القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

رحلة البحث عن مأوى للأسر الغزية

رحلة البحث عن مأوى للأسر الغزية

المستقبل ـ ميسرة شعبان

على طول الطريق المؤدية إلى منطقة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لا يمكن للمرء الا أن يلاحظ حجم الدمار الذي لحق بعشرات البيوت والمحال التجارية اضافة الى مئات الدونمات من الاراضي الزراعية.

قالت أم محمد محيسن مشدوهة «كان هنا بيتي وبيت ابنتي وهناك بيت جاري، وفي الركن الشرقي مصنع البلاستيك، وفي الركن المقابل مزرعة للدواجن والأبقار، وهناك على امتداد نظرك كانت أشجار البرتقال والليمون وحدائق القبة».

صمتت المواطنة محيسن لحظة، ذرفت دمعتين ثم قالت «لا يمكن أن تكون دبابات يركبها بشر قد مرت من هنا، إنه زلزال حل بمنطقة القبة سوّاها بالأرض».

وتوضح المرأة الخمسينية أنها شهدت حرب العام 1967 وعايشت حرب مطلع العام 2009، بعد أن شهدت انتفاضات عديدة لكنها لم تر أقذر من نتائج هذه الحرب، وأسوأ من نتائجها.

وأشارت إلى أن غلة العمر ذهبت تحت أنياب الجرافات الإسرائيلية، وبات مستقبل الأطفال في مهب الريح ، متسائلة: ماذا بعد ينتظر غزة؟.

وتعد «منطقة القبة» وكان فيها أجمل منتزهات مدينة غزة «منتزة القبة» اعلى منطقة في حي الشجاعية وتقع على الحدود الشرقية لمدينة غزة من أكثر مناطق التماس مع الأراضي المحتلة تعرضت لويلات الجيش الاسرائيلي وبراثن جرافاته وقذائفه القاتلة، وفقدت خلال الحرب على غزة كافة بيوتها، ليخلق الاحتلال بذلك مساحة عازلة جديدة يزيد عمقها على كيلومترين.

وأوضح المواطن سعيد جندية، بينما كان يتفقد برفقة أفراد أسرته ما تبقى من ركام بمنزله ومنازل أشقائه الأربعة أن الحرب هذه أشبه بيوم القيامة، جعلت المواطنين يفزعون من نومهم فارين من بيوتهم الى وسط مدينة غزة، تحت وطأة القذائف وإطلاق النيران، من دون أن يتمكنوا من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أموالهم وأوراقهم الثبوتية، وشتتهم في مدارس اللاجئين، وأعادتهم إلى قبور وليس إلى منازل.

وأشار جندية إلى أن الخراب والدمار الذي حل بالمنطقة ليس له وصف سوى الزلزال، ولا يمكن استيعاب ما حدث نظراً الى أن شيئاً لم يبق على قيد الحياة في المنطقة، حتى الحيوانات والطيور، منوهاً إلى أن المخلوقات الجديدة التي سكنت الخراب والدمار هي ديدان الأرض، التي راحت تنهش جثث القتلى والحيوانات، بعد مرور أكثر من 51 يوماً عليها ملقاة بين الدمار.

وأكد المواطن باسم حمودة (40 عاما) من سكان المنطقة أنه تاه عن منزله فور وصوله المكان ولم يعرف خارطة المنطقة التي تربى طوال عمره فيها، مشيرا إلى أن شارعا لم يبق فيها، وتم تدمير كل شيء يعلو سطح الأرض حتى الشجر، وكاد الدمار يدفن تحت التراب.

وتساءل حمودة عن سبب الدمار الذي حل بالمنطقة وعنف القتل والتشريد الذي ارتكبته القوات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن سياسة الاحتلال في مهاجمة المقاومين من خلال المدنيين أمر مرفوض ولا يمكن إيجاد وصف له، لافتاً إلى أن ما حل بالمنطقة إبادة جماعية وإزالة عن وجه الأرض ومسح بالدبابة والجرافة للتاريخ والانسان والحياة والبشر والثمر.

ورغم أن المنطقة كانت تعاني باستمرار ويلات الاحتلال إلا أن سكانها لم يطرأ على تفكيرهم ولو للحظة إمكانية محوها عن الخارطة وإنهاء معالمها بالقوة والعنف.

وأوضح المواطن أحمد حمودة (44 عاما) أنه لا يدري أين سيذهب الآن بعد أن تأكد أن بيته قد زال، مشيراً إلى أن مدارس الأونروا آوت أسرته أياما عدة، لكنها لم تتسم بالأمان، وأصبحت الآن مستحيلة مع تغير الظروف وانتهاء الامل بالعودة لبيت أصبح ركاما، مشيرا إلى أن الحلول باتت معدومة والأزمة عامة والمصيبة أكبر من بيت واثنين.

وبينما يبحث حمودة عن بيت يؤويه بعد صدمته وفاجعته بدمار بيته باتت رحلة البحث عن مأوى هم آلاف الأسر الغزية.

وخلفت هذه الحرب التي اطلق عليها الاحتلال اسم «الجرف الصامد» مع وقف إطلاق النار بعد مرور 51 يوماً على العدوان استشهاد 2137 شهيداً منهم 302 إمرأة و578 طفلاً و102 شهيد من المسنِين و338 مجاهداً من المقاومة من مختلف الفصائل على رأسهم ثلاثة قادة من كتائب القسام هم رائد العطار ومحمد برهوم و محمد أبوشمَالة و17 صحافياً وجرح 11100 شخص، ناهيك عن تدمير البنية التحتية بما فيها المنازل ما بين تدمير كلي و جزئي لأكثر من 15600 منزلاً و هدم 71 مسجداً في مختلف مدن و قرى قطاع غزة.

بينما قتلت المقاومة 110 ما بين ضابط وجندي من جيش الاحتلال بحسب تصريحات كتائب القسام، فيما تؤكد إسرائيل أن عدد القتلى بين صفوفها فقط 69 من قواتها و قد أعدت هذا الرقم الأكبر في تاريخ الحروب مع المقاومة عقب حرب 1967.