"فلسطينيو سوريا" يواصلون
العودة "لليرموك" تحت زخات الرصاص

الأربعاء، 26 كانون الأول 2012
تواصلت عودة عشرات العائلات الفلسطينية اللاجئة إلى مخيم
اليرموك بدمشق، وسط تجدد الاشتباكات ليلة أمس، بين الجيش النظامي والجيش الحر رغم اتفاق
وقف تبادل إطلاق النار داخل المخيم الذي أبرم الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر محلية لـ"فلسطين" إن 16 شهيداً ارتقوا
من أبناء المخيم الفلسطينيين، بينهم امرأة، منذ توقيع الاتفاق في السابع عشر من الشهر
الحالي، وحتى الأحد الماضي، فيما يواصل الطرفان الصراع في السيطرة على المخيم الذي
يعد مدخلاً هاماً للعاصمة دمشق.
وكان اتفاق تم بين الجيش الحر وفصائل المقاومة الفلسطينية
والجيش السوري النظامي، ونص على سحب جميع المظاهر المسلحة بكافة أشكالها وانتماءاتها
من أرض المخيم وعودة جميع النازحين إلى بيوتهم مع تقديم ضمانات بعدم دخول الجيش النظامي
إليه وخروج جميع عناصر قادة الفصائل الفلسطينية بما فيها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- القيادة العامة، وتسليم حركة حماس والجهاد الإسلامي زمام إدارة وتيسير أمور المدنيين.
ووفقاً لإحصائية رسمية حول الشهداء وظروف قتلهم، أفادت أنه
في يوم الخميس 20/12 استشهد فلسطينيان وهم: الشهيد الشاب سامر أبو حميدة، والشهيد عدنان
عوض الأحمد، واستشهدا برصاص قناص في مخيم اليرموك عند حارة ثانوية اليرموك للبنات.
وفي يوم الجمعة 21/12، استشهد فلسطينيان وهما: الشهيد الشاب
ماهر الطيب من سكان شارع المغاربة، والشهيد الشاب عمر عساف، استشهد برصاصة قناص في
رأسه أثناء عودته إلى مخيم اليرموك.
وفي يوم السبت 22/12، استشهد ثمانية فلسطينيين وهم: الشهيد
علي ياسين العبد والشهيد أحمد زينب، واستشهدا اثر القذيفة التي سقطت على آخر شارع اليرموك
بالقرب من محل البقاعي، والشهيد خالد عمايري، استشهد برصاص قناص عند شارع الـ 15، والشهيد
أمجد محمد فرج استشهد إثر إصابته في مخيم اليرموك وهو من مرتبات جيش التحرير الفلسطيني.
كما استشهد خلال هذا اليوم الشهيد محمد أبو شنب برصاص قناص
بالقرب من مسجد زيد بن الخطاب، والشهيد السيد وليد نجم (58 عاماً)، والشهيد عثمان عادل
شريح، والشهيدة فاطمة إبراهيم إسماعيل، وكلهم برصاص قناص في مخيم اليرموك.
وفي يوم الأحد 23/12، استشهد 4 فلسطينيين وهم: الشهيد وسام
نعيم القاضي، استشهد اثر اصابته بشظية، والشهيد محمود عقلة، عثر عليه بجانب جامع القدس
داخل سيارته في مخيم اليرموك، والشهيد أنس أبو حسان من سكان مخيم اليرموك استشهد بالقرب
من ثانوية اليرموك للبنات، والشهيد عبد الرحمن حمد، استشهد اثر اصابته بطلقة قناص في
المخيم.
ومع هذه الحصيلة يرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين وفقاً لإحصاءات
رسمية خاصة بـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، إلى 811 شهيداً.
استمرار مظاهر العنف
وأجرى مراسل "فلسطين"، اتصالاً هاتفياً بأحد اللاجئين
المطلعين على الأوضاع الأمنية في المخيم، وأكد أن مظاهر الاشباكات والعنف لا تزال تخيم
في المخيم وتطارد اللاجئين الآمنين، مشيراً إلى أن العديد من المجازر والجرائم وقعت
في المخيم بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في المخيم.
وأوضح اللاجئ الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن مجزرة جديدة وقعت
عند دوار "البطيخة" في المخيم، راح ضحيتها شهداء وعشرات الجرحى من المدنيين،
كما دارت اشتباكات في مدخل مخيم اليرموك بامتداد شارع الثلاثين بالكامل، بين الجيش
النظامي ومقاتلين من جبهة النصرة، بالاشتراك مع مسلحي الجيش الحر، واستمرت لساعات طويلة.
وأضاف: "بعد مدة بسيطة سقطت قذيفة في شارع صفد جادة
رقم 4، ولا يسجل وقوع إصابات، كما اندلعت اشتباكات"، ولكنه أشار إلى أنها كانت
بين اللجان الشعبية وعناصر الجيش الحر بسبب خلافات بينهما.
كما وقعت اشتباكات عنيفة عند شارع الـ30 بالقرب من الكوسكومارت
بين الجيشين الحر والنظامي، كما عاد حاجز للجيش النظامي عند جامع البشير لموقعه، مشيراً
إلى أن هذا الحاجز اعتقل عددا من الشبان أثناء عودتهم إلى المخيم.
ويتواجد عدد من القناصة من الجيش النظامي عند مدخل المخيم
وعند شارع الـ15 وآخر عند ثانوية اليرموك للبنات، إضافة لقناص عند شارع راما، ووقع
عدد من الشهداء والإصابات برصاص أولئك القناصين، وفق المصدر.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 50% من سكان المخيم لا زالوا
لا يرغبون بالعودة للمخيم بسبب الخروقات التي حدثت في اتفاق وقف إطلاق النار، كما تفيد
هذه التقديرات أن من عاد من الفلسطينيين إلى المخيم هم من الطبقة الفقيرة التي لم تجد
لها مأوى خارج المخيم وفضلوا البقاء فيه ومواجهه شبح الموت على حياة الذل خارجه.
الزج بالفلسطينيين
من جانب آخر، يقول اللاجئ الفلسطيني نورس خالد الذي يسكن
المخيم ويعايش ما يجري فيه من دمار وخراب وانتهاكات بحق اللاجئين، إن عمليات خطف الفلسطينيين
والقنص والسرقة وانتهاك حرمات البيوت لا تزال مستمرة رغم الحديث عن اتفاق وقف اطلاق
النار داخل شوارع المخيم وأزقته.
وأوضح خالد لـ"فلسطين" أن قذائف الجيش النظامي
لا تزال تهبط في أماكن مختلفة من المخيم مخلفة شهداء وإصابات عديدة، مضيفاً:
"هناك البعض من يحاول الزج بالمخيم في أتون الصراعات في سوريا رغم أن هذا المخيم
ليس سوى مكان إقامة مؤقتة لنا كلاجئين فلسطينيين نعيش ونأكل وندرس ونتعلم ونتوظف على
الأرض السورية".
وتابع: "الجيش الحر يعتبر المخيم مدخلاً مهما لدمشق
العاصمة، والجيش النظامي لا يفرق بين فلسطيني وعنصر مسلح في قصفه ومعركته، وهنا تقع
الضحايا من الفلسطينيين الأبرياء الذين لا شأن لهم في هذا الصراع".
وبيّن خالد أن مئات العائلات الفلسطينية لا تزال مشردة خارج
المخيم في شوارع مدينة دمشق وأزقتها دون رعاية أو اهتمام، مطالباً بضرورة وجود ضمانات
رسمية تؤكد على أمنهم وأمانهم، وضرورة خروج كافة مظاهر العنف والاشتباكات داخل هذا
المخيم.
وعن الوضع المعيشي في المخيم، أكد عودة بعض من المحلات التجارية
في المخيم للعمل، إضافة لعودة التيار الكهربائي للمخيم بعد انقطاع دام يوماً كاملاً.
اتفاق من السراب
وفي هذا الصدد، أكد عضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية
علي هويدي، على ضرورة التزام جميع الأطراف بتطبيق الاتفاق الذي وقعته جميع الفصائل
في السفارة الفلسطينية في دمشق في السابع عشر من الشهر الحالي، بخروج جميع المسلحين
وتحييد مخيم اليرموك وبقية المخيمات، مشيراً إلى أن الوضع الأمني في المخيم عاد إلى
ما كان عليه سابقاً.
وقال هويدي لـ"فلسطين": "يجب الا تعطى الذريعة
لأي كان باستهداف المخيم، اجندة أي كان يجب ألا تمر عبرنا كفلسطينيين لا في سوريا ولا
في غير سوريا، ولا تزال دروس الأردن والخليج ولبنان حاضرة وبقوة وجميعها جاءت في غير
صالح اللاجئين الفلسطينيين في هذه البلدان".
كما عبر عن قلقه من نفض الدول المانحة يدها من إغاثة اللاجئين
الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، لا سيما الدول العربية، مضيفاً: "أن تنفض الدول
المانحة يدها ماليا فهذا أمر مرفوض ومستغرب، ويجب على كل دولة عربية أن تساهم في رفع
المعاناة عن اللاجئين بغض النظر عن رؤيتها فيما يتعلق بالوضع السوري الداخلي".
وتابع: "المصيبة الأكبر عندما تغلق الدول العربية حدودها
امام النازحين الفلسطينيين وهذه مصيبة وطنية ويجب على الدول العربية الوقوف إلى الجانب
اللاجئين الفلسطينيين الذين يتعرضون لنكبة فلسطينية ثانية".
ورأي هويدي أن الحل الأمثل لأزمة اللاجئين الفلسطينيين هو
عودتهم فوراً وسريعاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، كل إلى مدينته وقريته
وبيته، "ولكن ما ينقصهم هو التنظيم والتعبئة لمثل هذا الحدث الذي سيعيد حقهم إليهم
ويعيدهم إلى وطنهم وأرضهم بدلاً عن مسيرة التشرد من بلد إلى آخر".
ومخيم اليرموك هو مخيم أنشئ عام 1957 على مساحة تقدر بـ2
كيلو متر مربع، لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين في سورية، وهو أكبر تجمع
للاجئين الفلسطينيين في سوريا ويقع على مسافة 8 كم من دمشق وداخل حدود المدينة.
المصدر: فلسطين أون لاين