القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 19 كانون الثاني 2025

صورة تكشف هدم الاحتلال لـ«الأفضلية» في 1967: مسجد أيوبي ومدرسة دمّرا لتوسيع باحة «المبكى»

صورة تكشف هدم الاحتلال لـ«الأفضلية» في 1967: مسجد أيوبي ومدرسة دمّرا لتوسيع باحة «المبكى»
 

السبت، 16 حزيران، 2012

حلّت صورة تعود للعام 1931 لغزا تاريخيا يتعلق بمسجد دمّره الإسرائيليون في القدس الشرقية في إطار سعيهم لتوسعة باحة حائط البراق وتحويله إلى مكان صلاة لليهود في العام 1967. وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن الصورة هذه التقطتها طائرة ألمانية وهي تتعلق بمدرسة ومسجد من العهد الأيوبي في القرن الثاني عشر. وظهر اللغز حقيقة عندما عثر علماء آثار على هيكل بناء بين حجارة عتيقة سحبت من المكان.

وتدعى المدرسة بـ«الأفضلية» نسبة للملك الافضل، وهو نجل فاتح القدس، صلاح الدين الأيوبي. وحسب نص من القرن الخامس عشر، فان الافضل بنى المدرسة قبل اكثر من 800 سنة في قلب حي المغاربة في القدس القديمة. وكانت المدرسة هي المركز الروحاني للحي الصغير، الذي سكنه مسلمون من شمال افريقيا. ومع السنين تحولت المدرسة الى مكان عُرف كمسجد الشيخ عيد. وكان عيد احد زعماء الطائفة المغربية في القرن السابع عشر ودفن داخل المسجد. واصبح المسجد مركزا هاما للحجاج المسلمين، لا سيما الصوفيين من العصور الوسطى فما بعد.

وقد بقي الحي والمسجد حتى العام 1967، ولكن بعد بضعة ايام من احتلال البلدة القديمة هدمتهما اسرائيل كي تخلي مكانا لباحة حائط المبكى. ولم تفلت المدرسة الصغيرة من الجرافات، وهي واحدة من ثلاث أو أربع بقيت كاملة منذ عهد صلاح الدين. وقال المؤرخ ونائب رئيس الاكاديمية الوطنية للعلوم باز كدار الذي حل اللغز «إن هذه جريمة أثرية».

وكان كدار بدأ الاهتمام بمصير المدرسة المهدومة في أعقاب تعاون اكاديمي من اسرائيليين وفلسطينيين، في اطار مشروع مشترك للجامعة العبرية، جامعة القدس ومدرسة الدير الفرنسي ومؤسسة يد يتسحاق بن تسفي. في اعقاب المشروع صدر في العام 2009 كتاب «Where Heaven and Earth Meet»، الذي عني بتاريخ الحرم على مدى الاجيال. «كان واضحا لنا بأنه كي نعثر على مكان المبنى نحتاج الى صورة جوية جيدة»، شرح كدار، وفي العام 2009 سافر الى متحف تسفلين في جنوب ألمانيا، وطلب الحصول على معلومات عن الرحلات فوق القدس وحصل على 30 صورة، شخّص في احداها مبنى المسجد.

مقارنة بين الصورة وبين الوصف التاريخي، خريطة من القرن التاسع عشر، وصور اخرى اتاحت له لأول مرة الاشارة بدقة الى مكان وجود المسجد. ولكن قبل وقت قصير من حصول كدار على الصورة والعثور على مكان وجود المدرسة، فكك رجال سلطة الاثار بقايا المبنى من أجل الوصول الى طبقات أقدم، لا سيما تلك الرومانية.

الحفريات في باحة المبكى الهادفة لإقامة بيت اللباب ـ مبنى من المكاتب والخدمات ثمرة رؤيا حاخام المبكى شموئيل رابينوفتش ـ لخدمة زوار المبكى. بضعة أمتار تحت بقايا المدرسة اكتشف شلوميت فاكسلر ـ بدولح والكسندر أون، اللذان ادارا حفريات بتكليف من سلطة الاثار، بقايا شارع من العهد الروماني. الحفريات، التي تعتبر واحدة من الحفريات الهامة في القدس في السنوات الاخيرة، ساهمت كثيرا في معرفة القدس الرومانية. ومع ذلك، دفعت الثمن بقايا العهد الاسلامي، أي بقايا المدرسة.

تقرير الحفريات أكد تقدير كدار. فقد أظهر بأنه في طبقة العهد الاسلامي وجدت حجارة زينت مدخل المدرسة. والحجارة تتطابق بالضبط مع صورة المدخل من العام 1943. كما انكشف في الحفريات ايضا هيكل بشري دفن حسب قواعد الدفن الاسلامية. واليوم يمكن للباحثين أن يقرروا بيقين بأن هذا هو الهيكل العظمي للشيخ عيد، الذي على اسمه يسمى المسجد. «كانت هذه صدفة غريبة»، روى كدار، «وجدت مكان المسجد في ايلول 2009، بينما أنهت شلوميت فاكسلر ـ بدولح الحفريات قبل بضعة اشهر من ذلك. عندما اكتشفت طرف الخيط الذي سمح بتشخيص المكان، كان قد هدم. لو كنت عرفت ذلك في الوقت المناسب، لاوقفته بجسدي».

فاكسلر ـ بدولح وتوفيق دعادلة، من الجامعة العبرية كتبا مؤخرا مقالا عن قصة المدرسة، نشرت في المجلة الفرنسية الاعتبارية Revue Biblique. مسودة المقال وضعت قبل عدة اسابيع ايضا على طاولة اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء، كجزء من الاعتراضات التي رفعها عشرات علماء الاثار والمؤرخين على اقامة بيت اللباب.

ويشير المعترضون على اقامة المبنى الى الحفريات الاثرية، وبالاساس الى المكتشفات الرومانية الهامة التي ستختفي تحت المبنى. والان تجدهم يضيفون ايضا قصة المدرسة، على أمل ان تساعد في ترجيح الكفة ضد المبنى الجديد. «يمكن القول ان هدم حي المغاربة في العام 1967 كان شرا لا بد منه»، يقول قائد الاعتراض على المبنى، عالم الاثار البروفيسور يورام تسفرير، «هدموه في حينه كي يسمحوا للجماهير للوصول الى المبكى، وليس لبناء مبنى جديده في مكانه».

في منطقة المبكى لا تزال مدفونة بقايا من مبنى المدرسة، والباحثون يقدرون بان الحديث يدور عن نحو ثلث المبنى الذي لم ينكشف بعد.

المصدر: السفير