طلاب غزة .. من رحم المعاناة يولد النجاح
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بعد عام من التعب والسهر، وتحدي العقبات والأزمات التي يتعرض لها قطاع غزة على الدوام من حصار خانق وأزمة انقطاع الكهرباء وقصف شبه يومي، إلا أن طلاب قطاع غزة أثبتوا أنهم يصنعون النجاح من رحم المعاناة، ففي نتائج الثانوية العامة تمكن 19 طالباً وطالبة من قطاع غزة في الفرع الأدبي والعلمي من تحقيق نتائج عالية وضعتهم في قائمة العشر الأوائل على مستوى محافظات فلسطين، وعبروا عن سعادتهم البالغة بهذا النجاح والتفوق.
انتصار للشهداء
الأولى على الفرع الأدبي في فلسطين الطالبة أسماء عاهد المقيد والحاصلة على معدل 99.7%، عبرت عن سعادتها البالغة في تحقيق هذا النجاح الكبير، مشيرةً إلى أن هذا النجاح هو انتصار للشهداء وللأسرى الذين خاضوا معركتهم الباسلة في وجه الاحتلال الذي يمارس عدوانه يومياً ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وأنها لم تكن تتوقع أن تحصد هذه النتيجة، وعندما سمعت اسمها بكت جداً من شدة الفرح.
وعن طبيعة دراستها خلال طيلة العام، أشارت المقيد إلى أنها كانت تدرس على ضوء الشموع في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وأن ذلك لم يثنيها عن الاستمرار في الدراسة، معربةً عن أمنياتها أن تكون الأعوام المقبلة أفضل بالنسبة للطلاب على صعيد إيجاد حلول لأزمة الكهرباء وتوفير سبل الراحة للطلاب.
أما عن دراستها الجامعية، قالت المقيد إنها ستدرس في الجامعة الإسلامية - قسم لغة عربية، وأنها تتمنى أن تصل لأعلى المستويات العلمية.
دراسة على الشاحن
الطالب "مؤمن هاني الخطيب" من مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطي، والذي حصد المرتبة العاشرة على القسم العلمي بنسبة 99.5، أهدى هو الآخر نجاحه لشهداء وجرحى وأسرى فلسطين، وقال "النتيجة صدمتني، لم أكن أتوقع أن أحصل على هذه النتيجة، كنت أتوقع نتيجة أقل بقليل، ولكني وفقت بحمد الله، وأجواء فرح تعم البيت ومنطقة سكناي".
وعن ظروف دراسته رغم الأجواء التي تحيط بالقطاع، قال مؤمن، "كنت أدرس على أضواء الشاحن بسبب انقطاع الكهرباء على الدوام، ولكن الإنسان عندما تكون ثقته بالله أكبر يُصبح بإمكانه كسر كل الحواجز من حوله سواء على الصعيد العام أو الخاص"، ويتطلع في المستقبل أن يدرس في كلية الطب، وكان يتمني دراسة الفيزياء خارج فلسطين ولكن والده رفض هذه الفكرة.
تغلب على الأزمات
من جهتها، الطالبة أماني شمعة التي حصدت المركز الأول مكرر في الفرع الأدبي، عبرت عن حالة من البهجة والسعادة العارمة تحيط بمنزلها وسط إطلاق للألعاب النارية وتوزيع الحلوى.
وقالت شمعة، "منذ بداية العامة كنت أدرس بجد واجتهاد دائم وكنت أتمنى أن أحصل على درجة عالية وأن أكون من الأوائل، وكنت لما أشاهد الطلبة قبلي ويتم إلقاء أسمائهم على الهواء مباشرة أمام العالم، كنت أتمنى أن أكون مثلهم وها هي أمنياتي تتحقق بحمد الله".
وعن طبيعة دراستها أفادت أنها كانت تدرس وتحضر يومياً وفي الفصل الثاني تضاعفت دراستها حتى وصلت إلى 12 ساعة أو أكثر وبشكل متواصل، ورغم الضغط كانت تفعل كل ما بوسعها فعله من أجل الوصول لهذا اليوم، مشيرةً إلى أن أهلها كانوا يوفرون لها كل شيء، ورغم ظروف أزمة الكهرباء وفر والدها مولد كهرباء كي تتمكن من الدراسة على الدوام.
والد أماني أعرب عن فرحته وسعادته بما حققته ابنته، وقال "كنت أتابعها وكانت تجتهد وتسهر الليالي ووفرنا لها كل الظروف وسبل الراحة وكانت كل طلباتها مجابة وتم تهيئة الأجواء لها في البيت والحمد لله حققت أمانينا وأمانيها".
حافظة لكتاب الله
عائلة الطالبة مها عمر الأطرش استقبلت نبأ حصول ابنتهم على نسبة 99.5% للفرع العلمي، أي المرتبة الثانية على قطاع غزة والعاشرة على الوطن بالتهليل والزغاريد وبالشكر لله الذي حقق طموح ابنتهم التي سهرت طويلاً واستغلت كل الظروف لكي تستمر في دراستها خاصة انقطاع التيار الكهربائي.
قالت مها، "كنت أدرس كل يوم نحو ستة عشر ساعة منذ بدء العام الدراسي، واستيقظ مبكراً من الساعة الرابعة صباحاً أصلي الفجر وأبدأ في الدراسة لموعد العشاء"، وللتغلب على أزمة الكهرباء أوضحت الطالبة بأنها كانت تعتمد على المولد الكهربائي وعندما اشتدت أزمة الوقود فكان كشاف الجوال هو البديل.
وتحفظ الطالبة الأطرش من محافظة دير البلح وسط قطاع غزة القرآن الكريم كاملاً، وكانت كما تقول عندما تشعر بالضيق والملل من الدراسة تلجأ لقراءة القران ليهدأ بالها ويزول الهم والغم عنها.
وأشارت إلى أن نجاحها وحصولها على هذه المرتبة هو ثمرة جهدها وتعبها على مدار السنوات السابقة عامة، والثانوية العامة خاصة، متقدمة بالشكر الجزيل لوالديها اللذان وفرا لها كل سبل الراحة، موضحةً أنها تطمح بدخول كلية الطب، تخصص عيون في الجامعة الإسلامية بغزة.
والدها عمر الأطرش، والتي لم تنقطع الاتصالات على جواله من المهنئين منذ إعلان النتيجة، أفاد بأن خبر تفوق ابنته هو أفضل خبر تلقاه في حياته، وأنه مبسوط جداً وانه لن يقصر مع ابنته في تعليمها الجامعي وسيدعمها لدراسة الطب لتحقيق طموحها، موضحاً أن ابنته كانت تطمح لأن تكون من العشرة الأوائل وعملت وتعبت وسهرت الليالي لتحقيق هذا الهدف وحققته بفضل الله، وأنها ستحقق أمنيتها الأخرى في دراسة الطب لأنها رغبتها وطموحها، وتابع "وأنا لن أكون إلا داعماً لها في هذا المجال".