سوق الطيور بخان
يونس.. نساء يواجهن صعوبة الحياة بالبيع والشراء

الإثنين، 16 آذار، 2015
لم يمنع تقدم عمر الحاجة
أم خالد من سعيها مبكراً وراء لقمة عيشها عبر بيع البيض والأرانب في سوق الأربعاء بخان
يونس جنوب قطاع غزة.
وقالت الحاجة أم خالد
(70 عاماً) : "لقمة العيش مرة يا ابني .. إذا لم نسع وراء رزقنا لن نستطيع العيش"،
لافتة إلى أنها تبكر في الذهاب إلى السوق كل أربعاء بخان يونس، وأحد واثنين في المنطقة
الشرقية.
وأشارت إلى كمية من البيض
جمعتها في "جردل" أمامها، وعدد من أزواج الأرانب، وقالت إنها تقوم ببيع الطيور
والأرانب والبيض منذ أكثر من 30 عاماً، لافتة إلى أنها تربي في حوش صغير ملحق بمنزلها
الواقع في عبسان الكبيرة شرق خان يونس الطيور والأرانب ومن ثم تقوم بالبيع في سوق خان
يونس وسوق المنطقة الشرقية.
ويعد قسم الطيور في سوق
الأربعاء بخان يونس أحد معالم السوق الذي يؤمه التجار والمتسوقون من كل القطاع، لما
يتميز به من تنوع وأسعار تكون في تناول غالبية
المواطنين.
لقمة عيش بطعم
الكرامة
ولا تجد الحاجة أم خالد
حرجاً في البيع والشراء وقالت: "لقمة عيش بكرامة أفضل من التسول، والحمد لله على
كل حال .. نحن نرضى بالقليل ونسأل الله أن يرزقنا ويحسن خاتمتنا".
ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء
الفلسطيني؛ فإن عدد العاملات في السوق الفلسطينية بلغ 265 ألف عاملة، بينما بلغ عدد
العاطلات عن العمل خلال العام الماضي (2014)، نحو 97.4 ألف عاطلة عن العمل، فيما تبلغ
معدلات البطالة بين النساء في فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) 38.4٪.
خسائر الحرب
والنهوض من جديد
أم خالد هي أم 10 أبناء
بينهم ابن واحد بقي مع إحدى البنات يعيشون معها في منزلهم مع زوجها الذي يعاني من أمراض
متعددة.
وتستذكر أم خالد بمرارة
وألم وقائع الحرب الأخيرة على غزة، التي رغم نجاتها وأسرتها منها، إلا أنها تسببت بخسارتها
غالبية الطيور التي تملكها.
وقالت: "كانت أوضاعنا
في الحرب الأخيرة صعبة، غادرنا المنزل لمراكز الإيواء وتركت الطيور والأرانب التي أربيها،
وعندما رجعت بعد نهاية الحرب تبين أن غالبيتها نفق من شدة الجوع والعطش ونتيجة الغازات".
وأشارت إلى أنها قامت بعد
الحرب بالتربية وإعادة الحياة لمزرعتها المتنوعة والصغيرة، حتى استأنفت البيع في سوق
خان يونس.
وكانت قوات الاحتلال الصهيوني
شنت حرباً دامية على قطاع غزة بدأت في 8 يوليو (تموز) الماضي استمرت 51 يوماً، ونتج
عنها استشهاد 2200 مواطن وإصابة قرابة عشرة آلاف آخرين، فضلاً عن تدمير آلاف المنازل
والمزارع، ونفوق آلاف الحيوانات والطيور الداجنة إما نتيجة القصف وإما نتيجة الجوع
بعد أن اضطر سكان المناطق الشرقية لإخلاء منازلهم لأسابيع خلال العدوان.
بيع وشراء
وفي زاوية أخرى من زوايا
السوق الشعبي بخان يونس، جلست المواطنة أم محمد (58 عاماً)، أمام مجموعة من الطيور،
تنتظر من يشتري منها هي الأخرى.
وقالت أم محمد التي تقطن
في رفح جنوب قطاع غزة لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": "أنا أبيع
الطيور منذ عدة سنوات، لا أقوم بتربيتها في بيتي إنما أقوم بالشراء والبيع وألتقط رزقي".
وبحسب تقرير مركز الإحصاء
الفلسطيني فإن قطاعي الخدمات والزراعة، هما المشغلان الرئيسيان للنساء العاملات في
السوق المحلية، بواقع 57.0% في قطاع الخدمات، و20.9% في قطاع الزراعة، من إجمالي عدد
العاملين في القطاعين.
المر والأمر
منه
وأطلقت أم محمد تنهيدة كبيرة
خرجت من أعماقها وعكست حجم التعب الذي تعانيه في رحلتها إلى الأسواق وقالت: "ايش
إلي بيرميك على المر، إلا الذي أمر منه"، موضحة أنها تبيع لتساعد زوجها على الإنفاق
على أسرتها المكونة من 15 فرداً.
ويعاني قطاع غزة منذ ثماني
سنوات من حصار مشدد انعكست تداعياته بشكل سلبي على الواقع الاقتصادي، وأدى إلى تفشي
معدلات البطالة والفقر إلى نسب تصل إلى 60 % بحسب بعض التقديرات.
وذكرت أم محمد أن زوجها
يعمل على عربة كارو بالكاد يحصل 30 شيكل في اليوم الواحد، خاصة بعد أن تأثر عملهم بانتشار
"التكتك" كوسيلة نقل البضائع"، لافتة إلى أنها تحصل حوالي 30-40 شيكل
كل مرة تنزل فيها إلى السوق تساهم في توفير احتياجات الأسرة في ظل هذه الغلاء والمتطلبات
الكثيرة لأفراد العائلة.
وقالت: "الشغل مش عيب
يا ابني ، العيب أن أقوم بالتسول .. نحن نأكل من تعبنا وعرقنا والحمد لله على كل حال".
وتمثل أم خالد وأم محمد
نموذجاً لحال نساء فلسطين اللواتي يتجرعن مرارة الفقر ويواجهنه بصبر وعطاء وتضحية لا
تنضب.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام