طاهر المصري: أحداث أيلول/ سبتمبر 1970 بدأت تبلور شخصية
فلسطينية في الأردن
عمان، محمد خير الرواشدة، كشف رئيس الوزراء الأسبق طاهر
المصري في حلقة اليوم من حلقات "سياسي يتذكر" تفاصيل حضور الأردن لمؤتمر
قمة الرباط العام 1974 وجوهر التباين بين الموقف الأردني والموقف العربي من
الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني،
مُعلناً موقفه من الأمر، وأسباب خروجه من حكومة زيد الرفاعي.
كما يكشف تفاصيل الموقف الرسمي من حرب العام 1973، وكيف
أن مجلس الوزراء اشتبك في جدال "طويل وحاد" حول الموقف الأردني من
الحرب، وهو النقاش الذي أسفر عن تقديم وزيرين من حكومة الرفاعي استقالتيهما.
وقال المصري: "مع وقف الاقتتال الداخلي خلال أحداث
أيلول 1970، تغيرت ملامح كثيرة في حياتنا، فقد شهدنا اقتتالات أولا، ولحقها فيما
بعد تغييرات سياسية. لكن على المستوى الشخصي، وبعد أن حاولت اللجنة العربية تطويق
الأمر، وبعد وفاة جمال عبد الناصر، وبروز بوادر شرخ في المجتمع، نتيجة حدة الاصطفافات
المعروفة في ذلك الوقت، بدأت أكون اهتماماتي الخاصة، بالموضوع السياسي، وبشكل أكثر
من السابق".
وأضاف: "أذكر أن بعض تلك الاستخلاصات التي استنتجها
من تلك المرحلة، هي الخوف من أن النظام بدأ يتخذ مسلكا جديدا ومختلفا تجاه النظرة
لتحرير الضفة الغربية، وهو قلق ظل يراودني على طول خط العمل السياسي. فالاقتتال
الذي حصل بدأ يبلور شخصية فلسطينية، وبدأت هذه الشخصية تأخذ شكل الهوية، وهي هوية
كانت في السابق مركبة من مزيج أردني وفلسطيني".
وقال:"لا أشكك بأن وجود شخصية قيادية معروفة اليوم
وغامضة في ذلك الوقت؛ وهي ياسر عرفات وحركة فتح، بلورا بشكل أساسي هذه الهوية
الجديدة، أو الكيان الجديد، وبشكل تدريجي، وصولا لوجود طرف جديد تتعامل معه جامعة
الدول العربية. كما لا أشكك بأن الكتائب المسلحة للمقاومة والقيادات الفلسطينية
التي واصلت النضال ضد الاحتلال، هم من صاغوا بداية تشكل منظمة التحرير الفلسطينية،
وما ترتب على هذا الجسم فيما بعد".
وأضاف المصري: "هنا، قد ندعي الحكمة بأثر رجعي، فلا
شك بأن هناك مراهقة سياسية، سببت تلك الأحداث، وقد نتفق أو نختلف في توجيه اللوم
لواحد من طرفي الحدث.
لكن اللحظة التي كانت تخيفني حقا، في تلك الأيام هي لحظة
اغتيال رئيس الحكومة الشهيد وصفي التل، فقد أعاد هذا الحادث الفوضى الفكرية،
والالتباس حول معاني الاقتتال وأسبابه.
والحمد لله، فإن وصفي كان كبيرا في حياته وفي استشهاده،
فقد كان حادث استشهاده سببا مهما في وقف اندفاع الشر، لأن الحدث أعاد الجميع إلى
رشدهم، وربما تذكر الجميع بعدها عمق تاريخ العلاقة بين الضفتين، وحاضر وحدة
المصير، ومستقبل العلاقة المشتركة.
ويمكنني القول بهذه المناسبة؛ مناسبة اغتيال وصفي تلك
الأيام، بأنه ظهر للكثيرين خطورة مثل هذا الحدث، على العلاقة العضوية التي تجمع
الأردن وفلسطين، فقد تولد في داخلي شعور في تلك الفترة، بأن اغتيال وصفي سيؤدي إلى
ازدياد الهوة وضرب العلاقة بين المكونين".
الغد، عمّان،
23/4/2014