القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

«فلسطين الروسية».. التي صادرتها إسرائيل

«فلسطين الروسية».. التي صادرتها إسرائيل

الجمعة، 09 تشرين الثاني، 2012

«فلسطين الروسية» مصطلح يطلق عادة على الأراضي والمباني التي اقتنتها الإمبراطورية الروسية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية في فلسطين خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

ربما لا يعرف كثيرون أن مبنى محكمة الصلح الإسرائيلية (المحكمة العليا سابقاً) ملك لروسيا، وأن الساحة التي أمامه تعرف باسم المسكوبية (نسبة إلى موسكو).

وتشير بعض المصادر إلى أن مجموع مساحة الممتلكات الروسية في الأراضي المقدسة كان يتراوح بين 1,5 و2 في المئة من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية.

مصير هذه الأملاك هو من بين القضايا الخلافية بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تسعى بوسائل شتى إلى السيطرة على ما تبقى من ممتلكات عبر طرق ملتوية.

المتحدث الإعلامي للكنيسة الروسية لم يحدد في حديثه إلى «السفير» ما إذا كانت زيارة البطريرك كيريل ستفتح ملفات أملاك الكنيسة الروسية في المنطقة، إذ اكتفى بالقول إن «مسألة الأملاك مطروحة دائماً وكانت جزءاً من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل».

لكن مصدراً كنسياً مطلعاً قال لـ«السفير» إن هذه القضية مطروحة بشكل رئيسي في جدول أعمال الزيارة، بالرغم من أن حل هذه القضية ما زال صعباً بالنظر إلى الغطرسة الإسرائيلية.

ويعود امتلاك الكنيسة الأرثوذكسية للأراضي في فلسطين – وتحديداً في القدس والخليل واريحا والناصرة – إلى القرن التاسع عشر، حيث تزايد عدد الحجاج الروس إلى الأراضي المقدسة بشكل لافت خلال تلك الفترة، ولهذا فقد شرعت الكنيسة الروسية في بناء العديد من الأديرة والكنائس والفنادق لإيواء هؤلاء الزوار.

وفي العام 1864 أنجز بناء «المقامات الروسية» في القدس، الذي بات يعرف باسم المسكوبية، والذي كان يتسع لإيواء ألفي شخص.

وإلى جانب بناء الكنائس والأديرة، عمدت الكنيسة الروسية إلى بناء المدارس والمعاهد التربوية والمستشفيات والمستوصفات لمساعدة الفلسطينيين، علماً بأن هذا النشاط توسع في مرحلة ما ليشمل لبنان وسوريا.

ومن أشهر المباني التي شيّدتها الجمعية الإمبراطورية في تلك الفترة كاتدرائية الثالوث وكنيسة مريم المجدلية وكنيسة الشمعة الروسية.

واستمرت حركة العمران على هذا النحو حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، ومن ثم اندلاع الثورة البولشفية. وفي روسيا تنكرت السلطة السوفياتية للديانة الأرثوذكسية، وأعلنت الإلحاد ديناً لها ما أفقد الكنيسة الروسية نفوذها. أما في فلسطين فقامت سلطة جديدة، وهي سلطة الانتداب البريطاني التي لم تعترف بحق روسيا السوفياتية في الممتلكات الروسية في الأراضي المقدسة.

وبعد قيام إسرائيل في العام 1948، تساهلت دولة الاحتلال نسبياً في مسألة الأملاك – يقول بعض المؤرخين إلى أن مرد ذلك إلى أن وزير الخارجية السوفياتي غروميكو كان أول من صوّت على قرار الأمم المتحدة بقيام دولة إسرائيل – فاستعادة الجمعية الفلسطينية الأرثوذكسية بعضاً من هذه الممتلكات، إلى أن أبرم الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف مع إسرائيل ما عرف بـ«الصفقة البرتقالية»، التي بيع بموجبها الكثير من هذه الأملاك إلى إسرائيل في مقابل 4,5 ملايين دولار (تم تسديدها لاحقاً عيناً من خلال ثلاث دفعات من القماش).

وإلى جانب ذلك، ثمة أملاك أخرى صادرها الإسرائيليون ويرفضون إخلاءها، بذريعة قانون حماية المستأجرين.

وهكذا، بقيت أملاك الكنيسة الأرثوذكسية رهن المقايضة والبيع والفقدان والاستعادة إلى ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عندما عادت أعداد الحجاج الروس إلى الأماكن المقدسة إلى مستواها السابق في عهد القياصرة، وكانت عندها أول زيارة رمزية إلى القدس قام بها البطريرك الراحل أليكسي الثاني في نيسان العام 1991.

وخلال تسعينيات القرن الماضي بدأت الأملاك تعود إلى روسيا تدريجياً، وكان أولها دير الخليل في العام 1997.

وبعد ثلاثة أعوام عاد البطريرك أليكسي إلى الأراضي المقدسة لمناسبة الاحتفال بمرور ألفي عام على ولادة المسيح. وفي هذه المناسبة على وجه التحديد تم تشييد مجمع للحجاج على أحدى الأراضي التي تملكها روسيا كما أعيدت الأرض التابعة للدير في أريحا للبعثة الروحية الروسية.

وفي العام 2004 استؤنفت أعمال بناء دير النساء في حين شهد العام 2007 موافقة الأردن على إعادة أرض كانت تملكها روسيا في مكان عمادة السيد المسيح على ضفاف نهر الأردن لبناء دير للحجاج.

خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة إلى الأراضي الفلسطينية تطرق إلى مسألة الأملاك، وتعهد عباس من جانبه بمساعدة الجانب الروسي على تسجيل أو إعادة تسجيل الأملاك إذا ما استوجب الأمر.

فهل سيحصل كيريل خلال زيارته على شيء ما يضاف إلى سجل استعادة الكنيسة لأمجاد الماضي؟

المصدر: السفير