رفع حصار غزة وإنجاز المصالحة الفلسطينية أولوية مصر الجديدة
الثلاثاء، 26 حزيران، 2012
أكد قياديون في جماعة الإخوان المسلمين وحزب "الحرية والعدالة" في مصر "عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني"، وبأن "المصالحة الفلسطينية وكسر الحصار عن غزة سيكونان عنوان المرحلة الجديدة"، بينما يتحدد الانفتاح على الغرب بضوابط.
وقالوا، في حديثهم إلى "الغد" من القاهرة، إن دور مصر في العملية السلمية سيستمر شريطة الالتزام الإسرائيلي بالاتفاقيات والقرارات الدولية، وهو ما ينطبق أيضاً على معاهدة 1979، ولكنها لن تكون حرس حدود له، وسيعاد النظر في اتفاقية الغاز معه "لوقف الاعتداء على حق الشعب المصري".
وتجري حالياً "مشاورات داخل الجماعة ومع كافة القوى الوطنية لاختيار نائب أو أكثر من مرشحي الثورة للرئيس المصري محمد مرسي، الذي سيحلف اليمين في 30 الحالي أو 1 الشهر المقبل، إيذاناً باستلام سلطاته الدستورية"، بحسب قولهم.
ويتوازى ذلك مع تعاظم القلق الإسرائيلي ودعوات "لفتح حوار مع الإسلاميين"، فيما هنأت السلطة الفلسطينية بالنتيجة وأعلنت احترامها لها، بينما استمرت أجواء البهجة أمس في قطاع غزة، مصحوبة بمهاتفة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل للرئيس المصري مهنئاً "بثقة الشعب المصري العظيم، وبالعرس الديمقراطي الكبير".
ووفق المكتب الإعلامي للحركة فقد تمنى مشعل للرئيس المنتخب "النجاح والتوفيق في قيادة مصر إلى شاطئ الأمن والأمان والتقدم والازدهار والنهضة لما فيه صالح مصر والأمة العربية والإسلامية".
ورغم ثقل الهموم والتحديات الداخلية، إلا أن "مصر لن تنشغل عن قضايا أمتها العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية المركزية التي تعتبر جوهر الصراع العربي -الصهيوني"، بحسب القيادي الإخواني والمتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين محمود غزلان.
وقال لـ"الغد" من القاهرة إن "الشأن الداخلي يشغل الأولوية، فمصر اليوم أشبه بباخرة غارقة في عرض البحر ونريد انتشالها وإعدادها للمسيرة مجدداً، فهناك تحديات الأمن والاستقرار والاقتصاد وضرورات الحياة للشعب المصري".
وأضاف إن "ذلك لا يعني الإغفال عن واجباتنا تجاه الأشقاء في فلسطين، أو في العالم العربي والإسلامي، فنحن جزء منهم وهم يشكلون امتدادنا الطبيعي المهم، ولكن لا بد أن تكون مصر قوية ومتحدة ومتقدمة ومستقرة حتى تقوم بدورها المطلوب".
وأوضح بأن "موضوع المصالحة الفلسطينية ملح، وقد جرت اتصالات ولقاءات مع حركة حماس لحثها على التجاوب وإبداء المرونة اللازمة بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة".
ولفت إلى أن "الفترة المقبلة ستشهد تقدماً في ملف المصالحة، في ظل نظام حريص على وحدة الصف الفلسطيني لمقاومة العدو الصهيوني، كما ستنتهي مرحلة مشاركة النظام في حصار غزة وإيذائها، على غرار السابق، حيث سيتم كسر الحصار ولن يظل الشعب الفلسطيني تحت رحمة الصهاينة الذين يتحكمون في كل شيء، في ظل معاناة أهالي غزة من الفقر والمرض".
وشدد على "دعم مصر ومساندتها لأهالي غزة للعيش الكريم، باعتبار ذلك من الأولويات، حيث سيفتح معبر رفح أمام الجانبين باعتباره المتنفس الوحيد لأهل غزة مع مراعاة الضوابط اللازمة لحماية الجانبين".
وأكد "موقف الإخوان الثابت بعدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي"، مستدركاً بأن "مصر ملتزمة بحكم الإلزام القانوني والسياسي بمعاهدة معه، ومع ذلك فإن الشعب يرفضها ويرفض التعامل مع المحتل أو التطبيع معه".
وبعيداً عن الأمور الدبلوماسية، فإن "الشعب هو صاحب الكلمة في المعاهدة إما لجهة بقائها أو تعديلها أو إلغائها، ضمن الاجراءات الدستورية المرعية والرجوع إلى مجلس الشعب"، بحسب غزلان.
من جانبه، أوضح القيادي الإخواني في حزب "الحرية والعدالة" علي عبد الفتاح بأن "التعهد باحترام العهود والاتفاقيات مشروط باحترام الطرف الآخر (الإسرائيلي) لالتزاماته، ومع ذلك إذا طالب الشعب بمراجعة المعاهدة للخرق الإسرائيلي لها ولعدم تلبيتها لحقوقهم، فستتم الاستجابة للرغبة الشعبية".
وقال لـ"الغد" من القاهرة "لن يصار إلى الاعتراف بكيان يقوم على اغتصاب الأراضي الفلسطينية بالقوة والعدوان، ولا يعترف بحق عودة اللاجئين ويتنكر للحقوق الفلسطينية المشروعة في التحرير وتقرير المصير".
وبين أن "دور مصر سيستمر في العملية السلمية وفي المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إذا التزم الاحتلال بالتزاماته المترتبة عليه وبكافة القرارات الدولية"، ولكن "مصر لن تكون بمثابة حرس حدود بالنسبة للاحتلال، كما لن تكون شريكة في حصار غزة".
أما عن علاقات مصر الخارجية، قال عبدالفتاح إن "الاستقلال في العلاقات الدولية بعيداً عن الإملاءات هو السمة الأساسية لها، حيث ستنفتح مصر في علاقاتها مع جميع الدول وفق معايير التوازن والندية والمصلحة الوطنية"، ولن "تعادي إلا من يهدد مصالحها ويريد فرض إملاءاته وشروطه عليها".
وأردف إن "تلك المعايير تنطبق أيضاً على العلاقة مع الغرب، إذ لن تضع مصر فواصل في علاقاتها مع الدول، ومنها الغربية"، مؤكداً "الانفتاح على إيران، بعدما كانت فكرة العداء معها قائمة على أسس شخصية ضيقة بعيداً عن المصلحة الوطنية".
من جانبه؛ أكد القيادي في جماعة الإخوان وحزبها "الحرية والعدالة" النائب عزب مصطفى إن "فلسطين جزء أصيل من الأمتين العربية والإسلامية وتعد بمثابة العمق الإستراتيجي والأمني القومي المصري، وبالتالي هي الأساس وستكون لها دوماً الأولوية بالنسبة لمصر".
وقال لـ"الغد" من القاهرة إن "موقف الجماعة والحزب ثابت لن يتغير بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني بوصفه كياناً محتلاً ولا بد من أن ترجع أرض فلسطين المحتلة إلى أصحابها الشرعيين الفلسطينيين".
وأوضح بأن "هناك اتفاقيات بين مصر والجانب الإسرائيلي لم يلتزم بها الأخير يوماً، وكان يتطاول عليها، ولكن مصر اليوم لن تسمح للكيان الصهيوني بذلك، وعليه الالتزام بمعاهدة السلام (1979)"، مبيناً بأن الاتفاقية قابلة للمراجعة بعد عرضها على الشعب ثم يتخذ قرار بشانها.
وأضاف "لقد كانت هناك أساليب تقويض للمصالحة الفلسطينية من قبل النظام السابق حتى يظل الخصام والفرقة مستمرين بين غزة والضفة"، معتبراً أن المرحلة الجديدة ستشهد تقدماً في المصالحة بما يخدم القضية الفلسطينية، ضمن حل جذري عادل لن يظلم أحداً من الطرفين، للتصدي للعدوان الصهيوني القائم.
وقال إن "الاتصال لم ينقطع طيلة الفترة الماضية مع الجانب الفلسطيني، وكان هناك تدخل مصري لوقف الغارات الإسرائيلية على غزة وقم تم ذلك بناء على الجهود المصرية مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
ولفت إلى أن هناك "أولويات داخلية ملحة لترتيب البيت المصري والتوافق الوطني والإعلان الدستوري، وغيرها من القضايا التي تحتاج إلى معالجة حتى تنطلق مصر موحدة ومستقرة إلى الشأن الخارجي".
إلى ذلك، برزت دعوات من الداخل الإسرائيلي بإجراء حوار مع الإسلاميين، رغم أن "الضبابية سيدة الموقف إزاء عالم مختلف عن عالم مبارك"، وفق حديث الوزير الإسرائيلي السابق بنيامين بن إلعيزر مع الإذاعة الإسرائيلية عبر موقعها على الانترنت.
وحدد "التحدي الأكبر بالنسبة للاحتلال في القضايا الأمنية"، داعيا إلى وجوب قيام إسرائيل بالبحث عن قنوات للحوار والتفاهم مع القوى الإسلامية التي تجتاح المنطقة، ومحاولة إيفاد الرسل للوصول لحوار مع الإسلاميين.
أما نائب رئيس الشاباك السابق يسرائيل حسون فقال للموقع الالكتروني للإذاعة الإسرائيلية، إن على إسرائيل البحث عن طرق لتعزيز وتحريك المسيرة السلمية، والمسارعة لفتح قناة حوار مع العالم العربي.
أما في اسرائيل القلقة، فقد طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس، بعد أن اصدر بيانا مقتضبا هنأ فيه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، الى وزرائه وكبار المسؤولين بعدم التعليق على نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية، التي هيمنت على اهتمامات الصحافة الإسرائيلية، متسائلة عن مستقبل العلاقات مع مصر، معتبرة ان هذا المستقبل يلفه الضباب.
وقال نتنياهو في بيانه، "إن إسرائيل تقدر العملية الديمقراطية في مصر، وتحترم نتائجها، إن إسرائيل تأمل باستمرار التعاون مع الإدارة المصرية على أساس اتفاقية السلام بين الدولتين، كونها مصلحة للشعبين وتسهم في استقرار المنطقة".
لكن وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي دان مريدور، قال في حديث لإذاعة جيش الاحتلال، "إنني واثق جدا من أن التعاون مع مصر سيستمر، فلإسرائيل مصلحة في استمرار اتفاق السلام مع مصر، لأنه حجر الزاوية في استقرار الأوضاع في المنطقة".
ونقلت الإذاعة عن مصدر مسؤول قوله، إنه على الرغم من التصريحات الإسرائيلية المنضبطة، فإن لدى إسرائيل تخوفات كبيرة جدا من وصول حركة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر.
المصدر: الغد الأردنية