسكان
- شوقي العيسة وزيرا
للزراعة والشؤون الاجتماعية
- هيفاء الآغا وزيرة لشؤون
المرأة
- مأمون ابو شهلا وزيرا
للعمل
- نايف ابو خلف وزيرا للحكم
المحلي
- يوسف ادعيس الشيخ وزيرا
للأوقاف والشؤون الدينية
- علي ابو دياك أمينا عاما
لمجلس الوزراء بدرجة وزير
("وفا")